تعيش الكويت اليوم الدقائق الأخيرة من فصل طويل في أزمة طويلة صار لها أعوام. أزمة الحكومة والمجلس، وأزمة القدرات الحكومية في مواجهة أعباء البيروقراطية والتنمية وتنويع المصادر، وأزمة العمل والانتاج، وأزمة صنع القرار وتطبيقه، وأزمه الوزراء في التعامل مع المجلس ومع أهداف وزاراتهم، وأزمة التعليم والصحة والعلاج والسياحة والجامعات والاختلاط.
ان حل مجلس الأمة رفع الكثير من قوة التوقعات على كل صعيد في الكويت. كما أن توقيت الحل والانتخابات في ظل الدوائر الخمس خلق حالة من التوقع الأكبر للمرحلة المقبلة. إن المطالبة بأن تحقق الكويت شيئا لمستقبلها أصبح أمرا ملحا في البلاد. فتصريح الشيخ محمد الصباح بأن المرحلة المقبلة سوف تشهد انفتاح، هو الآخر يصب في الرؤية والتوجه ذاتهما. إن الطبيعي بالنسبة للكويت هو الانفتاح، والانفتاح غير ممكن بلا إداره ناجحة منجزة ورؤية واضحة للمرحلة المقبلة. ان المتوقع بالنسبه للكويت هو أن تطرح رؤية متكاملة من قبل الحكومة لتحولها لبرنامج عمل متكامل. هكذا يجب أن يأتي كل وزير لينفذ هذا البرنامج أمام برلمان منتخب وشعب يبحث عن الجديد. السـؤال الرئيسي: هل ستشهد المرحلة المقبلة وجود حكومة أكثر قدرة على المبادرة وأقل توقفا أمام المصاعب والعراقيل وأكثر تصميما على تطبيق خططها وبرنامجها؟ كيف يمكن للحكومة أن تفعل هذا وأن تنتقي وزراء بينهم تضامن حقيقي وانسجام على أساس هذا البرنامج؟
ما نخشى منه في المرحلة المقبلة تحول البلاد نحو ضيق الصدر تجاه الصراع السياسي. ما نخشاه أن تأتي حكومة فيها من نقاط الضعف وعدم الانسجام وغياب الرؤية والتصورات ما يساعد النواب او بعضهم على الهجوم والتحول نحو الانقضاض. ما نخشى منه أن يكون عدم تجانس الحكومة مدخلا لهجوم النواب واستمرار الأزمات. بل أكبر ما نخشى منه أن تصل قطاعات من الدولة إلى فرضية الحل غير الدستوري والاعتقاد بأن في ذلك مخرجا للبلاد. بل الأخطر أن تتم تجربة هذا الطريق، الذي سوف يفشل حتما وينتج عنه تداعيات سياسية وفوضى في الصراع الكويتي – الكويتي الذي سيخرج عن الضوابط التاريخية واصول الحد الأدنى ما قد سيدفع البلاد للجمود والسقوط في المجهول. إن الخوف من الأزمة المفتوحة التي قد تجمد البلاد هو خوف مشروع يجب أن يكون سيفا مسلطا على كل القوى أكانت في السلطة التنفيذية أم التشريعية المقبلة. كما أن الوعي بالتعامل مع الوضع لن يكون مسؤولية جهة واحدة بل كل الجهات التي تتشارك مسؤولية البلاد وأوضاعها ومستقبلها.
هل تمر بالبلاد الفرصة الأخيرة، وهل هي فرصة لتحقيق شىء جديد للكويت؟ هل تستطيع الكويت أن تغير مجرى الأمور التي تراكمت في الأعوام القليلة الماضية؟ ان الفشل في المرحلة المقبلة لن يسجل فشلا لفرد أو لحكومة أو لبرلمان، بل سيسجل اقليميا كفشل للكويت. لقد خف الهاجس الأمني الذي كان جاثما أمام الكويت قبل عام 2003 وقد اختفت حالة التأثر والتي نتجت عن الغزو عام 1990، هناك فرص مواتية في أسعار النفط وفي البيئة الإقليمية تتطلب تحركا جادا. وتفويت كل هذا والانغماس في صراع عقيم لن يأتي إلى البلاد إلا بالاسوأ. إن المجلس القادم يجب أن يكون على مستوى المسؤولية، ولكن الحكومة القادمة يجب أن تكون أفضل حكومة تستطيع الكويت أن تأتي بها وذلك للتعاطي مع التحديات وانجاح المستقبل.