سامي النصف

هل كان الدببة أصدقاء قط؟!

تمر علينا هذه الأيام الذكرى المئوية الأولى لاتفاقية سايكس – بيكو التي ابتدأت في عام 1915 وكان الطرف الثالث فيها الطامع في أراضي الدولة العثمانية هو روسيا القيصرية، وفي عام 1941 قام القيصر استالين باحتلال إيران وخلع امبراطورها ونفيه إلى جنوب أفريقيا، وبدأ على الفور عملية تفتيتها وتقسيمها فخلقت جمهورية أذربيجانية مستقلة عاصمتها تبريز وجمهورية مستقلة أخرى للأكراد سميت بجمهورية مهاباد قبل أن يُسقط الجمهوريتين الشاه محمد رضا بهلوي بدعم من الغرب.
***

وفي عام 1948 استقال وزير الخارجية الأميركي الجنرال جورج مارشال من منصبه نصرة لقضية فلسطين، كما أبدى وزير الخارجية البريطاني العمالي النقابي أرنست بيفن تعاطفه مع القضية العربية والفلسطينية، بينما تظهر محاضر الأمم المتحدة ان المندوب السوفييتي ياكوب مالك كان العدو الأول للفلسطينيين والمعترض على تقارير الكونت برنادوت مبعوث الأمم المتحدة المتعاطف مع الفلسطينيين والذي قُتل على يد ميليشيات قيادتها من أوروبا الشرقية وقريبة من الاتحاد السوفييتي، وتلك حقائق زيفتها وغيبتها عن شعوبنا العربية القيادات الثورية.

وورطت صفقة الأسلحة التشيكية – السوفييتية التي عقدت عام 1954 مع سورية وبعدها مصر الدولتين وجعلتهما في صراع مباشر مع الغرب رغم عدم جدوى تلك الأسلحة التي تعرض البلدان للحروب والهزائم بسببها وفيما بعد أي عام 72 طرد الرئيس السادات الخبراء الروس من مصر وقال انهم يبيعون العرب أسلحة دفاعية قديمة لا تمكنهم من النصر، وفي مايو عام 1967 ورط الروس العرب في حرب 67 بعد أن طلب وزير دفاعهم من وزير الحربية المصري شمس بدران ألا تبدأ مصر الحرب وأن تقبل الضربة الأولى كي يدخل الاتحاد السوفييتي الحرب معهم وحصل ما طلبه الروس ولم يتدخلوا قط في الحرب.

***

وحرض السوفييت العرب ضد حلف بغداد العسكري ومشروع ايزنهاور الاقتصادي ففاتت عليهم الفرصة التاريخية الذهبية التي استفادت من مثلها دول شرق آسيا وغرب أوروبا، كما غرر السوفييت بالعرب وجعلوهم ينضمون الى منظمة شديدة الانحياز للسوفييت ويقودها شيوعيون ويساريون أمثال تيتو وسكارنو وكاسترو وجعلوا مسماها «عدم الانحياز»، كما حرض السوفييت قيادات الأحزاب الشيوعية في سورية والعراق ومصر والسودان ضد أحلام العرب الوحدوية وقاموا في الموصل بالعراق بمجازر وحشية عام 1959 ضد القوميين العرب كما عملوا على فصل شمال العراق عن طريق إرسال الملا مصطفى البرزاني اللاجئ في روسيا منذ سقوط جمهورية مهاباد الكردية التي كان يعمل رئيسا لأركان جيشها قبل أن يلجأ للسوفييت بعد سقوطها، وفي عام 81 عقد السوفييت معاهدة دفاع مشترك مع الرئيس حافظ الأسد اتضح انها كانت موجهة للداخل السوري كما ذكر الرئيس السادات بدلالة ان السوفييت لم يتدخلوا لنصرة الجيش السوري في لبنان عام 82 عندما تعرض للتدمير من قبل الجيش الاسرائيلي الغازي وأسقطت نحو مائة طائرة سورية فوق لبنان دون أن يتحرك الروس.

***

آخر محطة: حرض الروس حليفهم الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم للمطالبة بالكويت فور استقلالها بقصد إحراج ومناكفة الدعوات الوحدوية للرئيس جمال عبد الناصر مما اضطره لسجن الشيوعيين في بلده ومهاجمة الاتحاد السوفييتي في خطبه وقد استخدم المندوب الروسي حق النقض (الفيتو) لمنع انضمام الكويت للأمم المتحدة حتى عام 1963، السوفييت والروس لم يكونوا قط أصدقاء لدول المنطقة لذا ليس مستغربا ما يفعلونه في سورية هذه الأيام.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *