علي محمود خاجه

الجودة لا المسمى

جودة المنتج هي ما يحدد السعر، هذا هو المعيار الأول المفترض ليأتي بعده بعض الاعتبارات الأخرى كجهة صنع المنتج والشركة المصنعة له، حتى هذه الاعتبارات التي قد ترفع من سعر المنتج بشكل أكبر من جودته لم تكن لتتحقق لو لم يكن هناك خلفية تاريخية معيارها الجودة بالمقام الأول، مكنت اسم الشركة أو جهة الصنع من رفع أسعارها.
على أي حال فما أقصده بالمنتج هنا ليس بالضرورة أن يكون سلعة معينة، بل قد يكون خدمة أيضاً، والتي من الطبيعي أن يرتفع سعرها، أي الخدمة، إن كانت تقدم جودة أفضل من غيرها، فعلى سبيل المثال لو قارنا خدمات الخطوط الجوية الكويتية مثلاً وجودتها وسرعتها بخدمات الخطوط الجوية القطرية، فإننا سنجد أن خدمات القطرية أفضل بكثير من حيث الجودة مقارنة بالخطوط الكويتية، وهو ما يجعلنا نفضل القطرية على الكويتية حتى إن كانت القطرية تكلفنا مبالغ أكبر.
مشكلتنا في الكويت أن القطاع الحكومي يتحمل تكاليف تشغيل جميع القطاعات الخدماتية الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، ولا تراعي الحكومة الجودة في الأداء في تحملها التكاليف، بل المسميات الوظيفية لمشغلي تلك القطاعات فقط.
وإن سألنا أي مواطن عن أفضل الجهات الحكومية في تقديم الخدمات من حيث الجودة والسرعة أعتقد أن كل الإجابات لن تخلو من ذكر مؤسسة التأمينات الاجتماعية في المراتب الأولى لتلك الخدمات، وعلى الرغم من جودة أداء هذه المؤسسة فإنها تعامل في سلم الرواتب كبقية الجهات الحكومية ذات الجودة الأقل، بل حسبما وصلني فإن الرواتب في التأمينات تعدّ من أقل الرواتب بين معظم القطاعات الحكومية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية وليست على حالة موظفي التأمينات فقط، فالعمل الجاد والحرص على السرعة في إنجاز معاملات المواطنين في أي قطاع حكومي لا يؤخذان بعين الاعتبار من الحكومة، بل يتحصل العمل السيئ أو الأقل جودة، في أحيان كثيرة، على مميزات مالية أكبر، وهو ما يجعل الموظف أي موظف يبحث بالتأكيد عن الراحة والعمل القليل مقابل راتب أكبر، وهو ما يقتل روح العطاء لدى الموظفين ويجعلهم يسعون إلى المادة بغض النظر عن العمل.
وهذا ما يرجعنا إلى ما ذكرته في السطر الأول من المقال، جودة المنتج هي ما يحدد السعر، تلك هي القاعدة الأساسية التي تحدد عليها الأعمال دون سواها، فإني أتفهم أن توظيف المواطنين حق دستوري لكن ما لا أفهمه هو ألا يعامل الموظفون بناء على جودة أدائهم في القطاع الحكومي، بل فقط على المكان الذي يعملون فيه، كما أني أتفهم أيضا خشية الحكومة الحالية من تلبية بعض المطالب المنطقية لموظفي التأمينات المضربين عن العمل منذ أسابيع من أن تحذو بعض الجهات الأخرى نفس السبيل للضغط على الحكومة، وهو ما يتطلب حلاً جذرياً للمسألة بدلاً من أسلوب العلاج الحالي؛ مطالبة فإضراب فتلبية، بل يكون المعيار الوظيفي في الرواتب مبنياً على الجودة لا المسمى أو الموقع.
 فلا مانع من أن يتحصل قطاع في المواصلات مثلا على أعلى الرواتب إن كانت جودة ذلك القطاع تفوق أي قطاع آخر في الدولة، وبهذه الحالة يتنافس الجميع على جودة الخدمة للحصول على مزايا مالية أكبر، على أن تنخفض تلك المزايا في حال تردي الخدمات، بهذه الحالة ستضمن الحكومة أن أموال الدولة تصرف في اتجاه واحد وهو الجودة، فإن قلت انخفضت الرواتب، وبذلك يحدد المواطنون أو الموظفون مقدار الأموال التي يستحقونها بناء على ما يقدمونه من خدمات.

خارج نطاق التغطية:
لكل مواطن يملك دليلاً أو شكاً في ما أثير حول التحويلات المالية أن يتجه إلى ديوان المحاسبة خلال شهر مدعماً بأوراقه التي يستند إليها، ويختار الجهة التي يريدها محلية أو دولية للبحث عن حقيقة ما يثار بخصوص التحويلات.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *