يقول صديقي (حسين) إنه لاحظ أن المسلمين عموما غير سعداء، وهذا ما نراه مثلا في غزة، كما أنهم غير سعداء في مصر أو تونس ولا في الجزائر ولا المغرب ولا في موريتانيا، وحتما في إيران والعراق، وطبعا هم أبعد ما يكونون عن السعادة في الصومال، أو السودان، دع عنك اندونيسيا، أو ليبيا. كما أن من المؤكد أنهم غير سعداء في اليمن، بخلاف أوقات قيلولة القات! أما في أفغانستان وباكستان وسوريا، فهم مشغولون بالموت أكثر من انشغالهم بالسعادة! ولكن في جانب آخر نجد أن أقرباء واصحاب هؤلاء، من مسلمي أستراليا وانكلترا وفرنسا والولايات المتحدة يشعرون بالسعادة، ولا يريدون العودة إلى أوطانهم السابقة، ولو بالقوة، وهم بالتالي سعداء حيث هم، والأمر ذاته يسري على مسلمي إيطاليا والمانيا والدانمرك والسويد والنرويج وغيرها من الدول الغربية، اي أنهم سعداء في كل بلد غير إسلامي وتعساء في بلادهم! ويقول حسين إنه كان يعتقد أن في الأمر مؤامرة غربية لتفريغ دولنا من خبراتها، ولكنه غيرّ رأيه بعد ان اكتشف أن غالبية هؤلاء المهاجرين، السعداء، هم من بسيطي التعليم والتدريب. ويقول حسين إن كل ذلك كان يبدو له في البداية طبيعيا، فهناك شعوب سعيدة وأخرى تعيسة، ولأسباب معقدة لا علاقة لها بالمستوى الاقتصادي، فمعدلات الانتحار والكآبة في الدول الغنية أكثر منها في الدول الفقيرة! ولكن ما هو غير الطبيعي برأيه هو أن مسلمي الدول الإسلامية والغربية لا يلقون بمسؤولية شعورهم بالتعاسة على أنفسهم أو دولهم، بل يعتقدون أن الغرب هو السبب في كل ما يشعرون به من تعاسة! ويقول إن هذا، مع غرابته لا يزال مقبولا، ولكن يتحول الوضع إلى ما يقارب التراجيديا، ويصبح أكثر مدعاة للحيرة، عندما نجد أن غالبية مسلمي الغرب السعداء، يسعون بكل ما امتلكوا من قوة وحيلة، حتى بالعنف المسلح، لتغيير أوضاع الدول الغربية التي يعيشون فيها سعداء، لتصبح مماثلة تماما لأوضاع وطريقة عيش الدول التي سبق وأن هجروها، والتي لا يبدو أن أحدا يشعر فيها بالسعادة! وهنا يسألني الصديق حسين، الذي يقول إن رسالة انترنت هي التي لفتت نظره إلى هذا الوضع المضحك المبكي، عن تفسير لهذه الظاهرة البشرية الغريبة! وكيف يعمل السعداء بالغ جهدهم لتغيير طريقة المعيشة في دولهم، لتصبح مماثلة للدول التعيسة! وهل هناك من تفسير لهذا التصرف الأخرق؟ وهنا اعترف بعجزي عن الإجابة، فهل من متبرع؟
أحمد الصراف