صنفت منظمة الصحة العالمية الكويت على أنها الثامنة عالميا من حيث السمنة، وذلك بنسبة وصلت الى أكثر من 74%!! ولو علمنا أن الدول التي تسبق الكويت هي ميكرونيزيا وكول ونوغا ونيبو وساموا وبالاو، وجميعها تقع في منطقة جغرافية محددة وسكانها ينتمون بشكل عام الى قبائل تعاني من نزعة وراثية نحو السمنة، فان هذا يجعل من الكويت «الأولى» عالميا من حيث السمنة، وهذا يعني تلقائيا أن لدينا أعلى نسبة اصابات بأمراض القلب، كما تنتشر بيننا امراض ضغط الدم والكوليسترول بنسبة أكبر حتى مقارنة بشعوب دول مجلس التعاون الأخرى التي تتقارب معنا في ارتفاع مستوى المعيشة المتمثل أساسا في البذخ بتناول الطعام، والشره الغريب للحلويات، بالذات في المناسبات الدينية والأعياد، وما أكثرها.
وعلى الرغم من أن تقارير الاتحاد الدولي لداء السكري تبين أن 80% من المصابين بمرض السكري يمكن وقايتهم من آثاره عن طريق التغذية الصحية والنشاط البدني، فإننا، حقيقة، الأكثر استهلاكا للأطعمة غير الصحية، كما أن نسبة ممارسي الرياضة بين الكويتيين لا تزيد على 4%!!
ولو علمنا فوق هذا وذاك أن ما يصرف على علاج الكويتيين، في الداخل والخارج، يبلغ أرقاما فلكية، فميزانية وزارة الصحة هي الثالثة ربما بعد الدفاع والتعليم، فبالتالي يتبين أن هناك خللا واضحا وخطيرا يتطلب سرعة التصدي له.
أستريد مواطنة كويتية من أصل أيرلندي وزوجة جراح معروف، ومهنية متخصصة في قضايا الاهتمام بالصحة على الرغم من ارثها العائلي وأصولها الأجنبية، فانها تشعر بامتنان كبير لوطنها الكويت الذي هو بالنسبة لها home و«هوم» تعني أكثر من بيت باللغة الانكليزية. وتقول ان هذا الوطن أعطاها وزوجها وابناءها الكثير. ومقابل ذلك، شعرت ــ وهي الأيرلندية المنبت، الكويتية الشعور والمواطنة أنها تود بكل محبة، أن تفعل شيئا للكويت التي يحمل ابناؤها وأحفادها مستقبلا جنسيتها. ولهذا قامت، وطوال سنتين، بالعمل على انجاز مشروع برنامج صحي يمكن أن يكون هدية لا تنسى من أب كبير لأبنائه المواطنين والمقيمين.
يتمثل المشروع باختصار في برنامج ضخم ومعقد يمكن عن طريقه رفع وعي المواطنين والمقيمين لما يتعرضون له من خطر صحي ان هم أصروا على الاستمرار في العيش بالطريقة الانتحارية الحالية. وكيف يمكن عن طريق هذا المشروع، الذي يحتاج الى سنوات عدة ليعطي ثماره، تغيير كامل عادات المجتمع وادخال الوعي الصحي في كل بيت، وبيان مخاطر الأمراض المصاحبة للسمنة وغير ذلك الكثير.
تقدمت أستريد بمشروعها المحترف الذي أخذ منها الكثير من الوقت والجهد والمال، الى جهة رسمية عليا، لكي يتم تبنيه على أعلى مستوى، وبالتالي يكون ملزما لجميع الجهات المعنية، ولا تزال في انتظار رد الفعل الايجابي.
نتمنى اهتمام الشيخ ناصر صباح الأحمد بهذا المشروع الحيوي الذي يفوق في أهميته بمراحل، أي أمر آخر، فالسمنة في الكويت ليست مشكلة، بل أصبحت، حسب تقارير الأمم المتحدة، وباء يتطلب التصدي له على أرفع مستوى وبأعلى ما يمكن من الاحتراف، فالوقت لا يعمل لمصلحة أي طرف، ومشروع السيدة أستريد، حتى الآن، هو الوحيد الذي تتوافر فيه المهنية والحرفية العالية المطلوبتان.
أحمد الصراف
habibi [email protected]