احمد الصراف

أين كان هذا الرجل منذ نصف قرن؟

عندما قالوا لهتلر إن البابا غاضب لأن قواته اجتاحت بولندا، في بداية الحرب العالمية الثانية، ضحك، وقال ساخراً: ما عدد الدبابات التي يمتلكها البابا؟ وقد كانت تلك بداية سلسلة أخطاء الفوهرر القاتلة!
يعتبر بابا الفاتيكان أقوى شخصية دينية، فأتباعه يزيد عددهم بكثير على المليار كاثوليكي، كما أن تأثيره اليوم عليهم لا يمكن نفيه. وقد جاء البابا الحالي في ظروف دقيقة، بعد تنحي البابا السابق عن منصبه، في سابقة نادرة، وكان وصوله للفاتيكان، كما توقع الكثيرون، حدثاً تاريخياً، وإعلاناً بالتغيير. فرغم ما يتصف به البابا فرنسيس من تواضع جم، فإنه قوي الشخصية، وقد شرع مبكراً في إصلاح الكنيسة الكاثوليكية، ليس فقط من الداخل والخارج، بل وفيما ترسخ في النفوس على مدى ألفي عام من غرائب المعتقدات والآراء. ويعتقد البعض بأن تصريحاته المثيرة الأخيرة، وموقفه من المثليين جنسياً، وغيرها من القضايا الحساسة، التي قد لا يكون ما وصلنا من تصريحاته مطابقاً تماماً لما قال، تنبئ بموقف واتجاه إصلاحي لم يحدث للكنيسة منذ قرون عدة. فقد صرّح بأنه من خلال التواضع والبحث الروحي والتأمل والصلاة يمكن أن نكتسب فهماً جديداً لبعض العقائد! وهذا ما لم يجرؤ، أو يرغب، أي بابا في قوله. كما تقدّم البابا فرنسيس خطوة أخرى وقال إن الكنيسة «الكاثوليكية» لم تعد تعتقد في جحيم يعاني فيه الناس، فهذا الفكر يتعارض مع الحب اللامتناهي للإله.
فالله، حسب المفهوم الكنسي، ليس قاضياً ولكنه صديق ومحب للإنسانية، والله لا يسعى إلى الإدانة، وإنما فقط إلى الاحتضان، وإن الكنيسة الكاثوليكية تنظر إلى الجحيم كموضوع أدبي، كما في قصة آدم وحواء. وبالتالي، فالجحيم مجرد كناية عن الروح المعزولة، التي ستتحد في نهاية المطاف، على غرار بقية النفوس، في محبة الله!
وقد هزت تصريحات البابا الكثيرين، وصدموا من قوله إن الكنيسة كانت تاريخياً قاسية تجاه الحقائق التي تعتبرها خاطئة من الناحية الأخلاقية أو تدخل في باب الخطيئة، ولأننا لسنا قضاة، فإن هذا يجب أن يدفعنا لأن نكون أكثر تسامحاً، وألا ندين أطفالنا، أو رعايانا. وقال إن الكنيسة الكاثوليكية كبيرة بما يكفي لتسع المثليين جنسياً، وللمؤيدين للحياة ومؤيدي الإجهاض، والمحافظين والليبراليين، وحتى الشيوعيين، فالجميع موضع ترحيب، فنحن، حسب قوله، جميعاً نحب ونعبد الإله نفسه!
والآن، هل لدى واحد من كبار «علمائنا» الشجاعة «الأدبية» لأن يرد على تحية البابا بمثلها؟

