سامي النصف

الطريق إلى البيت الأبيض

استقلت اميركا في عام 1776 وبقي ما يربط دولها او جمهورياتها حبلا من رمال، كما قال واشنطون، حتى خلق الدستور الاميركي عام 1787 على يد جمع من العباقرة امثال توماس جيفرسون والكسندر هاملتون اللذين اختلفا فخلق الاول الحزب «الديموقراطي الجمهوري» وخلق الثاني الحزب «الفيدرالي» الذي فاز بأول 3 دورات رئاسية، حيث مثله جورج واشنطن لدورتين وجون آدامز الاب لدورة، ثم فاز منافسه الحزب الديموقراطي الجمهوري بسبع دورات متلاحقة آخرها فوز جون آدامز الابن، وبعد ذلك تم التحول للحزب الديموقراطي الذي نافسه الحزب «الوطني» ثم حزب «الويغ» وبدءا من عام 1860 بدأ التنافس بين الحزب «الجمهوري» الذي مثله الرئيس لينكولن والحزب الديموقراطي، وبدأت الحرب الاهلية، فتحول الجنوب الى مناصر للديموقراطيين حتى ان الرئيس الحالي جورج بوش هو اول رئيس جمهوري قادم من الجنوب، حيث ان والده جورج بوش الاب من الشمال.

ورغم ان هناك من الرؤساء الاميركان من كانوا عباقرة بحق مثل الديموقراطي متعدد العلوم والقدرات توماس جيفرسون، حيث استضاف ذات مرة الرئيس كنيدي 50 من حملة نوبل للعلوم المختلفة وخاطبهم بالقول انه لم يسبق للبيت الأبيض ان التقى على مائدة عشاء بمثل هذا الكم من العباقرة عدا المرات التي كان فيها الرئيس جيفرسون يتعشى فيها هنا وحده، ومثل ذلك الرئيس الجمهوري تيودور روزفلت الفارس والمخترع والكاتب والحائز على جائزة نوبل للسلام ومؤلف 50 كتابا في مختلف العلوم الانسانية، فالحقيقة تُظهر ان الرئيس الاميركي هذه الايام لا يحتاج الى ان يكون عبقريا او اداريا من النوع الممتاز، بل يكفي ان يكون قادرا على التعامل مع وسائل الاعلام وكسب قلوب الناس، حيث يتكفل فريقه بالباقي، ونذكر هنا دور كارل روف مستشار الرئيس بوش الحالي الذي دس في ورقة انتخابات 2004 استفتاء على زواج المثليين، فأخرج جميع المتدينين الاميركان من منازلهم كي يصوتوا ضد ذلك الزواج ويصوتوا في الوقت ذاته للرئيس بوش، وقد زرع فريقه ضمن الانتخابات المقبلة استفتاءات مماثلة عن الاجهاض وغيره كوسيلة لدعم المرشح ماكين.

ومنصبا الرئيس ونائب الرئيس لا ينتخبان مباشرة من الناخبين (وحتى عام 1903 كان اعضاء مجلس الشيوخ يتم تعيينهم وليس انتخابهم من قبل الولايات المختلفة)، بل يتم انتخابهم من مندوبين عن الحزبين وعددهم 538 (نصفهم 270 مندوبا)، وقد حاز الرئيس جورج واشنطون في دورتيه «جميع» اصوات المندوبين، ولم يتكرر ذلك قط ويسمى هذا اجتياحا (Landslide)، وحقق قريبا من هذا الاكتساح الرؤساء مونروا ولينكولن وفرانكلين روزفلت ونيكسون وريغان عام 1984 امام مونديل ونائبه جيرالد فيراريو، حيث فاز بـ 525 مقابل 13 مندوبا، وفي حال تساوي اصوات المندوبين يختار مجلس النواب الرئيس ومجلس الشيوخ نائب الرئيس ويحدث احيانا ان يحصد الرئيس الفائز اكثر بأصوات المندوبين واقل بأصوات الناخبين وقد خسر آل غور رغم حصوله على 51 مليونا مقابل 50.5 مليونا للرئيس بوش.

وانتخابات هذه الايام تشابه انتخابات عام 1988 عندما كان من المتوقع ان يفوز الحزب الديموقراطي بعد دورتين للحزب الجمهوري، الا ان اختيارهم لمرشح صاحب اسم غريب هو دكاكيس ذو الاصول اليونانية الذي اتهم بعدم الخبرة السياسية، فاختار نائبا كفؤا كبير السن من تكساس مما جعل الناخبين يقولون ان النائب افضل من رئيسه، مما اساء إليه، كما اساء له التقاط صورة وهو مبتسم كالأهبل فوق دبابة عسكرية مما جعل الرئيس بوش يفوز عليه باكتساح وهو ما تسبب في وقوف اميركا معنا عام 1990 – 1991.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *