د. شفيق ناظم الغبرا

التجربة التركية ونجاح حزب العدالة

إن نجاح حزب «العدالة والتنمية» التركي في البقاء في مواقعه السياسية يمثل حدثاً على قدر كبير من الأهمية لمنطقة الشرق الأوسط. بل لو قامت المحكمة التركية بالتصويت ضد الحزب ووجوده في الحكومة ورئاسة الدولة لكانت تركيا قد دخلت في أزمة سياسية كبيرة. إن ما وقع من تهديد بحل حزب فاز في الانتخابات يؤكد أن تركيا بحاجة إلى مزيد من الإصلاح السياسي لكي لا يتكرر هذا الأمر، والذي في جوهره يعكس ضعفاً في الديموقراطية التركية التي صاغ دستورها نظام عسكري. لقد تفادت تركيا بالتصويت الأخير في المحكمة العليا، وبفارق صوت واحد، أزمة حقيقية كان بإمكانها لو وقعت أن ترسل رسالة سلبية للقوى الإسلامية كلها في العالم الإسلامي عن عدم شرعية الطريق الانتخابي في العمل السياسي، كما حصل في الجزائر في أوائل التسعينات. ما وقع في تركيا أكد أن الطريق الشرعي وصناديق الاقتراع هي الطريق لكل حزب إسلامي يسعى إلى لعب دور في قيادة بلاده بما فيها من تشكيل حكومة أو الوصول إلى البرلمان. متابعة قراءة التجربة التركية ونجاح حزب العدالة

سامي النصف

المقال في أزمة العمال البنغال

هل تريد أن تصبح من أصحاب الملايين في لحظة؟! الفرصة لم تفت والقضية أسهل مما تتصور، فما عليك الا ان تؤجر مكتبا 4X3 امتار وتستخرج رخصة جلب عمالة، ثم تتقدم بالعطاءات لجلب آلاف العمالة لسد حاجيات الوزارات والمؤسسات المختلفة براتب 5 دنانير للراس، وسترسو عليك المناقصات طبقا لقاعدة «أقل الأسعار» الشهيرة، ثم ما عليك بعد ذلك الا ان تتسلم من الجهة الحكومية رواتب العمال ثم لا تعطيهم شيئا وتتركهم يشحذون لقمة عيشهم.

ان احد أوجه معضلة العمالة هو عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور وعدم تعديلها تباعا لمواجهة الغلاء الفاحش في الكويت، كذلك فاحدى مصائب قضية العمالة هي الشركات «الطرثوثية» التي تنبت على الأرض دون ملاءة مالية والتي ما ان تحدث مشكلة لها مع الجهة الحكومية حتى تتوقف الشركة المعنية عن صرف رواتب العمال المستضعفين فيها، لقد خرجت كبرىات شركات العمالة المحترمة من السوق وحلت محلها شركات طارئة يقف خلفها بعض المسؤولين والنواب بقصد الاثراء السريع.

وأحد الأمور الخاطئة هو الاعتماد على العدد لا النوع في مناقصات التنظيف، فأغلب مناقصات تلك العمالة يمكن الاكتفاء بنصف او ربع عددها، فمن يزر مستشفيات ووزارات الدول المتقدمة يجدها في أحسن حال دون الحاجة لمئات الألوف من عمال السخرة الذين يملأون الطرقات والشوارع، ان عمالة نوعية أقل براتب أكبر، افضل من عدد كبير برواتب اقل يؤدون لنفس النتيجة.

ولاشك في أن هناك فساداً ينخر في بعض الجهات الحكومية المتعاملة مع قضايا الكفالة والعمالة التي اسماها البعض «النفط أو التثمين» الجديد، اي ان من تمكن منها وعرف خفاياها اصبح كمن اكتشف حقل نفط في داره، ان اصحاب الاسماء المتداولة في «تجارة البشر» المغموسة بالعرق والدم هم من تفترض مناصبهم بهم ان يكونوا اول المحاربين لتلك الجريمة الشنعاء غير المغتفرة.

يتبقى ان تلك الثغرات والمظالم قد اتاحت لبعض العاملين في السفارات التدخل السافر في شؤوننا الداخلية من تحريض على الاضراب والحرق والتظاهر، وهو امر خطير للغاية، حيث ان الكويت تضم رعايا 160 دولة، ومتى ما اعطي للسفارات حق التدخل في شؤوننا الداخلية فسنصبح «مطقاقة» للجميع وفرجة بين الأمم، وفي هذا السياق علينا الا نتدخل في شؤون الدول الاخرى عندما يتجاوز احد طلبتنا او مواطنينا على الآخرين في بلدانهم، وعامل الناس بما تحب ان يعاملوك به.