أحمد الصراف

د. شفيق ناظم الغبرا

مأزق السياسة الأميركية: إسرائيل

كلما طرح التساؤل عن الأخطار التي تتعرض لها الولايات المتحدة نتيجة سياساتها تجاه فلسطين وإسرائيل والقضايا المتفرعة عنهما تتعمق التساؤلات وتتناقض الأجوبة. فمنذ نهاية الحرب الباردة أصبحت الحروب الأميركية محصورة بمنطقتنا العربية الإسلامية. ولهذا الوضع تفسيرات عدة، لكن أحد هذه التفسيرات مرتبط بطبيعة العلاقة الأميركية – الإسرائيلية التي تتأثر باستمرار بمقدرة القوى المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة على احتكار سياسة أميركا الشرق أوسطية. فأي ربط بين القضية الفلسطينية وبين حروب الولايات المتحدة في الإقليم الإسلامي – العربي وبين أحداث بسوء أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يثير عند القوى المؤيدة لإسرائيل الخوف الأكبر. إن سياسة أميركية قادرة على المساهمة في تهدئة العالم العربي وتعبيراته الأكثر تطرفاً كـ «القاعدة» والجهاديين الإسلاميين، ستتطلب توافر شروط عدة من أهمها تغير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل. متابعة قراءة مأزق السياسة الأميركية: إسرائيل

علي محمود خاجه

«أبيهم بدفتر»

كالعادة يطالب نائب وأحياناً مواطن بمنع حدث من أي نوع: ندوة، حفلة، كتاب، دخول شخصية وغيرها، بحجة تعارض الحدث مع العادات والتقاليد، فترضخ الحكومة فوراً حتى وزير الداخلية الحالي الذي قيل عنه إنه ذو شخصية قوية خضع فوراً لمطالبة منع حدث متعلق بالشعر الصوفي بأحد الفنادق.
والغريب في الموضوع أن مطالبات المنع تلقى أسرع أنواع التجاوب الحكومي في الكويت، أما بقية المواضيع فإما تشكل لها لجان شكلية وإما لا تلقى رداً أصلاً من الحكومة، على سبيل المثال موضوع تطاير الحصى من الشوارع الذي شكلت له لجنة، أو مطالبات الفنانين بمسارح من أكثر من ثلاثين سنة ولم تلقَ أي اهتمام إلى اليوم، أو مطالبات الرياضيين بمنشآت محترمة منذ عقود ولم يتجاوب أحد، وغيرها الكثير من المطالبات التي لا تلقى بالاً لدى الحكومة إلا مطالبات المنع التي تتجاوز كل البيروقراطية والتجاهل.
على أي حال فرضوخ الحكومة لأي أمر غير دستوري هو نهج لا يتغير وإن تغير الأشخاص، لكن ما يعنيني حقاً هو موضوع العادات والتقاليد، وهو المصطلح الذي يستخدمه الجميع للنهي عن أمور معينة، فلا الشعر من عاداتنا ولا الموسيقى ولا الثقافة طبعاً إن لم تتناسب مع أفكار المطالبين بالمنع.
مع العلم أن الإسلام لا يعترف بالعادات والتقاليد بل جاء لإلغاء تلك العادات أصلاً، ولو كان نواب العادات والتقاليد موجودين مع ظهور الإسلام لعارضوا كل ما جاء بالرسالة لأنه يخالف العادات والتقاليد حينها، بل إن عادات وتقاليد أيام ما قبل الإسلام باتت تسمى بالجاهلية اليوم في مؤشر واضح على أن ما يتم التعارف عليه عند مجتمع لا يشترط بالضرورة أن يكون صالحاً أو جيداً أو مقبولاً.
قد أتفهم أن تستخدم تلك العادات في أمور اجتماعية كالزواج والأعراف التي تسبقه وشكل الاحتفال به، وأفهمه أيضاً بطريقة تأدية واجب العزاء ولا بأس به أيضاً حينما يستخدم بالفنون كأنواع الموسيقى والإيقاعات المستخدمة لكل مجتمع مثلاً، لكن ما لا أفهمه أن يتم إسقاط العادات والتقاليد على حاضرنا بشكل أكثر من هذا النطاق الضيق، بل إن العادات والتقاليد طريق سريع للجهل، فلا الإنترنت ولا السيارة ولا التلفاز ولا الهاتف ولا التكييف من عاداتنا وتقاليدنا، كما أن من عاداتنا وتقاليدنا الغوص والرعي والأعمال الحرفية بأشكالها كافة، وهو ما يعني أن حتى استقدام العمالة ليس من عاداتنا وتقاليدنا، فلماذا يتم استثناء كل تلك الأمور من مطالب المحافظة على العادات والتقاليد ولا تستخدم إلا ضد الأفكار المخالفة فقط؟
يفترض أننا في دولة يحكمها دستور وقانون ولا مكان للعادات والتقاليد إلا في نطاق الأسر نفسها، وما تتعارف عليه اجتماعيا فقط لا غير، أما أن تتحول تلك العادات والتقاليد إلى نصوص قانونية غير مكتوبة تتحكم فيها الأهواء فهو أمر سخيف، فإما أن تتحول عاداتنا إلى قوانين مقرة بطرق قانونية كي نتمكن من التعاطي معها بشكل مناسب، وإما ألا تبنى عليها قرارات تمس مجتمعاً متنوعاً ومختلفاً.

سامي النصف

نحن لا نتكلم عن فريق كرة قدم!

نحن لا نتكلم أيها السادة عن إصلاح فريق كرة قدم، نفرح لفوزه ونحزن لخسارته، نحن نتحدث عن مصير ومستقبل وطن بكينا دما حتى رجع في مصادفة تاريخية لن تتكرر، وطن كريم بالعطاء ومثله بكم الأخطاء التي تحدث به، وطن نخشى عليه من الفوضى والدماء المستقبلية فيما لو وصل مخطط التثوير والتفتيت إلى أعتاب منطقة الخليج.. والمخطط للعلم واصل لا محالة!

***

الكويت بحاجة إلى بادرات إيجابية من جميع الأطراف لخلق حالة تفاؤل وانفراج تمنع التشاؤم والانفجار، بادرات تبث الدفء في العلاقات بين التوجهات السياسية المختلفة بما في ذلك الحكومة، بادرات لا تعتمد على دعم بعض ممثلي الشعب ونسيان الشعب ذاته، بادرات تمنح الأمل للأغلبية من الشباب والنساء والرجال ممن باتت صورة المستقبل قاتمة أمام أعينهم.

***

إن التحديات الحقيقية المقبلة للمنطقة تستوجب العمل الأمس قبل اليوم لتقوية الجبهة الداخلية التي هي الأساس لمقاومة تلك التحديات الخطيرة وغير المسبوقة وهو بالواقع عكس ما يحدث حيث ان أي نظرة منصفة لألوان الطيف السياسية والفئوية للمجتمع تظهر أن الأغلبية المطلقة من تلك الشرائح واحدة بواحدة تقف موقفا سالبا مما يجري ويحدث، ومن ثم يصعب الاعتماد عليها أمام العواصف والزوابع القادمة، والتي اجتاحت بسهولة ويسر دولا أكبر وأقوى منا بمراحل.

***

آخر محطة: 1 – تخندق التوجهات السياسية وأتباعها كل يتربص بالآخر دون تواصل أو لقاء هي مواصفات ملائمة لتناحرات وصراعات وتقاتلات مستقبلية تفتت البلدان كما يحدث في المنطقة، انفراج التوجهات السياسية بعضها على بعض ولقاؤها واتفاقها على مشاريع وقواسم مشتركة هو ما يقوم عليه العمل السياسي الراقي في الدول المتقدمة التي هي أصلب من التناحر وأقوى من الانشطار والتفتيت، فأي من المثالين يجب أن نتبع للحفاظ على مصلحة الكويت ومستقبلها؟!

2 – نرجو الابتعاد عن الاعتقاد بأن الإرضاء بالمال كفيل ببناء دولة قوية قادرة على التصدي للتحديات حيث إن الحقائق التاريخية تظهر العكس تماما فمن تشتريه بالمال سيبيعك بالمال عند أول عطفة، ومقابل كل شخص يتسلم لكسب وده هناك ألف ممن سيحنقون على ذلك العمل الذي لم يعتمد عليه بلد ودامت.. ودمتم.

3 – اتصل بي الزميل داود البصري ليوضح ويصحح بعض ما جاء في مقالنا السابق ومن ذلك أن عفيفة اسكندر لم تكن شيوعية بل ملكية حتى النخاع لإعجابها وعلاقتها الخاصة بالوصي عبدالاله لذا فوقوفها مع الشيوعيين كان نكاية في الانقلابيين قاسم وعارف اللذين أطاحا بالعهد الملكي، كما أفادنا بأن المطرب العراقي الكبير ياس خضر حي يرزق أطال الله في عمره وأبقاه رافدا مهما للطرب العراقي الأصيل.

احمد الصراف

مكتبة الأب سروج

ينقل عن أحد المؤرخين قوله: إن أردت أن تلغي شعباً ما، فابدأ أولاً بشلّ ذاكرته، ثم إلغاء كتبه وثقافته وتاريخه. ثم تكتب له كتاباً واحداً فقط وتنسب له ثقافة هذا الكتاب، وتخترع تاريخاً من هذا الكتاب وتمنع عنه أي كُتب أخرى عندئذ ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان، وينساه العالم!
وبصفتي قارئا نهما، ومحبا للكتاب منذ صغري، فإنني لم أجد اصدق من هذا القول في وصف أهمية القراءات المتنوعة. ولا أعتقد أن هناك طريقة أو سبيلا أفضل لاكتساب المعرفة أفضل من القراءة، بعد أن أصبح معنى الكتاب ضيقاً، حيث تطالع الشعوب وتتعرف على العلوم والأفكارالجديدة من خلال وسائل عديدة، منها الكتاب. وقياسا على ذلك فليس هناك أفضل طريقة لاكتساب الجهل، أو المحافظة عليه، من هجر القراءة، والاكتفاء بنص أو أكثر، وكفى الله المؤمنين القتال، وربما شر القراءة! وأيضا قياساً على ذلك لو قارنا ما يطالعه الإنسان العربي سنوياً، من كتب ودراسات وصحف ونشرات وسماع محاضرات، وبحث عن المفيد من المعارف على الإنترنت، لوجدنا رقما يدعو للخجل، في الوقت الذي نرى فيه شعوبا يعتقد غالبيتنا بـ «دونيتها»، دع عنك الدول الغربية، تقرأ أضعاف ما نقرأ، وتتقدمنا بأميال من المعرفة والتكنولوجيا والاعتماد على النفس، من دون سخافة «أنا كوري، أنا تايلندي»، وأفتخر!
أكتب هذه المقدمة الخلدونية قبل الدخول في موضوع المقال المتعلق بقيام بعض الرعاع، ومن الذين لا يمكن أن يعول المرء عليهم في تقديم أية خدمة «إنسانية» لمجتمعهم، بحرق مكتبة «السائح» التاريخية في طرابلس، لبنان لصاحبها، القس، أو الأب «إبراهيم السروج»، لشكهم في أنه كتب أو روج لمقالات مسيئة للرموز الإسلامية، أو ربما أحرقت المكتبة لأي أسباب أخرى! فالمعنى هنا هو رمزية الفعل. فقيام البعض بحرق مكتبة يملكها رجل دين مسيحي مسالم وكبير في السن، ولم يعرف عنه غير المحبة والدعوة للسلام والوئام، لم يكن عملاً أخرق واعتباطياً، من وجهة نظرهم على الأقل، بل وقصد به تحقيق أهداف عدة. ومهما كانت أسباب هؤلاء، إلا ان سعي بعض المغالين للتخلص من رموز المعرفة في مجتمعاتنا أمر لا يمكن نكرانه، وهي هنا «دار الكتب». فهذا المكان، بمنظور من قاموا بحرق تلك المكتبة، هي دار نشر الشر والكفر. وبالتالي فإن من أحرق المكتبة هدف لتحقيق عدة أمور، وعلينا، كأفراد أن نفعل ما بإمكاننا فعله، لوقف هذا التهجير والتخريب، أيا كان.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استفتاء الدم

