محمد الوشيحي

مهرة العين

«والغواني يغرهن الثناءُ»، وهي لا تنتظر ثناء أحد- وإن كان ثناؤهم عليها مدرارا – إذ تثني على نفسها بنفسها: «أتحدى البنات جمالا وذوقا وعطرا وغنجاً، أتحداهن جميعا»! واثقة هي إلى ما بعد حدود الثقة. وهي محقة فلم تغش نفسها. قاتلها الله ما أجملها… في محيطها، هي سيدة الزمان والمكان. يهندم الكلام ملابسه في حضورها، ويعيد تسريح شعره، فـ «لا صوت يعلو في حضور الفاتنة». الحياة تبدأ وتنتهي بضحكتها ودمعتها، هكذا يشعر الحضور. إذا ضحكت تراقص الفراش، وإذا بكت ساد الخشوع وصغرت الدنيا في العيون وتساءلت العقول: «هذه تبكي؟ فمن يضحك إذاً؟!»، أما إذا تغنت طربا وعشقا فسيتعطر الهواء. رقيقة هي وقاسية. هادئة صاخبة. تراقبها الأعين الحيرى أين حلت وارتحلت، وتتبعها القلوب الظمأى أين سارت وانتقلت. متابعة قراءة مهرة العين

د. شفيق ناظم الغبرا

تطورات إقليمية

سريعة المفاجآت في منطقة الشرق الأوسط. فقد استقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفتحت الاستقالة الباب لمعرفة اتجاهات الرأي الجديدة في إسرائيل، فهل سنرى مزيداً من الصراعات الداخلية الإسرائيلية أم استعداداً للتسوية في حال انتخاب حزب «كاديما» لوزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني كرئيسة له؟ فليفني تمثل جانباً من السياسيين في إسرائيل ممن لديهم القدرة للتحول نحو السلام، أما من جهة أخرى، فيمثل وزير المواصلات شاوول موفاز جانباً من السياسيين الإسرائيليين ذوي الخلفية العسكرية والقتالية ممن سيسعون إلى استخدام مزيد من القوة في حال أصبح هو رئيس حزب «كاديما». أما في حال حصول انتخابات عامة على منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما يدعو نتنياهو، فمن المتوقع والممكن أن يفوز «الليكود» بقيادة بيبي نتنياهو، مما سيدفع بالأوضاع إلى المواجهة، خصوصاً مع إيران، إضافة إلى أن المسار السوري – الإسرائيلي (وآفاق التهدئة مع الفلسطينيين) سوف تتعرض إلى انتكاسة. متابعة قراءة تطورات إقليمية

سامي النصف

هل اتعظنا حقاً من الاحتلال؟!

في البدء العزاء الحار لآل البحر والمرزوق والقطامي الكرام في فقيدهم المرحوم جاسم محمد البحر، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

تحوّل الأمم الحية كوارثها إلى دروس تدفعها إلى الأمام وتمنع تكرار المصائب والويلات التي مرت بها كنوع من تكريم شهدائها حتى لا تذهب دماؤهم المسفوكة هدرا، فهل استفدنا حقا مما حدث في 2/8/1990؟! يعتقد كثيرون، وبأسف شديد، اننا لم نستفد شيئا من تلك الفاجعة الكبرى وتلك بذاتها فاجعة أخرى.

انفردت الكويت قبل الاحتلال الغاشم دون جاراتها أو غيرها من دول العالم بتفشي مقولة «اننا دولة مؤقتة» فمبانينا وجسورنا وتشريعاتنا، وقبلها تصرفاتنا، تدل دلالة اكيدة على ذلك الأمر حتى اننا توقفنا عن عمليات بناء المشاريع تصديقا لتلك القناعة الراسخة، وتفرغ كثير منا لتعبئة سياراتهم وقبلها حساباتهم الشخصية من محطة البنزين المؤقتة المسماة «الكويت».
 
حدث الاحتلال وبكينا دما على الوطن الذي اضعناه وعاد البعض منا هذه الأيام يتعامل مع وطننا مرة أخرى على انه وطن مؤقت زائل.

ومن امراض ما قبل الاحتلال التي تكررت بعده: عدم تسليم الأمور في وزارات ومؤسسات الدولة الى الاكفاء والأذكياء والأمناء كما تقوم بذلك الدول الدائمة والباقية إلى الابد، واستبدل ذلك بايصال غير المقتدرين من المؤمنين للاسف الشديد بأن «البلد رايحة رايحة لذا اخذ منها ما اتخذ»، ان وجود الرجل غير المناسب في المناصب يثير الحنق واليأس في الداخل ويغري الطامعين في الخارج فلماذا نقوم به؟! لا ادري.

