فؤاد الهاشم

من «صادم إلى دائش»!

انتشرت قبل حوالي عشر سنوات حكايا «مشعوذة» يتم تداولها عبر الرسائل النصية ورسائل الفاكس مثل :«مواطن اكل نقرورا مشويا ثم نام ورأى فيما يرى النائم أحد نواب الحراك وهو يرتدي دشداشة خضراء وعقالا أصفر وغترة بيضاء وبشتا أحمر ونعال زنوبة فستقية يسير في صحراء قاحلة فلحق به وقال له أن الحارج في قولوني من النقرور أطار عقلي فمد النائب السابق يده ومررها على بطن المواطن فزال .. الحارج»!! ثم يكمل المرسل طلبه قائلا:«اطبع منها عشر رسائل وابعث بها لعشرة من أصدقائك احدهم نفذ الشرط المطلوب فكسب سيارة تويوتا كامري في يا نصيب وأحدهم استهزأ بها ولم ينفذها فصارت زوجته رجلا ثم .. اغتصبته».

في عام الغزو العراقي قضيت بضعة أيام في بيروت بمهمة رسمية من حكومة الطائف في ذلك الوقت بصفتي رئيسا لجمعية الصحافيين بالوكالة حيث التقيت بالعديد من امراء حرب الطوائف هناك مثل «نبيه بري» عن حركة أمل والراحل «حسين فضل الله » عن حزب الله والأمير طلال أرسلان عن الدروز والبطريرك «صفير» عن الطائفة المارونية وغيرهم من رجال أحزاب وسياسة وإعلام وهم في بيروت أكثر من «الذبان في سوق .. التمر»!! المهم أن وجودي خلال حدث ضخم مثل غزو العراق للكويت وانشغال الكرة الأرضية بأسرها في عملية التحرير أظهر نوعا جديدا من الاهتمام الشعبي لدى بسطاء الناس منها رسائل منسوبة إلى أسماء قديمة في تاريخ الشعر أو الأدب الأموي أو العباسي تزعم أنها «تنبأت بدخول صدام حسين للكويت» منها على ما أذكر رسالة تقول .. «وتشتعل نارا في الخليج يرى دخانها أهل بصرى الشام ورجل يهزم الصليب والنصارى اسمه .. صادم»!! الخليج مقصود به حرائق نفط الكويت وصادم هو ..صدام وبالطبع لم يجبني احد على سؤال هام : هل كان مصطلح «الخليج» وهي الكويت وجاراتها شائعا قبل ألف سنة ولو كان «البكر» هو الرئيس العراقي هل اسمه سيصبح «الباكر» .. وهكذا ؟!! أمس وصلتني رسالة من هذا النوع تقول إن شاعرا قبل 700 سنة تنبأ بقدوم «أبوبكر البغدادي» وكالعادة ومثلما قالوا..«صادم» وليس صدام وصفوا جيشه بأنه «دائش» وليس «داعش» .. حتى تمشي مثلما مشت .. غيرها «!! » ومادام الشيء بالشيء يذكر «فهناك نكتة قديمة تقول إن ..«رجلا عربيا مر على واجهة محل في نيويورك للبيع فشاهد في الفترينة أدمغة وأمخاخا بشرية للبيع الأول وضع تحتها سعر مئة دولار .. والثاني 50 دولارا أما الثالث فقد كان السعر المكتوب تحته: عشرة آلاف دولار ! دخل الرجل وسأل صاحب المحل عن الأسعار وذلك التفاوت الكبير بينها فرد عليه قائلا: المخ الأول لأميركي مستعمل كثيرا والثاني مخ روسي استهلكه صاحبه أكثر من الأول أما المخ الثالث والذي يصل سعره العشرة ألاف دولار فهو مخ أحد أسلافك العرب الذي ما زال جديدا تماما ولم يستخدمه صاحبه على الإطلاق!!.

نصيحة في أخر المقال لكل من يقرأ الآن: اطبع منه مئة نسخة ووزعها على مئة صديق , أحدهم نفذ الشرط وكان متزوجا من امرأة «نسرة» وفي صباح اليوم التالي وجد بجانبه على السرير إمراة «حمامة» تشبه «نانسي عجرم» , أما الذي تجاهل وعاند وكابر ولم ينفذ فقد تحول من حليف لمرزوق إلى حليف للشيخ ولد الشيخ .. والله أعلم!!