بعد فضيحة التيار الليبرالي والتوجه العلماني في الخليج والمنطقة العربية في دعمهم للانقلاب العسكري على الشرعية في مصر وتأييدهم لاغلاق المحطات الفضائية والصحف اليومية المعارضة للانقلاب، تأتي فضيحة جديدة لهم اليوم بدعمهم وتأييدهم لاستفتاء يجري بعد اعتقال المعارضة السياسية والزج بها في السجون بمحاكمات صورية، وقتل من يخرج ضدهم في تظاهرات سلمية واعتقال كل من يقول لا لاجراءات العسكر! ولم نسمع صوتاً واحداً من هؤلاء يطالب بمحاكمة القتلة والبلطجية، بل لا نجد الا صمت القبور تجاه هذه القضية التي أحرجتهم، لكنهم غير مبالين! لذلك، لم نستغرب عندما خرج علينا احد رموز هؤلاء ليؤيد ترشيح زعيم القتلة والسفاحين لرئاسة مصر! متابعة قراءة استفتاء الدم

سامي النصف

محاربة الإبداع والعمل التطوعي في الدولة!

لا يوجد في الكويت بيوت تقام على جبال أو عند مساقط الشلالات والأنهار لذا فالفارق الوحيد الذي يجعل بيتا يسوى مليونا وبيتا آخر بربع هذا السعر هو كيفية اعتناء أهل كل منطقة بمنطقتهم، لذا أصبحت منطقة اليرموك التي تدار من مجلس حيّ يرأسه المختار النشط عبدالعزيز المشاري ويضم متطوعين من أهالي المنطقة ومدعوم من قبل المبدعين القائمين على جمعية اليرموك أحد أفضل المناطق السكنية في الكويت.

***

بالأمس، دعانا رئيس مجلس الحيّ لمناقشة عدة فعاليات ستبدأ في منطقة اليرموك تزامنا مع الأعياد الوطنية ويستمر بعضها بقية العام ومنها تشجيع العمل التطوعي عند الشباب، والدفع بقيام الفحوصات الطبية الكاشفة للأمراض المزمنة والخطيرة، ودعم الأمن الأسري لدى سكان المنطقة ومحاربة العنف اللفظي والجسدي داخل الأسرة وفي المدارس، إضافة إلى عشرات الأنشطة الاخرى التي تهدف الى تواصل أهل المنطقة بعضهم ببعض وتشجيع الأنشطة الرياضية.

***

وشهدت في مبنى إدارة الجمعية وقائع وصول ممثل لوزارة الداخلية لا لتشجيع الجمعية ومجلس الحي فيما يقومون به لخدمة المنطقة والكويت، بل لمحاربة الإبداع وطلب التوقف الفوري لعملية صباغ المنطقة بالألوان الزاهية ومن ثم ارجاع المطبات المرورية إلى اللون الأسود كما كانت ومن ثم عودة مسلسل الحوادث وتكسير السيارات، وقد سألت مبعوث الداخلية لماذا تلاحقون الجمعية بشكل يومي ولا تلاحقون المقاولين الذين تسلموا الملايين للقيام بصبغ المطبات دون ان يقوموا بعملهم؟! الرد يمكن اختزاله في مقولة سعد زغلول الخالدة.. مفيش فايدة!

***

آخر محطة: يُشكر نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية على قراره الصائب بإلغاء قرار تحديد السرعات الجديد الذي كان سيتسبب في زيادة الزحام وزيادة حوادث السيارات على الطرق.