وأحد الأسباب المهمة التي اوصلتنا للاحتلال: الولاءات للغير والخلافات السياسية التي سمع بها القاصي والداني و«على شيء لا يسوى» والتي اوصلناها للجيران ومن ثم ادخلنا الدب الطامع والجائع لحقلنا ثم استغربنا بعد ذلك انه عاث به فسادا ودمارا، فهل تعلمنا من ذلك الدرس، وهل توقفت خلافات الفقاعات السياسية المتوترة والتي فاقت حربي «داحس والغبراء» و«البسوس» في سخافة اسبابهما وطول ازمانهما وزايدت على حمقى بيزنطة في غفلتهم وجهلهم بالاخطار المحيطة بهم.

واحدى كوارث ما قبل الاحتلال: تحكيم العاطفة في الأمور التي يفترض ان نحكم العقل بها فقد اندفعنا بدافع العاطفة للتأييد المطلق لصدام حتى لم نر مخالبه وهي تمتد وسكاكينه وهي تشحذ، وامتدت بنا العاطفة – لا العقل- حتى اعتقدنا انذاك اننا الدولة الثالثة العظمى بعد روسيا واميركا (الثانية هذه الايام بعد سقوط الاتحاد السوفييتي).

ان النفس تموت كمدا ونحن نرى ملف علاقتنا بالدول الأخرى، العظمى منها والجيران، قد ترك لهذا النائب أو ذلك الكاتب أو ذاك السياسي ليفتي فيه عاطفيا بعيدا عن تحكيم العقل البارد مما يهدد بافدح المخاطر والاضرار على بلدنا و«لن تسلم الجرة في كل مرة».

آخر محطة:
في غياب الوعي والقانون والردع والزجر احال البعض الكويت الى مكبّ نفايات بحجم كبير، فأين الدولة واين حماة الوطن واين الكويتيون؟! هل الجميع جاهز للرحيل وترك الوطن؟! وصلتني بالأمس تلك العبارات القوية بالبريد الالكتروني من الصديق عمر القاضي ومعها صور أخرى تظهر تدمير البيئة البحرية بعد الانتهاء من تدمير البيئة البرية في الجنوب.

احمد الصراف

سنة طفحة اللحى*

لن نشمت في حكومتنا، ولن نكتب فرحين بأن ما توقعنا حدوثه من قبل قد حصل، على الرغم من أننا كتبنا عنه عشرات المرات، فوصمة الأحداث العمالية الأخيرة التي وقعت في عدة مناطق لا يمكن أن تمحى من سجل حقوق الإنسان لدينا بسهولة، والعار يشملنا جميعا.
ستنتهي أحداث الشغب هذه بطريقة أو بأخرى، وسيتم ترحيل المئات، وربما الآلاف، من العمال المضربين، فجحافل وزارة الداخلية وقواتنا الخاصة المدججة بالقنابل والرشاشات الأوتوماتيكية جاهزة للتدخل في اي لحظة لإعادة الأمور، ولو ظاهريا الى سابق عهدها، ولكن هل هذه نهاية المطاف؟
أين ذهبت الحقوق المالية والإنسانية لهؤلاء البؤساء، أو حتى المخربين منهم، الذين رحلوا الى أوطانهم بالقوة الجبرية دون السماح لهم بتسوية أوضاعهم، أو حتى إجراء تحقيق متواضع معهم؟
ماذا عن المتهمين الحقيقيين الذين جلبوا هؤلاء العمال وتركوهم دون مال ولا مأوى؟
ما الضمان من أن أحداث الشغب هذه، أو تظاهرات المطالبة بالحقوق، لن تتكرر مستقبلا؟
كيف يمكن أن تمر أحداث بهذا المستوى من المأساوية ولا تتحرك جهة لإنصاف هؤلاء البؤساء ووضع حد لهذا الإجرام في حقهم؟
كيف يمكن أن نصدق أن الحق بأكمله يقع على عاتق هؤلاء المضربين والمتظاهرين، وأن ليس هناك حتى مواطن واحد، ولو كان فراشا كويتيا سابقا، يمكن أن يكون متورطا في القضية؟
وهل يكفي إغلاق ملف شركة أو اثنتين لردع غيرهما عن سلب حقوق غيرهم مستقبلا؟
وكيف تصبح قضايا الجنوس وضوابط زيارة الجزر الكويتية وقضايا الفصل في المدارس، كيف تصبح عند الكثيرين من تافهي التفكير والتصرف أخطر على الوطن من مصير عشرات آلاف العمال المتهمين والأبرياء الذين يعيشون بيننا ويشكلون قنبلة بشرية لا نعرف متى تنفجر في المرة القادمة؟
كيف يهون علينا جميعا أن نرى معاناة هؤلاء البؤساء، وحتى السراق منهم، دون أن يرف لنا جفن؟
كيف يمكن تصور حدوث كل هذا في وطن تبلغ نسبة الملتحين والمتطرفين والمغالين في تدينهم النصف تقريبا، فنحن نعيش في سنة طفحة اللحى، ولا نحاول هنا بالطبع الاعتراض أو السخرية من اللحية فتربيتها حق لا نقاش فيه، ولكن كيف يمكن أن نصدق أن يكون بيننا كل هذا العدد من الملتحين، واللحية غالبا دليل تدين، والتدين يتطلب على الأقل أن تكون قلوبنا رحيمة ومحبة للخير، ولا تتحرك لجان لظس ومضس وغيرها من الجهات المهتمة بتعديل وتهذيب سلوكياتنا، لإنصاف هؤلاء العمال أو الدعوة الى تحسين أوضاعهم، أو العمل على حفظ حقوقهم والسعي للقصاص ممن أساء السلوك معهم وأجرم في حقهم؟
آه، كم أنت جميل يا لبنان وأنا بعيد عن كل ما يحدث في وطني من صخب وسفاهة وهضم حقوق وتلاعب بأرزاق الناس وتعسف في القرار، ولكن اللعنة على هذا الإنترنت الذي جعلني أكثر التصاقا بأحداث الوطن وتعلقا به، حتى وأنا بعيد عنه!!
* العنوان مقتبس من مقال «سنة التفخة» للزميلة العزيزة دلع المفتي.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