حسن العيسى

قضاة شرّفوا كراسيهم

القضاء، هو المعقل الأول والأخير لحماية حقوق الأفراد وقطع دابر الفساد متى استشرى في السلطتين التشريعية والتنفيذية والإدارات البيروقراطية بالدولة، وهو الحكم المحايد حين يوازن بين السلطتين، ويضمن عدم تجاوز أي منهما لسلطانه، ويضع بالتالي الحدود الفاصلة لتلك السلطات.
تاريخياً، كان ينظر للقضاء على أنه امتداد للسلطة التنفيذية، ومع التطور الحضاري وبتأثير من فلاسفة ومفكرين من أمثال مونتسكيو تقدمت نظرية الفصل بين السلطات، لضمان استقلال كل سلطة من سلطات الدولة الثلاث عن الأخرى، وتطور القضاء ليصبح مستقلاً، لكن حتى مع مبدأ استقلاله، تظل السلطة القضائية هي الأضعف بين السلطات الثلاث، فهي «لا تملك سيفاً ولا محفظة»، بتعبير هاملتون، وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة.
 إلا أن فكر وثقافة ووطنية الأشخاص، وليس مجرد النصوص، العاملين في الجهاز القضائي تظل هي الضامن للعدل وحكم القانون، والتي – بالتالي – تزرع القوة والسلطان في هذه السلطة. القاضي مارشال، رئيس المحكمة العليا الأميركية وضع عام 1803 سلطة الرقابة الدستورية على قوانين الكونغرس في الحكم الشهير بقضية «ميرفي ضد ماديسون»، وتطور قضاء المحكمة العليا، ليضع في ما بعد مبادئ تحرم التمييز العنصري ضد السود، ثم بعد ذلك منع الفصل في التعليم بينهم، وتمضي تلك المحكمة في أحكام عديدة كرست وطورت من خلالها «الفهم» المعاصر لنصوص الدستور الأميركي، بما يتواءم مع تطور الزمن.
   أما المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فقد وضعت قيوداً على الدول الأوروبية الموقّعة على ميثاق المحكمة، من هذه القيود المتمثلة ضد قرارات أو قوانين تلك الدول، مثلاً قيد حق الدولة الفرنسية بالنسبة إلى المهاجرين المسلمين، وآخر ضد أيرلندا في موضوع الإجهاض، وضد بريطانيا في موضوع الشواذ الجنسيين. وهكذا مضت أحكام تلك المحكمة في تكريس مفاهيم الحريات، ولم تحد من سلطانها في أحكامها مسائل سيادة الدولة ونظرية «أعمال السيادة» التي تتحجج بها الدول السلطوية لقمع حريات البشر  وانتهاك أبسط حقوقهم، بحجة تلك السيادة المزعومة التي هي بكلام آخر، سيادة القوي على الضعيف، لا أكثر.
  في إيطاليا، وهي من الدول المتقدمة، إلا أنها ابتليت بالمافيا وفساد السياسيين، إلا أن المفكر فوكوياما في كتابه «النظام السياسي والتآكل السياسي» – والذي سأعود إليه في مقالات لاحقة – لاحظ أن حركة الرفض للسلطة اليسارية في أوروبا في منتصف الستينيات (ما يسمى ثورة الطلبة) تركت بصماتها على المحامين الشباب من المثاليين اليساريين، الذين أضحوا في المناصب القضائية في الثمانينيات، وأخذوا في ملاحقة قضايا الفساد السياسي بالدولة، وتصدوا لغول المافيا الخطير بأحكام شجاعة، مثل القاضي جوفاني فالكون، الذي لاحق المافيا والفساد السياسي، ودفع الثمن الغالي حين قتلت زوجته وحرسه عام 1992.
 وتضاعفت حماسة هؤلاء القضاة لصد موجات الفساد في الدولة، بعد مقتل رئيس البوليس هناك «البيرتو شيسيل»، وتمضي حركة  تنظيف الدولة من الفساد، وبدعم من الرأي العام بقيادة هؤلاء القضاة لتزيح رئيس الوزراء «أندريوتي» ومعه الحزب الديمقراطي المسيحي بعيداً عن السلطة.
وقبل فترة قريبة، قرأنا في عناوين الصحف عن رئيس الوزراء السابق «بيرلسكوني» الذي حكم عليه بالسجن بتهمة التهرب من الضرائب واستغلال النفوذ، ويخفف الحكم لكبر سنه، بالعمل لخدمة المجتمع في أي عمل متواضع.
 ورأيناه وهو المليونير العجوز و«بلاي بوي» الشهير، ولم يشفع له مركزه ولا ملايينه ولا ملكيته لأكبر وسائل الإعلام في إيطاليا.
 كان هناك قضاة آمنوا بالعدل والإنصاف والحرية لمواطنيهم، فهم لم ينساقوا لمغريات السلطة الحاكمة، ولم يخشوا بطشها، ولم يكن القانون عندهم نصوصاً عامة مجردة، بل كان قضية إيمان ثابت بالحق لا أكثر.