حسن العيسى

إلى متى؟

أعلم أن موضوع الحديث عن فساد إدارة الدولة مستهلك، وأي كتابة فيه لا تستطيع أن تقدم جديداً أمام "صهينة" و"تطنيش" السلطة وعدم اكتراث الأقلية الدائرة في حلقات الذكر للقوى المتنفذة بالدولة. حديث الفساد يعيد نفسه ولا يقدم جديداً، لأن أسماء وصفات المفسدين لا يمكن نشرها بفرض وجود وسيلة إعلام حرة تنشر الحقيقة أو بعضاً منها، ولا أعتبر الكاتب قاذفاً أو متهماً بجريمة من جرائم الرأي التي تزخر بها قوانين الدولة، وهي قوانين قمعية قاتلة لحرية الرأي تمجّد السلطة الحاكمة وتخنق أي مشروع لنشر فضائح الفساد، وتخلو من نصوص واضحة تفرض الشفافية في سير المرفق العام.
   هناك على الضفة الأخرى من معضلة الحديث عن مطولات الفساد، اشتراط تقديم الدليل على جرائم المفسدين، فأسهل الأمور، عند السلطة يتمثل في دأبها "طمطمة" كل كلام عن المفسدين أو الإشارة إليهم، وردودها المعلبة جاهزة إما بقولها: "شكلنا لجنة تحقيق" تنسى مهمتها في أدراج التاريخ المغبر، أو تتحدى الخلق بعبارة: "هاتوا الدليل"، وما أكثر ما سمعنا مثل ذلك الرد المستهزئ في خطاب السلطة الرسمي، ووصفتُه بكلمة "مستهزئ" لأنه يسخر من أصحاب الضمير الذين يخاطرون ويفضحون مجرمي المال العام ويتحداهم، لأن رعاة هذا الخطاب المتعالي في نبرته يعلمون أن من يملك إقامة الدليل هي السلطة وحدها، ويستحيل أن تبادر الأخيرة بتقديم دليل إثبات ضد أحد المقربين منها أو ضد أحد أبنائها. النتيجة أن مَن يخاطر ويجازف بفضح جرائم الفساد الرسمي يجد نفسه في قفص الاتهام، آخر الأمر، وقضية النائب السابق فيصل المسلم، يجب أن تُحفَر في الذاكرة الوطنية للدولة، حين وقف شامخاً في قاعة المجلس ولوّح بشيكات الرشا بغرض شراء الولاءات السياسية، التي قدمتها السلطة لأولياء الفساد الطالحين في المجلس، ماذا كانت النتيجة المحزنة بعد ذلك؟! تعرفون أن ملف "الجماعة إياها" أُغلِق نهائياً، لأن التشريع الحاكم يخلو من تجريم مثل تلك "الأفعال"، بينما تم سحب النائب فيصل المسلم وأُغرِق في سيلٍ من دعاوى التعويض، وكأنه هو السارق، أو الراشي، لأن القانون يقول بذلك، فأي قانون ظالم، وأي تبرير يتعين علينا أن نبلعه بحجة ضرورة "سلامة الإجراء" القانوني للكشف عن جرائم الفساد؟!
نرى أمام أعيننا أجساد الجريمة في أمثلة لا حصر لها، نشاهد ونكاد نلمس باليد، على سبيل المثال لا الحصر، استاد جابر، أو مستشفاه، أو جامعة الشدادية أو تفكيك الأرصفة ثم إعادة الترصيف، أو الحالات المزرية لأبنية المستشفيات، وإهمال وتغييب أي حلول حقيقية لأزمة السكن، وارتفاع أسعار الأراضي لأن مصالح الكبار مرتبطة بها، ونتذكر أيضاً محطة مشرف للمجاري، ونتذكر قبل كل ذلك منذ التحرير، استثمارات إسبانيا، وقضايا الناقلات، وصفقات الدفاع، وهاليبرتون، وبالتأكيد يستحيل أن نحصر جرائم الفساد في الدولة، طالما أن حبل الفساد، كان، ومازال، على الغارب.
لنترك كل ذلك جانباً، وأحاول أن أسمع كلمة واحدة اليوم من الحكومة، أو من أي نائب من نواب ما بعد مجلس فبراير 2012 يسأل عن مسألة بسيطة، عن استاد جابر، على سبيل المثال، يسأل الحكومة، مَن المسؤول، هل المقاول، أم المصمم أم المشرف، أم كل هؤلاء جميعاً؟… لا أجد أحداً.
 الحذر من استهلاك ميزانية الدولة بسبب تزايد بند الرواتب والأجور، ومخاطر العجز القادم لا نختلف عليها، لكن أين الحل؟! الحلول عندكم ولا أحد يشارككم يا كبار، ولنكرر دون ملل، لا نخشى أن ضيق الحال إذا تقلصت دولة الخدمات على رداءتها، ولا نخشى، كمثال، أن تزيد الرسوم أو تُفرَض الضربية التصاعدية في المستقبل، لكن قدِّموا لنا دليلاً واحداً، على جديتكم في وضع الأمور في نصابها الصحيح، هل تعرفون شيئاً اسمه الإدارة الحصيفة، وهي إدارة العدل، أم أنكم، بحكم العادة المتخلفة، لا تستطيعون الفكاك من قدر السير على البركة… إلى متى؟!

