محمد الوشيحي

من سعد إلى الحربش

لم أكن أجهل ما وراء الجبل عندما كتبت مهاجما تسييس القبيلة وتدخل شيوخ القبائل في السياسة وفرض آرائهم على أبناء قبائلهم، وكأنّ أبناء القبائل العاديين على كفالة الشيوخ… كتبت المقالة وتوجهت إلى منزل الزميل سعد العجمي الكاتب في جريدة الجريدة لتناول العشاء، أو «الغبقة» كما نسميها بلهجتنا المحلية، وكنا في رمضان، وما أن استويت في مجلسي حتى صدرت الصحيفة، وبدأت أمطار الاتصالات تنهمر عليّ بشدة، فعلمت بأن بيارق الحرب ارتفعت، وأن الطبول ضُربت، وأن الخيل سُرّجت، فقلت لمحب اتصل بي: «لا عليك، غضبُ الشيوخ أو بعضهم سببه الخوف على نفوذهم، وشيوخنا نجلهم وسنحارب بشراسة لتثبيت مكانتهم الاجتماعية، لكننا سنحارب بصورة أشرس لتحرير الآراء السياسية لأبناء القبائل من قيود الشيوخ»، فأبدى استعداده للوقوف معي، بل وذهب إلى أبعد من ذلك: «سأجمع تواقيع بعض أبناء القبائل وسننشر إعلانا في الصحف تأييدا لرأيك»، فرجوته ألا يفعل كي لا يعتقد الناس مخطئين بأننا في صراع مع شيوخ قبائلنا. متابعة قراءة من سعد إلى الحربش

سامي النصف

هل نحن حكومة رأسمالية وشعب ماركسي؟!

في جميع الديموقراطيات تعكس الحكومات صورة ورغبات شعبها، في بلدنا الحبيب هناك وضع غريب، فالحكومة رأسمالية بالمطلق حيث تؤمن بالانفتاح والاستثمار واعطاء القطاع الخاص دوره في عملية التنمية، وهو أمر يتطابق مع نصوص الدستور التي ترى ان رأس المال والعمل هما مقومان أساسيان لكيان الدولة.

هذا الفهم وتلك السياسة تتطابق كليا مع مفهوم «الحكومة الصغيرة» السائد في العالم أجمع حيث تخلت الحكومات عن ملكياتها العامة بطريقة متدرجة وصحيحة (وليس كحال مخطط تدمير «الكويتية») واستبدلت دور المالك بدور المدير والمنظم لتلك الملكيات الخاصة، ولم تمانع الشعوب بالمقابل من التحول من العمل لدى المؤسسات العامة الى العمل لدى الشركات الخاصة دون ان يرى أحد ان في ذلك تحولا الى «صبيان» لدى من سيدير تلك الشركات كما أُطلق على نهج الخصخصة لدينا.

وبالطبع هناك فروقات بين الدول فالقطاعان العام والخاص في أميركا أو تونس يعمل بهما مواطنو هذين البلدين لذا لا فرق كبيرا بين الملكيات العامة والخاصة وهذه قضية مهمة جدا يجب النظر لها بشكل جاد عند الحديث عن الخصخصة في الكويت حيث يعمل 98% من الكويتيين لدى الحكومة و2% فقط لدى القطاع الخاص مما يخلق خشية مبررة لدى المواطنين ونوابهم في البرلمان من طردهم لدى التحول لنهج الخصخصة واستبدالهم بالعمالة الآسيوية الرخيصة، وما في ذلك من تعارض صريح مع المادة 16 من الدستور التي نصت على ان لرأس المال «وظيفة اجتماعية» في الكويت.

ان ذلك التخوف المشروع لدى المواطنين من الخصخصة والتحول لنهج القطاع الخاص يجب ألا يتحول الى عداء له والإيمان أكثر وأكثر بالنهج الماركسي الداعي لتملك الدولة كافة وسائل الإنتاج كي تقوم بتوزيع عادل لثروة البلدان، فذلك المبدأ الجميل بمظهره قد جُرّب سابقا في الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية وبعض بلداننا العربية فأدى الى دمار شامل في اقتصادياتها وتحولها الى الفقر والمجاعات ويكفي هذه الأيام مقارنة أحوال كوريا الجنوبية بكوريا الشمالية.