احمد الصراف

فشلنا حيث نجح غيرنا

كانت اليابان حتى ما قبل 150 عاما تقريبا دولة زراعية متخلفة منطوية على نفسها. ثم جاءت فترة «الحكومة المستنيرة»، او الميجي، 1912-1868، وهي التسمية التي اطلقت على الإمبراطور موتسوهيتو، الذي عرف عهده نهاية نظام الشوغون، وتوحيد اليابان تحت حكومة مركزية، لتسرع في حركة الإصلاحات، بعد قيام أحد مستشاري الإمبراطور بترؤس بعثة للتعرف على أسباب تقدم الدول الغربية، وكان ذلك عام 1871، حيث قامت البعثة بتفقد مؤسسات الدول الأوروبية واميركا، والاطلاع على أحدث ما توصلت اليه في عالم التقنية. وفور عودة البعثة بدأت اليابان بجلب آلاف الخبراء والمهندسين من تلك الدولة للمساعدة في تحديث أنظمتها، واعطي البريطانيون مسؤولية تحديث القوات البحرية، والفرنسيون القوات البرية، ووضع الألمان أسس التعليم. وشملت الإصلاحات النظامين، القضائي والسياسي، وتم فرض التعليم الإجباري للجنسين ضمن نظام تعليم مستوحى من المناهج الفرنسية والأميركية. كما جرت أثناء ذلك حركة ترجمة شملت الأعمال الأدبية والفنية العالمية، واصبحت جزءا من المقررات الدراسية. كما قامت اليابان بنقل الفكر الغربي ومداركه، والدفع بالنظام التعليمي إلى الأمام. والطريف أنها، ومعها السويد، كانتا الوحيدتين اللتين اتبعتا، بخلاف بقية مستعمرات بريطانيا الأخرى، نظام المرور على اليسار، وهو النظام الذي تخلت عنه السويد تاليا. وفي فترة سابقة على نهوض اليابان، قام والي مصر المستنير، محمد علي باشا، في عام 1826 بإرسال بعثة علمية إلى فرنسا لدراسة العلوم والمعارف الإنسانية، وأرسل معها ثلاثة شيوخ دين، وكان أحدهم رفاعة الطهطاوي، الذي بدأ فور وصوله بتعلم الفرنسية، فضم تاليا للبعثة وتخصص في الترجمة، وأنجز العشرات من الكتب، وعاد بكتابه الشهير «تخليص الإبريز في تلخيص باريز». وعندما عاد الى مصر قام بالعمل على «تطوير المناهج الدراسية»، وافتتح عام 1835 مدرسة الألسن، وترجم أهم كتب الفلسفة والتاريخ الغربي وجواهر العلوم العالمية. ولكن جهوده ضاعت جميعها مع تولي الخديوي عباس الحكم، فقد أغلق مدرسته وأوقف أعمال الترجمة، بضغط من رجال الدين المتشددين. ثم جاء المجدد الإسلامي الشيخ محمد عبده (1849-1905) الذي يعتبر من دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي، وأستاذه الأفغاني، وحاولا القضاء على الجمود الفكري والحضاري، ولكنهما فشلا كما فشل قبلهما رفاعة. فقد نادى الشيخ عبده بتحرر المرأة، ورفض تعدّد الزوجات، ودعا إلى مساواة المرأة بالرجل في حق طلب الطلاق وفي أمور أخرى، وهي المفتي وشيخ الأزهر. كما طالب بتعليم المرأة وتنمية طاقاتها الذهنية لمواجهة مسؤوليتها. ولكن جهوده وئدت في غالبيتها، وتم التخلي عن غالبية إصلاحاته.‏ والآن، وبعد مرور كل هذه السنين، ومع كل المتغيرات الدولية والانقلابات الفكرية في العالم أجمع، نجد أن وضعنا لا يزال كما هو، بل تدهور وضع المرأة أكثر، وأصبحت الأنظمة الدكتاتورية هي السائدة في معظم دولنا، وفشلت كل محاولات السابقين واللاحقين في تطويرها، ولم يكن مستغربا بالتالي أن يظهر «داعش» بيننا، فيما العالم أجمع يتقدم ويتطور، ونحن نتخلف ونتراجع، والسبب يكمن في الأفكار الجامدة التي ترفض التغيير، في الوقت الذي نجحت فيه اليابان، وغيرها، فيما فشلنا فيه، لمرونة نصوصهم، وبالتالي سنستمر غارقين في وحول الخرافات وأسرى قيود الجمود، طالما استمر إصرارنا على عدم التطوير والتغيير، وسيظهر بيننا ألف «داعش» آخر، مستقبلا. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

مسكينة يا الكويت… «عومة مأكولة ومذمومة»

الكويت ابتدعت فكرة مجلس التعاون الخليجي، وهي مدركة أنها ستخسر بعض مكتسباتها الديمقراطية لتوفير الحماية ضد أي عدوان خارجي، الأمر الذي اتضح تعذُّر تحقيقه عندما احتل صدام حسين الكويت… التفاصيل مؤلمة ومحزنة ونخجل من ذكرها، وهي موجودة وموثَّقة لمن يريد معرفتها. متابعة قراءة مسكينة يا الكويت… «عومة مأكولة ومذمومة»