ما ان القمت الجهاز بأسطوانة الـ «سي دي» حتى جاءني صوت عبدالله الفضالة (السليطي) يتهادى:
«ألا يا هل الهوى وأعز دالي(!!)
عديل الروح ما كان بصوابه
عشيري بالمحبة سم حالي
وأنا يا حسرتي قلبي غدا به»
فأعادني السامري لنصف قرن إلى الوراء، لبيوت الكويت القديمة، لشوارعها العتيقة و«سككها» المتربة وسيارة «البلدية» ترش ماء البحر عليها لترتفع أنفاس الارض العطشى في شكل أبخرة لا تزال الذاكرة تحتفظ بعبقها الغريب. وينتهي الحلم مع بدء النقر على مفاتيح البيانو مخرجة لحناً منسجما مع أغنية الفضالة ولكن بقالب غربي يحملك هذه المرة لشوارع فيينا وأزقة سالسبورغ المغطاة بأحجار الكوبلنك الصغيرة. ثم يتوقف الحلم تارة أخرى لتنتقل مع أغنية «عبداللطيف (العبيد) الكويتي، إلى حلم آخر وأنت تسمعه يغني «ما بلغ مقصوده، ليتبعها عزف موسيقي منفرد على البيانو للحن نفسه ولكن بنفس غربي واضح، وتنتهي الأحلام، أو الرحلة الخيالية مع شدو «محمود (النقي) الكويتي» وهو يغني:
«قلت أوقفي لي وارفعي البوشيه
خليني أروي ضامري العطشان»
وهنا أيضاً يعود بي الزمن مرة أخرى لدهاليز بيتنا القديم وزوايا الفريج ولحظات الانتظار الطويلة في السكة بانتظار نظرة من عيون صبية الحي وهي تتمايل مختالة ببوشيتها الجديدة وسحر غريب يصدر منها وكأنها الشوق والرغبة يسيران على قدمين.. ثم أعود وأصحو من سباتي على صوت «جليب نخم» الأجش، وهو يتمايل في مشيته وزميله الكفيف واضعاً يده على كتفه خشية الضياع.
آه كم كانت أيامه غريبة، وكم تغير الزمن والكثير الكثير منا وفينا وحولنا على الرغم من قصر الفترة، ولكن مع كل ذلك لا يزال طعم «حلو النارجيل» من بائعه «وردي»، بشفاهه الغليظة وشكله المتعب، لا يزال طعمها تحت لساني حتى اليوم.
يعيدنا سليمان الديكان مرة ثالثة ورابعة مع عزفه الرائع على البيانو للكويت القديمة تارة، وللخليج تارة أخرى لنعود إلى أجواء أوروبا ونسمع هناك أغنية لأحمد الزنجباري وأخرى لعبدالله الفرج وثالثة لعوض دوخي وبعدها لسعود الراشد وهكذا في جو يمتلئ بالنوستالجيا والحنين للماضي الجميل.
شكراً للفنان البروفيسور سليمان غنام الديكان على إبداعاته من خلال عمله الرائع «تراثنا الوطني» الذي يحتوي على مقطوعات مميزة من أغان كويتية قديمة مصحوبة بعزف يماشي ألحانها بشكل جميل على البيانو.
سي دي «تراثنا الوطني» عمل فني يستحق الاقتناء والاستماع له بين الفترة والأخرى.
• ملاحظة: لمعرفة كيف تعمل القوى الإسلامية بأسلوب مافياوي ما عليكم سوى مراقبة الوضع في القطاع النفطي، وهو شريان الحياة الوحيد للكويت، فقد استولى عليه «الإخوان» في غير غفلة من الزمن، وقاموا بتحويل جميع شركات القطاع لمزرعة خاصة بهم، وأجبروا أصحاب الكفاءات والخبراتالطويلة من المعارضين لاتجاهاتهم «السياسية» إما للتقاعد أو الانزواء أو في أحسن الأحوال، للعمل كمستشارين!!
أين أنت يا سمو رئيس الوزراء، ويا حكومة، من هذه الجريمة؟
أحمد الصراف
[email protected]