لمصر مكانة خاصة بالنسبة للكويت، فتأثيرها يمتد لعقود طويلة، وكنت متابعا لأخبارها منذ أكثر من نصف قرن من خلال أعداد الصحف والمجلات التي كانت تصل الى والدي بالبريد. وكانت مصر قريبة من الكويت وأصبحت سياسيا أكثر قربا بعد انقلاب يوليو 1952، عندما وقع الخلاف بين عبدالناصر وحلفائه من الإخوان المسلمين، بعد ازدياد «حنته»، ورغبتهم في مشاركته الحكم، فبطش بهم، وهنا هرب الكثير منهم الى الكويت والسعودية!
أكتب هذا ردا على تساؤل صديق عن سبب تكرار الكتابة عن مصر أخيراً. والحقيقة أن ما يصيبها سيلحقنا «طشاره» بطريقة أو بأخرى، وخرابها سيؤثر حتما فينا، وبالتالي لا نتمنى لها إلا الخير، ووصول مرشح متطرف دينيا الى رئاستها لن يكون في مصلحتنا، وأكثر هؤلاء تطرفا هو الداعية السلفي السابق حازم ابو إسماعيل، ويتطلب الأمر المساهمة في تعريته لمنع فوزه، هذا ان استطاع تجاوز قضية شطبه من قبل لجنة الانتخابات. فأبو إسماعيل من المؤمنين بتخفيض سن زواج الفتاة لــ 12سنة. ويدعي بأنه خبير اقتصادي ويعرف سياسيي أميركا، ولكن خطبه تقول عكس ذلك تماما. كما أنه مدافع شرس عن ختان البنات، بخلاف آراء كل الهيئات الدينية في مصر وغيرها. وقال انه سيفرض تفسيره الديني متى ما وصل الى السلطة، وهو مع فرض الحجاب، حتى على المسيحيين، بحجة أن دينهم يطالب بذلك! وتعرف عنه مجاهرته بكره الديانات الأخرى واتباعها، ولا ندري كيف سيتصرف، إن اصبح رئيسا للجمهورية، واضطر للسفر لدول يكرهها لطلب مساعدة ما، فهل سيتجرع السم ويسكت؟ ويؤيد ابو اسماعيل تحطيم التماثيل الأثرية، وهو مع فرض الجزية على غير المسلمين. ومعروف أنه أدلى بأكثر الآراء تطرفا عندما كان داعية تلفزيونيا يظهر يوميا على إحدى القنوات الدينية، وكانت له وقتها لحية كثة وغطاء رأس ويرتدي عباءة، ثم فجأة طلق الدعوة وتخلص من ثلثي لحيته ورمى غطاء الرأس وتخلص من العباءة واصبح أفنديا يرتدي البدلة الأنيقة وربطة العنق المميزة، وكل ذلك لزوم الترشح لمنصب الرئاسة! ومن اشهر فتاواه حرمة تناول البيبسي «لأن اسمها اختصار لــ Pay every penny saving Israel أي «ادفع كل بني انقاذا لإسرائيل»! وهو استنتاج سخيف وترجمة ركيكة. وعندما واجهه أحدهم في برنامج تلفزيوني بفتواه تلك، وان شركة البيبسي تأسست قبل إسرائيل بأكثر من نصف قرن، رد بأنها تأسست مع موعد أحد مؤتمرات الصهيونية في بازل! علما بأن بيبسي مشتقة من انزيم بيبسين الهاضم، المشتق من كلمة بيبسيس اليونانية التي تعني «الهضم»! وأخيرا إن فشل أبو اسماعيل في العودة لسباق الرئاسة بعد كشف تزييفه في اوراق ترشحه التي ذكر فيها أن والدته، الحاجة نوال، مصرية وليست أميركية، فإن الفضل في إنقاذ مصر منه يعود الى الحاجة وحدها! وأخيرا، فإن كل الأدلة على ما ورد في هذا المقال عن مواقف أبو اسماعيل تتوافر على اليوتيوب، فقد كان لدى الرجل مسهل في أحاديثه، وهو حتما لم يكن ليدلي بغالبيتها، لو كان «يحلم» يوما بأنه سيترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر!
أحمد الصراف