ولا يمانع عادة الأميركان ونحن في أشهر انتخاباتهم من انتخاب الأغنياء والأثرياء للمناصب العامة من رئيس جمهورية وحكام ولايات وأعضاء في مجالس الشيوخ والنواب، حيث ترى أغلبيتهم ان ذلك أمر محبذ كون الثراء قد يدل على الذكاء والانجاز فما الخطأ في استخدام مواهب المرشح الخاصة التي أفاد بها نفسه لإفادة وطنه، كما يرون ان الثري أو ميسور الحال بالوراثة يعني انه صُرف عليه وحاز تعليما خاصا مميزا فلماذا كذلك لا يستفاد من خريجي مثل ذلك التعليم كإضافة للبلاد.

وأمر آخر يحبذونه في المرشحين الأثرياء، وهو ان ذلك الترشيح يجعل كبار الأثرياء يتنافسون على كسب ود مشاعر الناخب العادي مما يساعدهم على فهم متطلبات الشعب عامة، أما ما يرفضونه فهو من يشعرهم بأنه من «النخبة» أو من طينة مختلفة ومن ذلك فقد اسقطوا في الانتخابات الماضية المرشح الرئاسي جون كيري كونه قال ذات مرة انه يجيد الفرنسية بطلاقة، وانه يمارس رياضة التزحلق على الجليد التي لا يمارسها العامة، كما يحاول هذه الأيام المرشح ماكين دمغ منافسه أوباما بأنه من النخبة التي تدرس في هارفرد وانه أشبه بالثريتين المرفهتين پاريس هيلتون وبريتني سپيرز.

احمد الصراف

رسائل سعود وتايكو

وردتني قبل عشر سنوات تقريبا رسالة مسجلة وأنيقة تحتوي على صور لخاتمي ألماس، وأعلمني المرسل أنني قد فزت بالخاتمين، ضمن سحب اجري لحملة بطاقة ائتمانية شهيرة، وبأن المطلوب مني ارسال القياس الدقيق لحجم اصبعي واصبع زوجتي فقط، ليتم تعديل الخاتمين طبقا لذلك، وارفاق القياس بمبلغ 25 دولارا لتغطية مصاريف التعديل والبريد، حيث ان شركة بطاقة الائتمان دفعت قيمة الخاتمين الجائزة فقط!
بالرغم من جدية العرض، لتضمنه شعار شركة سويسرية واسم والعلامة التجارية لشركة بطاقة الائتمان الا انني شعرت من اللحظة الاولى انها خدعة مكشوفة ورخيصة، فليس هناك، كما يقال في الانكليزية، غداء مجاني!!
اخبرت جمعا من الاصحاب بالقصة محذرا اياهم من الوقوع في مثل ذلك الفخ، ولكن فاجأني اكثرهم «فهما ودرسا»، ومن خريجي اميركا، بالقول انه سيرسل المبلغ ويرى، فربما كانوا صادقين في عرضهم، خصوصا ان المبلغ المطلوب لا يتجاوز السبعة دنانير!! ولا يزال صاحبنا، ومنذ عشر سنوات بانتظار خاتميه!
اكتب ذلك بمناسبة زيادة وتيرة وتنوع حالات النصب والاحتيال التي تتعرض لها مجتمعاتنا، الجاهلة والمتخمة بالاموال والطماعة ايضا، فمن عمليات نصب على الانترنت، الى يانصيب في اسبانيا مرورا بعرض مغر للمشاركة في صفقة نفط في لندن، ووصولا الى رسالة هاتفية قصيرة انتشر استلامها في الكويت في الايام الاخيرة، تحمل لاصحابها بشرى فوزهم بسيارة رياضية شهيرة، وما عليهم سوى الاتصال برقم هاتف محدد في كينيا لتعطى لهم التفاصيل!! المشكلة تكمن في ان الفائز، او الساذج، المتصل على رقم الهاتف المدون في الرسالة سيكتشف عند استلامه لكشف مكالماته من شركة الهواتف النقالة، او الارضية، انه قد دفع عشرة اضعاف تعرفة المكالمة الخارجية العادية دون ان يفوز بسيارة او حتى بصورة لها!
لا اكون مبالغا لو قلت بأن اصحاب هذه الفكرة قد حققوا مبالغ طائلة من وراء عشرات آلاف حتى مئات آلاف مكالمات الهاتف التي وردتهم من اولئك السذج الشرهين الذين اعتقدوا ان بإمكانهم الفوز بسيارة ثمينة مقابل.. لا شيء!
* * *

ملاحظة:
نشكر الاخوة والاخوات سعود وتايكو وسعد وخليل ووبرة ونانسي الذين ارسلوا لنا نصوص تلك الرسائل التي وردتهم على هواتفهم النقالة طالبين منا الكتابة عن الموضوع وتحذير المواطنين من هذا النوع من النصب والاحتيال.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

كلمة لكم يا أهالي المحرق

 

ليس في مقدوري أن أحدد رقما بالضبط، لكن الاتصالات التي وردت من الأحبة أهالي مدينة المحرق العامرة كثيرة ليس بإمكاني عدها… لكنها المرة الأولى التي أتسلم فيها مكالمات يومية بهذا الحجم، والسبب، أو الدافع وراء تلك المكالمات التي وردت من الطائفتين الكريمتين هو توجيه كلمة شكر متبوعة بتأييد… ولكن على ماذا؟

القصة باختصار، ترجعنا إلى قبل أسبوع مضى عندما نظمت «جمعية الهدى الإسلامية» في قرية الدير، لقاء تحت عنوان «التعايش بين الطائفتين في مدينة المحرق» حضره الكثير من أبناء المدينة من الطائفتين، وتحدث فيه الشيخ راشد المريخي، وهو اللقاء الذي جاء بمناسبة إحياء ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي (ع) في جامع الدير الغربي.

وأعتقد أن الكثيرين قرأوا وتابعوا ما نشرته «الوسط» كتغطية لذلك اللقاء الذي وجدته مهما للغاية، ونافعا وصادقا ويتماشى مع تطلعات القيادة في توحيد الصفوف وإزالة أسباب الفرقة والخلاف بين أبناء البلد، فاللقاء جاء لإحياء مناسبة دينية هي خاصة بأبناء الطائفة الجعفرية، لكن وجود إخوانهم من الطائفة السنية الكريمة في لقاء يعقد في بيت من بيوت الله، وتحت شعار «الأخوة الإسلامية» لهو شيء مهم حتى وإن انتقص الآخرون من مثل هذا اللقاء ووصفوا كل المتحدثين والحضور بأنهم من «المنحرفين عقائديا» وهي الفكرة التي ترسخت في نفوس ذوي العقول الصدئة الذي يرون في أنفسهم أوصياء على الدين وأنهم حماته.

ليس أولئك هم من يهمنا، فالذي يهم هو أن يكون التعامل مع هذه القضية نابعا من صدق وإخلاص وليس مجرد شعارات جوفاء… لقد كانت الاتصالات التي وردت ولاتزال، تعقب على مداخلة قدمتها في اللقاء بعد انتهاء محاضرة الشيخ المريخي، التي ركزت فيها على حاجتنا إلى التعامل الصادق لعلاج «الطائفية» من جانب علماء الأمة من الطائفتين، كما أن على جميع المواطنين أن يتصدوا للأفكار المنحرفة التي تصدر عن كل طائفة، سواء إن اتجهت هذه الطائفة اتجاه شتم الصحابة وأمهات المسلمين لإشعال العداوات والكراهية والفتنة، أو اتجهت تلك الطائفة إلى تكفير الشيعة والضرب في معتقداتهم وإخراجهم من ملة الإسلام… متى ما توقف هؤلاء وأولئك عن هذا العمل القبيح، ستجد الباحثين عن الفتنة يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عن أي شيء يعيدون به إشعال فتيل النزاع والتقاتل من جديد.

وحين يتفق معي غالبية من حضر اللقاء من أهالي المحرق من الطائفتين الكريمتين، أو حين يتصل أحد المسئولين ليؤكد الحاجة إلى أهداف مثل ذلك اللقاء، وأنه أنموذج لفعاليات مكثفة قادمة يجب أن تستمر، فإنني لا أدعي كوني قياديا ضمن هذا المسار التوحيدي الوطني المخلص، ولكنني كنت ومازلت مجرد مواطن حضر اللقاء، وقال ما قدره الله أن يقوله من كلام، ولست أجد نفسي مبتعدا عن الكتابة عن موضوع «الطائفية» أبدا، لأنني وجدت ثماره يانعة… فأصحاب النفوس الطيبة يزدادون تألقا وكرما، وأصحاب النفوس الدنيئة يتمرغون في وحل العفن والأحقاد.