هيا نقدم لهم الورود

 

لو قدر لي شخصيا أن أنظم حملة وطنية كبرى لتوزيع الورود والرياحين على كل المسئولين في الدولة، فسيكون من دواعي السرور والغبطة، والشرف العظيم، أن نجمع في الحملة جيشا من المواطنين صغارا وكبارا، يجولون كل الوزارات والأجهزة الحكومية، فيقدمون لكل مسئول وردة، ويطبعون على جبينه قبلة.

سيحدث ذلك شريطة أن تتوافر في كل مسئول سيحصل على وردة وقبلة الشروط الآتية:

– ألا يكون دائم الانشغال في اللقاءات والاجتماعات الكثيرة التي تجعل من بابه مغلقا دائما… ربما طيلة العام، ويترك الأمر إلى أحد الموظفين لكي يستقبل المواطنين ذوي الحاجات بوجه مكفهر وعيون يتطاير منها الشرر.

– ألا يلبس أكثر من وجه، ويتفنن في لبس الأقنعة طبقا للظروف، ويملأ جيب مواطن يعيش الويل وضيق الحال، بالكلام المعسول الذي لا يقدم ولا يؤخر.

– ألا يكون طائفيا، أيا كان انتماؤه المذهبي، ويصدق مع جميع المواطنين من دون تمييز.

– ألا يطبق القانون مع من لا يطيقه من الموظفين والموظفات، ويقفز على كل القوانين بحرية تامة، ويتجاوز عمن يهوى قلبه، وتصبح عينه قريرة على كل خطأ وفضيحة يتورط فيها أحد المقربين منه، ويصب جام غضبه على موظف أو موظفة لأي خطأ صغير يصدر منهما.

– أن يكون أمينا على المال العام، وحريصا على مراقبة الله وحمل المسئولية الوطنية بكل أمانة.

– ألا يخرج بين حين وحين في الصحافة وفي أجهزة الإعلام مفتخرا بإنجازات عظيمة لم ولن يشعر بها أي مواطن منا.

– ألا يتسلم الرسالة تلو الرسالة، والخطاب تلو الخطاب من المواطنين الذي يعيشون أسوأ الظروف المعيشية، ويكدسها في مكتبه «كوثائق تاريخية»، يمكن أن تصبح كشفا عظيما في المستقبل.

– أن يطبق توجيهات القيادة بكل صدق، وأن يدرك تماما أن القيادة تريد لمواطنيها الاستقرار والعيش الكريم، ولا تريد ديباجة النفاق والتملق وتحقيق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.

حين تتوافر كل تلك الشروط في هذا المسئول أو ذاك، لن نحتاج إلى الحملة إياها، لأن المواطن البحريني دمث الأخلاق، طيب القلب ويشكر من يقدم له أقل القليل… وليس هذا يعني أنه ليس هناك من المسئولين من يستحق الشكر والتقدير – حتى وإن سلمنا بأنه يقوم بواجبه تجاه المواطن بتكليف من القيادة – لكن، لا يشكر الله من لا يشكر الناس.

شعب البحرين عموما، ليس شعبا عدوانيا وليس شعبا صداميا يهوى النزاع مع المسئولين، بل هو شعب ينسى كل الهوائل والمصائب التي ألمت به بمجرد أن يشعر بصدق التعامل، وأن مكانته كونه مواطنا لها تقديرها، وهو في الوقت ذاته، يقدم حسن النية على سوئها، لكنه لا يقبل بأن تهان كرامته.

هناك فئة من المسئولين، لا أظن أنهم يفهمون توجيهات القيادة، أو أنهم يفهمون ويتجاهلون! وفي المقابل، هناك عدد من الوزراء وكبار المسئولين في الدولة، يستحقون الشكر، لا على قيامهم بواجبهم فحسب، بل لاحترامهم وتقديرهم للمواطنين، وهؤلاء لا ينتظرون كلمة شكر ووردة وقبلة على الجبين، ولست في حاجة إلى كتابة قائمة بأسمائهم، فهم يعرفون أنفسهم ويعرفهم المواطنون، وتعرفهم القيادة جيدا، ذلك لأنهم قلة نادرة نسأل الله أن يكثر من أمثالها.