عبدالله غازي المضف

لماذا يحبون.. داعش؟!

لقد عاهد الله عباده المسلمين في كتابه العزيز بالنصر والفتح: سيشهد العالم في نهاية الزمان نصرا ساحقا ومبينا للمسلمين على جحافل الكفار، هكذا غرس رجال الدين الأمل في دماء المسلمين غرسا حتى تسمر الملايين منهم في مكانهم: يحللون، يترقبون، يتربصون، ويتوعدون اعداء الحق خلف نصرهم المبين..سيشهد نهاية الزمان هبوط المسيح، ظهور المهدي المنتظر، ودودٌ تدك رقاب قوم يا جوج ماجوج.. هكذا ستأتي العناية الالهية لتعتق ارواح المؤمنين كلما اوشك ازلهم.

أيها السيدات والسادة: ان كان ذلك الوعد الرباني العظيم قد طبع الطمأنينة في قلوب المسلمين، وبين لهم جميعا كيف سيفضي بهم الحال في نهاية المشهد الدنيوي، فان هذا الوعد لا يعطي الحق للمسلمين للجلوس في بيوتهم انتظارا «للمخلص».. ولا يعطي الحق اطلاقا لبعض «شيوخ» الدين الذين اقتنصوا ذلك الوعد واصبحوا يلحون به الحاحاً عبر منابرهم، وخطب الجمعة، واعلامهم وكأنما اُختصر الاسلام فقط في ذلك الوعد!.

اعزائي: ان هذه المبالغة في تفسير «الخلاص المنتظر» وتغييب باقي مفاهيم الاسلام خلقت لنا جيلاً اتكالياً يغلبه الجُبن، والقلق، والوهن، وانعدام الشخصية لدرجة انهم وجدوا ملاذهم الاخير في حفنة من الارهابيين تدعى «داعش».. كما ان غياب المفهوم الحقيقي لاسلامنا العظيم وتشريعاته السامية باتت تلقي بظلالها على الامة الاسلامية بأسرها حتى صرنا لا نفرق أبداً بين الدين الاسلامي، والتراث الاسلامي، وبعض الاساطير العربية!.

طيب.. هل نلوم شبابنا؟ فان كان معظم كبار قومنا قد أضاعوا سكة الاسلام العظيم الذي يدعو الى: العلم، والمعرفة، والعمل، والرحمة، والسماحة، والاخلاق، والسعي نحو الخير، واحترام الاديان.. انه الاسلام الحقيقي يا سادة الذي انزله الله لكل زمان ومكان: ولا يعطي الحق للامة الاسلامية لان تدير ظهرها الى الخلف وتتحسر على زمن الخيول والسيوف والغزوات.. انها حكمة الرب الذي وهبنا ديناً صالحاً لكل زمان ومكان: وزمان اليوم يختلف عن ذلك الزمان قبل 1400 سنة، فاليوم جميع الحضارات الكبرى بُنيت على اساس العلم والمعرفة والتطور الصناعي والطبي، بل ان معظم حروب هذا الزمن وغزواته انحصرت في سباق العلم وتصدير المعرفة: فلماذا اذن لانزال نحلم بالسيوف والخيول؟ ولماذا نطبق من الدين ما نريده وننسى بقيته؟

ايها الاخوة والاخوات: دعونا جميعا نتدبر في حقيقة اسلامنا الجميل وتاريخ الامم، حينها فقط لن نرى شبابا تلمع اعينهم وتخفق قلوبهم كلما جاءت حفنة جديدة ترفع السيف باسم الاسلام.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *