يعتبر السلف مجموعة من المتدينين، او غير ذلك، السائرين على هدى من سبقهم من في مرحلة ما من التاريخ.
ولو افترضنا ان السلف الصالح بمجموعه كانوا فعلا على صلاح واستقامة، لوجب على اتباعهم ان تكون اخلاقياتهم وسلوكهم اليوم تشبه، او على الاقل تقارب، ما كان الاولون عليه.
ولكن بتمحيص الوضع الراهن نجد ان الحقيقة خلاف ذلك تماما، وغير ما كانت عليه اوضاع ومواقف هؤلاء قبل سنوات قليلة فقط، فمواقف السلف «القديم» من قضية المشاركة في الحياة السياسية مثلا، من خلال اطر الحضارة الغربية، كانت واضحة تماما، حيث كانت ترفض مثل هذه المشاركة جملة وتفصيلا لكونها نوعا من الشرك بالذات الالهية، واعتمادها على مصادر تشريع غير التي يؤمنون بها وقبول لحكم لا يرتضون به، واعتماد على قضاء لا يثقون بمسوغ حكمه، ولكن فوز غرمائهم في الدين من الاخوان وغيرهم بالمغانم، وعدم ترك حتى الفتات لهم، دفع «كبار مفكريهم» لتغيير مواقفهم «المبدئية» والقبول بالمشاركة في اللعبة السياسية، وبالتالي السكوت عن كل الاعيبها ومداهناتها وخشها ودسها! فهل كان هذا هو برنامج حياة واسلوب عيش السلف الصالح؟
كما يقوم الكثير من المنتمين للسلف بامامة الصلاة في عدة مساجد مقابل اجر ومكافأة، فهل كان هذا من شيم السلف الصالح؟
ويقوم عدد آخر من المحسوبين عليهم، هيئة وتسمية، بالمتاجرة بقراءة القرآن على المياه والزيوت والبصق فيها وبيعها للسذج والمرضى النفسيين مقابل مبالغ مجزية، فهل كان هذا من وظائف السلف الصالح؟
كما «يستحرم» عدد منهم توقيع اي كفالات مقابل الحصول على تسهيلات او قروض من مصارف عادية بحجة معارضة دفع فوائدها للدين!! ولكن هؤلاء انفسهم لم يترددوا في الوقت نفسه من الاقتراض من هذه المصارف وقبول دفع الفوائد الربوية لها، على ان يتحمل بقية اخوتهم وشركائهم مسؤولية كفالة تلك التسهيلات والقروض، فهل هذا من صفات السلف؟
كما يحرص العديد من قادة السلف على الطلب من العاملات لديهم، او لدى الشركات التابعة لهم، ضرورة ارتداء الحجاب، وحتى النقاب ان امكن، في اماكن العمل، ولكنهم ينسون في الوقت نفسه انفسهم واهل بيتهم، فهل كان السلف الصالح يؤمن بالمزدوج من المواقف والوصولية؟
القائمة طويلة والواحد منا لا يحتاج الى ذكاء مفرط ليعرف ان المسألة برمتها ليست الا متاجرة بالدين واستغلال له للوصول لأعلى المناصب واكثرها ربحية ونفوذا، وهذا لا يعني عدم وجود البعض من السلف البسطاء الذين بقوا على عقيدتهم السابقة التي تكفر كل افعال هولاء وغيرهم، وهؤلاء لا يزالون على اعتقادهم بانهم، وهم فقط، الفئة الناجية من النار، ويا نار كوني بردا وسلاما عليهم.. وعلينا.
أحمد الصراف
abibi [email protected]