آخر محطة:
شاهدت لقاء ممتعا ضمن برنامج «نجوم على الأرض» مع الزميل فؤاد الهاشم وكان مما قاله بعد خبرة 30 عاما في مجال الاعلام ان الكتابة الساخرة هي موهبة وقدرة تولد مع الانسان وتصقل بالقراءة والاطلاع وليست قرارا يتخذه الفرد لنفسه، اوصلت ذات مرة مثل تلك النصيحة «بالسر» لأحد الكتاب ممن كانت تعجبنا مقالاتهم حتى لا يغير اسلوبه ويسيء لنفسه ولمن يحاول تقليد كتابته الساخرة فغضب وكتب ما كتب في الأمس القريب، قديما قيل: النصيحة بجمل، هذه الايام النصيحة المحبة تسبب الزعل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

احمد الصراف

يوم فقدنا إنسانيتنا

أقدم ثلاثة لصوص على سرقة محل تجاري في منطقة منكوبة، تم ابلاغ الجهات الأمنية التي تحركت وداهمت اللصوص وقبضت على أحدهم وفر الآخران، قام ضابطان وعريف بملاحقة اللصين اللذين لجآ إلى شقة في عمارة سكنية، وعند محاولة القبض عليهما خرج آخرون من الشقة واعتدوا على الضابطين، ونجحوا في خطف العريف إلى داخلها، وهنا حاول ضابطا المباحث اقتحام الشقة، ولكنهما واجها مقاومة «شرسة»، فطلبا اسنادا فحضر، وتمكنوا بعد جهد من دخول الشقة وتحرير العريف الذي تبين انه أشبع ضربا وركلاً، وكان في حال يرثى لها، وقد رفضت الشرطة قبلها التفاوض مع الخاطفين واطلاق سراح زميلهم مقابل اطلاق سراح العريف، وانتهت «المعركة» بالقبض على 7 مجرمين ونجاح 20 في الفرار، وقيل ان جميعهم كانوا من «البدون»!!
كالعادة، أبدت القيادات الأمنية «انزعاجها» من الحادث، وعزت نجاح 20من المعتدين في الهروب إلى كثرة عدد المعتدين وقلة عدد أفراد الشرطة!!
هذه حادثة ليست غريبة، فقد وقع ما يشابهها الكثير، وسنسمع الاكثر في القريب من الأيام مع اشتداد معاناة «البدون» وذويهم، فسوء أوضاعهم المأساوية لا تختلف كثيرا عن سوء أوضاع العمالة البائسة في الشوارع والمستشفيات ومختلف الدوائر الحكومية، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر، فدفعهم الضغط إلى الانفجار وفضح الوضع البائس الذي يعيشون فيه.
لقد حذرت أكثر من جهة لها تقديرها واحترامها من قنبلة «البدون» وانها على وشك الانفجار في وجه الجميع، وان تأخر انفجارها لبعض الوقت.
فالانفجارات والاحداث الصغيرة التي تقع بين فترة وأخرى ما هي إلا مقدمات وفتح شهية لأحداث أكبر وأخطر، ولكن لا أحد يود مناقشة الموضوع بجدية، نعود إلى قضية الاعتداء تلك، ونأسف لهذه السلبية في التعامل مع مثل هذه الأحداث، ومحاولة معالجة كل حالة على حدة.
ربما ليس مطلوبا من الجهات الأمنية القيام بأكثر مما تقوم به حالياً في سبيل حفظ الأمن، ولكن قضية هؤلاء أبعد بكثير من حدود مسؤولياتهم، وأعمق بكثير من قدراتهم!! فالقضية أخلاقية وسياسية واجتماعية، وبالتالي تتطلب قراراً على أعلى مستوى، فلا يجوز ابقاء الوضع على ما هو عليه، فقيام مجموعة من الشباب من غير محددي الهوية الذين لا سند لهم باقتحام مجمع تجاري وسرقته، ومن ثم التصدي لرجال الأمن ومقاومتهم واللجوء إلى شقة في عمارة والاعتداء على ضابطي مباحث وحجز عريف شرطة واشباعه ضربا وركلا ومن ثم التجرؤ وطلب التفاوض مع قوة الداخلية على اطلاق سراح زميلهم اللص المحتجز مقابل الافراج عن الرهينة العريف، والاستمرار في المقاومة والتصدي ونجاح عشرين منهم في الفرار من الحصار، كلها امور تدل على ان المسألة خطيرة وخطيرة جدا، وما قام به هؤلاء يدل على ان الكيل قد طفح بهم، واوصلهم إلى تلك الشراسة في المقاومة التي تعني بلوغ مرحلة اليأس، بعد ان صعب الحصول على لقمة العيش بالطرق المعتادة.
ومن المهم هنا الاشارة إلى الدور السلبي لجمعيات تجميع الاموال وتمويل الارهاب والصرف على توافه الامور خارج الكويت، في الوقت الذي توجد فيه بيننا عشرات الآلاف من الانفس البشرية المحرومة من الماء النظيف والطعام الكافي والطبابة والتعليم، وفوق كل هذا، لا تعرف شيئا عن مستقبلها وتفتك بها المخدرات وينهشها الاجرام وينتشر بينها خطف الصبية والفتيات، ونحن لا نفعل شيئا غير ابداء تكدرنا وانزعاجنا من وقوع هذه الحوادث.

أحمد الصراف