محمد الوشيحي

للمجاهيم والعقبان… شكراً

عيدكم مبارك…
بكامل قواي العقلية، أو بما تبقى منها، أعترف أن نسبة الذوق ارتفعت بين أوساط بنيّاتنا في الكويت من جهة، ونسبة الفجور حلّقت من الجهة الأخرى. أو قل: “مجموعة من بناتنا ارتفعت نسبة ذائقتها وبالتالي جمالها، والمجموعة الأخرى ارتفعت نسبة فجورها وبلواها”.
وكنت جالساً مع خمسة وسبعين بالمئة من أبنائي، ثلاثة من أصل أربعة، نستريح في أحد المطاعم من عناء التسوق، وكنت بذهنٍ متناثرٍ كحطام طائرة، عندما مرت بنا قافلة من “المجاهيم” (مفردها المجهم وهو كل ذي لون أسود) صبايا يرتدين عباءات تخجل أمامها المايوهات، وتذكِّرها ملابس الإثارة المنزلية بتقوى الله، عباءات أضيق من قبر الكافر وأشد سواداً، لو شاهدَتها نجوى فؤاد لصرخت: “اللي اختشوا ماتوا”.
على رؤوسهن نصبن خياماً كخيام القبائل الإفريقية، وفي عيونهن رسمن كحلاً من الكربون يكفي لتحريك محطة قطارات، وعلى أذرعهن، المكشوف جزء منها، نقشن حناء كالثعابين الملتوية، منقبات ماجنات، طرقعة علوكهن تُسمع من به صمم، وكعكعتهن تصم آذان عمال المناجم… تتبعهن، إلى درجة الالتصاق، قوافل من الشبان العاطلين عن العقل، بعيون جائعة ومفردات صائعة ضائعة.
جلست القافلة السوداء على مقربة منا، فأحاط بنا الشبان كأسراب العقبان بعيونهم الجائعة ووجوههم المائعة. عقبان تمنّي نفسها بنهش الجثث المكسوّة بالسواد. لا شك أن الفراغ والبطر وما شابههما فعلت بهؤلاء وأولئك الأفاعيل.
فجأة، لا أعرف كيف سافر ذهني إلى لبنان، إلى حيث المقهى وتلك النادلة (الجرسونة) المراهقة، وزميلها النادل المراهق، وحديثهما لي في صباح باكر في يوم أحد عن حياتهما بعد أن توطدت صداقتنا، وعن دراستهما الجامعية، وعن اضطرارهما للعمل في المساء وأيام العطل لتوفير مصاريف الدراسة الجامعية.
صعقت عندما علمت لاحقاً أن الصبية ابنة أحد كبار تجار العقار، وأن والدها أجبرها على العمل لتصقل شخصيتها بنفسها وتصرف على نفسها بنفسها، تحت رقابته العاقلة، على أن يحمّلها (قلت يحمّلها ولم أقل يمنحها) مسؤوليات إدارة أحد أفرع شركته العقارية حال تخرجها من الجامعة.
عاد ذهني من سفره، وحطّ في المطعم حيث تجلس القافلة الماجنة على مقربة منا، فأمرت أبنائي أن يلملموا حاجياتهم بسرعة، وغادرنا ونحن ننفض عيوننا من كآبة المنظر.
في السيارة أطلقت حشرجاتي الغاضبة في وجوه صغاري: “أولئك النسوة أسأن للنقاب كما يسيء المشعوذون للحية، فلا تربطوا هذه بتلك”. ثم أصدرت أوامري المستقبلية: “سأتوقف عن دفع مصاريفكم حال دخولكم الجامعة، على أن أبحث معكم عن وظائف تؤمّن لكم أدنى مطالبكم، أما أنت – وجّهت حديثي إلى ابني الذي ينوي الدراسة الجامعية في الخارج – فستعقد صداقة حميمة مع الأطباق التي ستغسلها في المطاعم والمقاهي، وسأحتفظ لك بمصروفك الذي تمنحك إياه وزارة التعليم العالي إلى حين تخرّجك من الجامعة”.
كانت قرارات غاضبة صدرت مني كردة فعل على منظر الماجنات أولئك ومنظر العقبان، لكن من قال إن كل القرارات التي تُتخذ في لحظات الغضب خاطئة؟
رب ضارة نافعة، فبسبب ذلك المنظر الكئيب الذي حرك شياطين غضبي في المطعم، رسمت أول خطوط الحياة لأبنائي الذين يعلمون جيداً أنني أنفذ ما أقوله لهم.
أنا مدين لقافلة المجاهيم ولأسراب العقبان… شكراً أيها العاطلون عن العقل والعاطلات عن الحياء… شكراً كبيرة.

