لكن ذلك الكاتب عندما هاجمني، وهو الذي يتبجح دائما بأنه الكاتب الذي لا يُهزم وأن قلمه أقوى من السيف البتار وأشرس من رجل الصرصار، امتشقت قلمي برواق ومزاج وضربته على قفاه الكريم، و«ضرب القفا فيه الشفا»، فراح يصرخ صراخ العوالم ويشتكيني لطوب الأرض ولكل عابر سبيل. هذا وهو يملك سلاحا كسلاحي وميدانا كميداني… ولهذا أقول للمصريين الغاضبين بسبب فيلم «اغتيال فرعون» الذي أنتجته إيران ومجدت فيه قتلة السادات، أقول لهم: حماية الوجوه بإخفائها خلف الأيدي لن يمنعكم من تلقّي الكف الثاني أو «القلم» العاشر… وليس أمامكم إلا المنازلة في الميدان وبالسلاح عينه، والبادي أظلم.
ولو كانت مصر مثل الكويت التي لا تمتلك الأدوات السينمائية لما عذرناها، فما بالك ومصر تتسيد الشرق الأوسط سينمائيا، ولديها من الأسلحة السينمائية ما يجعل خصومها يحكّون رؤوسهم وجباههم قبل التفكير، مجرد التفكير، بالمبارزة سينمائيا… أمر غريب فعلا، لا يمكن أن أصدق بأن مصر تسعى من خلال الوساطات لمنع عرض فيلم «اغتيال فرعون»! أين نجومها العالميون كعمر الشريف؟ وأين أبطالها الكوميديون من أمثال محمد سعد الذي يفكر كيف يضحك العقارب والسناجب بعدما أضحك البشر والحجر، وأين أحمد آدم الذي يُضحكك إلى أن تجوع، وأين الكوميدي الشاب أحمد عيد الذي يستطيع وبسهولة إضحاك دول بقواعدها البحرية والجوية، وهاني رمزي الذي أضحك القواقع والحيتان والشُعب المرجانية في الترع؟ وأين يحيى الفخراني وخالد صالح ونور الشريف وعادل إمام، و، و، و…؟ هل يعقل أن ترفع مصر يديها لحماية وجهها وتختبئ خلف تمثال رمسيس وهي تمتلك كل هذه الأسلحة والخبرة في حرب النجوم؟ لا يمكن.
ولو كان المواطن الإيراني بمستوى نغنغة ومنجهة المواطن السويسري، ولو كانت إيران تتصدر الترتيب العالمي للحريات، لما عذرنا مصر في غضبها وخوفها من المواجهة، فكيف نعذرها والمواطن الإيراني يعيش في خرابة يرفضها ذكر الذباب الزنان، ولا يقرأ ويشاهد إلا ما تسمح له به العمائم المسيسة، وما أدراك ما العمائم المسيسة.
مصر الآن ستضرب سينمائيا بشراسة لا هوادة فيها ولا يمه ارحميني، وسيكون إنتاج أفلام تنتقم لكرامة مصر فرض عين على كل سينمائيي مصر، وأقول «كرامة مصر» لأن الموضوع تجاوز إهانة السادات إلى إهانة مصر بأهلها وأهراماتها ونيلها… أشهر معدودة وستوقف مصر كل عمامة عند حدها الأدنى، فإيران بفعلتها هذه كاليابان عندما ضربت قاعدة بيرل هاربر الأميركية ليخرج المارد الأميركي من قمقمه ويقلب عالي اليابان واطيها، ومصر ستخرج من قمقمها السينمائي، وستترك، أو ستؤجل إلى حين، أفلام المخدرات والمقاولات وخذ وهات، وستلتفت بكامل رقبتها إلى من رماها بصخرة من الشرق لتوجه له أقمارها السينمائية، وسنضحك كثيرا حينها على ساسة إيران وهم يطلبون النجدة ويرفعون يافطات «الصلح خير» بعدما تتحول بطونهم إلى مفاعلات نووية…وما حك ظهرك مثل فيلمك.
اضبطوا ساعات أياديكم، وانتظروا ردة فعل مصر، والبادي نجادي.