احمد الصراف

الجهل والخراب والحل

استدعى وزير الأشغال مجموعة من أصحاب الشركات المعنية بأعمال الطرق، ووجه اللوم الشديد لهم لسوء أحوال الطرق السريعة، وما تعرّضت له طبقتها العليا من تآكل، وتزايد نسبة تطاير الحجارة منها، مما أدى الى إتلاف زجاج ومقدمات آلاف السيارات. ويقال إنه هددهم بالإحالة للنيابة، ووضع أسمائهم على قائمة الوزارة السوداء! وهذا، إن صح، كلام لا معنى له، وتهديد غريب يدل إما على عدم معرفة الوزير بطريقة ترسية المناقصات وتنفيذها والإشراف عليها، أو أنه يعلم كل ذلك، ولكن يود أن يبين لمن هو أعلى منه حزمه وصرامته. أو ربما لذر الرماد في العيون، وإسكات الاحتجاجات!
مشكلة الأشغال، أو سوء حال الطرق، أو سوء مصنعية تنفيذ أي مشروع حكومي، لا تتعلق بشركات المقاولات، بقدر ما تتعلق بأمور أخرى، أكثر أهمية كطريقة ترسية المناقصات، وطريقة الرقابة على تنفيذها، وما يتبع ذلك من تسلّم المشروع من الشركة المنفذة، وما يتعلق بفترة الصيانة، وما يحدث بعد انتهائها! فخلال كل هذه المراحل تقع المسؤولية كاملة على الأجهزة الحكومية. فهناك جهات تقوم بترسية المناقصة على أقل الأسعار، وتبدأ المشكلة عندما تكون الكلفة المقدرة للمشروع أعلى بكثير من سعر المناقصة. كما تقع المسؤولية على الجهة التي اعتمدت المشروع أو المواد، من دون أن تتأكد من أن ما اعتمدته قد تم تطبيقه، أو تسليمه بالفعل، كما تقع المسؤولية على الجهة المشرفة على تنفيذ المشروع، مكتب استشاري أو موظف حكومي، كما تقع أضخم المسؤوليات على الجهات التي تتسلم المشروع، بعد الانتهاء من تنفيذه، التي عادة ما تغض النظر عن كل عيوبه، مقابل تسلّم «المقسوم»! من البعض وهناك مسؤولية فترة الصيانة، وتخلي الجهة الحكومية عن «محجوز الضمان»، بسهولة! ومن بعد كل هؤلاء تأتي مسؤولية المقاول، أو المورّد، الذي يسعى لتحقيق أقصى الأرباح لنفسه. وبالتالي فإن الأمر كله يتعلق بضعف قدرات، أو قلة خبرة، أو خراب ذمم الكثير من المسؤولين عن مراحل تنفيذ أي مناقصة. وقد حذرت شخصيا أكثر من مسؤول من خطورة ترسية عدة مناقصات محددة على شركات معينة، بسبب الفارق الكبير بين كلفتها الحقيقية وما التزم المقاول به، ولكن لم يكترث أحد لتحذيراتي، ولما ذكرته وبيّنته من حقائق، إما بسبب عجزهم عن فعل شيء، أو لكونهم جزءاً من الخراب! كما عملت في السبعينات، وحتى ما قبل الغزو الصدامي الحقير، في المقاولات، وكانت لي تجارب مريرة مع جهاز إشراف وزارة الأشغال، الذي كان بعض أفراده يدفعونني دفعا لأن أخالف، وقد كرهت منذ يومها ذلك النشاط وتركته غير آسف عليه، بالرغم من نجاحي فيه!
إن مشكلة سوء مصنعية الطرق، وبقية الأعمال الحكومية، ناتجة عن أسلوب ترسية المناقصات، وخراب ذمم أغلب الجهات الرقابية، وانتشار الفساد الإداري في الجهاز الحكومي، وغياب الحساب والعقاب! وحيث إن المشاكل معروفة، فإن حلولها معروفة أيضا، والعلاج موجود، ولكن حتما «لا أحد» يود اتخاذ قرار الإصلاح، فـ«المصلحة العليا» تتطلب بقاء الحال على ما هي عليه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

معصومة وحميد

ليس هناك أجمل من الانتماء لوطن والعيش آمناً وبكرامة في كنفه! ولا يعرف حقيقة هذا المذاق، وما يعنيه ذلك من أمان وراحة نفسية، إلا أولئك الذين فقدوا وطنهم، غيلة وغدراً، أو ربما جهلاً! والوطن، كالصحة، لا نعرف قيمته إلا بعد فقده، وما يفعله الكثيرون بأوطانهم اليوم، إن باسم الدين أو الطائفة أو العرق أو القبيلة، أو في سبيل المال، لا يمكن أن يغتفر، وهم لا يعلمون بأن الأمور ستنقلب يوماً عليهم، أو على الأقل على أبنائهم، يومها سيعرفون أن لا معنى لثروة أو عقيدة أو مذهب أو قبيلة إن فقد الوطن، فإن ولى ولت الكرامة معه، وكل شعور بالأمن والأمان!
ولكن حتى الوطن يصبح أحياناً طعمه مراً في الحلق، وتصبح محبته معاناة يومية، وهذا ما رأيته وأراه في عيون الكثير من أصدقائي العراقيين واللبنانيين والسوريين الذين يرون أوطانهم تذوب أمامهم، وجذوة العافية تذوي فيها، ومرابع الصبا تحترق، وهم عاجزون تماماً عن فعل شيء، فقوى الجشع والسطوة المستفيدة من الخراب أقوى منهم ومن مشاعرهم، وأشد شراسة من دعواتهم وصلواتهم وتمنياتهم، وحتى من ما قد يكون بين أيديهم من قوة ومال!
ولقد شعرت شخصياً، عدة مرات، بطعم الوطن المر، ولكن وتيرة ذلك الشعور أصبحت أكثر تسارعاً، مع تسارع انزلاق وطني لمهاوي الصراع الطائفي والفساد الإداري والسياسي، التي سبقتنا إليها دول أخرى «شقيقة». فالأحقاد أصبحت تملأ نفوس الكثيرين، وأصبح عدد من هم على استعداد لبيع وطنهم، وقبض ثمن ذلك رشوة مالية أو مادية، في تزايد مستمر! كما أصبح الجهلة هم الذين يصنعون «الرموز» وبعضهم من يمثل الأمة، وأصبح هؤلاء، وغيرهم من المنحرفين طائفياً وقبلياً، هم متصدرو المجالس واللقاءات، وأصبح وطن الإخاء والعدالة ضحية أطماع هؤلاء.
نعم لقد شعرت بطعم الوطن المر عندما اختار البعض من ابنائه أن يمثلهم السيد «عبدالحميد دشتي»، في مجلس الأمة. وشعرت بنفس الطعم المر وأنا أرى خذلان نفس الفئة لكفاءة مثل السيدة «معصومة المبارك»، وإنكارهم عليها شرف تمثيلهم! وشعرت بتلك المرارة وأنا أتخيل سماع صوتها وهي تخاطب ناخبي منطقتها: «أنتم لا تستحقوني».
نعم، طعم الوطن أصبح مراً بوتيرة متزايدة مع ما اصبحنا نراه من عجز الحكومة، التي تمتلك كل ادوات القوة والتنفيذ، عن وقف هذا التدهور والانزلاق نحو الهاوية!
فهل هناك وضع أسوأ من هذا؟ نعم هناك، وهو ما سيأتي من بلاء!
***
• ملاحظة: ورد في مقال أمس أن الشيخ خزعل كان صديقاً للشيخ أحمد الجابر، والصحيح أنه كان صديقاً لجده الشيخ مبارك الصباح، وسبق أن كتبنا عن علاقتهما الوثيقة. فمعذرة على هذا السهو.

أحمد الصراف