سامي النصف

وعز الشرق أوله.. دمشق!

  يخبرني الصديق سعد البزاز وقد كان المستشار الإعلامي لصدام ورئيسا لإحدى الصحف الحكومية في بغداد، انه بدأ يكتب مع سقوط الأنظمة القمعية في أوروبا الشرقية، داعيا للتغيير والانفتاح كي لا تقتلع الرياح نظام البعث في العراق، الا ان صدام دعاه لقصره وطلب منه التوقف عما يكتب، ويضيف البزاز انه أيقن حينها ان النظام ساقط لا محالة، لذا انشق وترك العراق.

***

مع اعصار الربيع العربي الذي أظهر قوة الشعوب المقهورة في المنطقة وأطاح بالأنظمة القمعية، قامت المخابرات في درعا بتعذيب وقتل أطفال صغار رددوا بسذاجة وغفلة ما كانوا يشاهدونه على الفضائيات، ثم دعي أهلهم لتسلم جثثهم المقطعة، وقال الضباط للآباء المكلومين: «أرسلوا زوجاتكم لنا كي نجعلهن يحبلن بأولاد خير ممن قتلناهم»، ويعلم الجميع تأثير مثل تلك الأقوال والأعمال الشنيعة في مجتمع عشائري كالقائم في درعا.

***

لا ننسى لسورية موقفها المشرّف عام 1991 وكان بودنا وبحق ان يتعظ النظام مما جرى لصدام وان يتم التعامل بمرونة مع المتغيرات المحيطة عبر البدء بعمليات اصلاح حقيقية تستقطب الغضب خاصة ان السوريين لم يطالبوا كحال التونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين بإسقاط النظام، بل بإصلاحه، وهو أمر كان سيبقي النظام العلماني بعد توجهه لليبرالية والديموقراطية والتعددية، ومعه بقاء حكم الأقلية العلوية، وهما أمران دعونا وندعو لهما في أقطارنا العربية كافة منعا لقيام الدولة الدينية، وحدّا من ديكتاتورية الأكثرية، وايقافا لمشاريع التفتيت والتقسيم.

يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في أحداث سورية:

سلام من صبا بردى أرق

ودمع لا يكفكف يا دمشق

وبي مما رمتك به الليالي

جراحات لها في القلب عمق

غمزت إباءهم حتى تلظت

أنوف الأسد واضطرم المدق

ولـ (البعثيين) وان ألانوا

قلوب كالحجارة لا ترق

إذا ما جاءه طلاب حق

يقول عصابة خرجوا وشقوا

دم الثوار تعرفه «الشآم»

وتعلم انه نور وحق

نصحت ونحن مختلفون دارا

ولكن كلنا في الهم شرق

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يدق

وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق

جزاكم ذو الجلال بني دمشق

وعز الشرق أوله.. دمشق

***

آخر محطة (1):

 إذا لم يتدارك نفسه ويسمع النصح العاقل نخشى ان يحيل نظام الأسد سورية الى.. غابة متوحشة!

(2) مبادرة الجامعة العربية لا تستحق الحبر الذي كتبت به كونها توفر فقط هدنة مؤقتة يستكمل بعدها مشروع القتل والتفتيت!

(3) الشكر الجزيل للجمعية الثقافية النسائية على لمستها الانسانية وزيارة ادارتها للجرحى الليبيين، الدنيا عيد فاكسبوا الثواب بزيارة الاحباب الليبيين.

مبارك الدويلة

سياسة خرقاء

ينشر هذا المقال مع اول ايام عيد الاضحى المبارك، الذي بمناسبته نهنئ الاخوة القراء ونبارك لهم عيدهم، ونسأل الله ان يعيده على الأمتين العربية والاسلامية باليمن والقبول ومزيد من التقدم والازدهار، في اجواء من الامن والسلام تساعد المواطن العربي والمسلم ان يشعر بآدميته وإنسانيته، أقول هذا وانا اشاهد العيد تلو العيد يمر على اخواننا واشقائنا في الكثير من البلاد العربية والاسلامية، وهم يعيشون اجواء الخوف والرعب وانتظار زبانية الانظمة تطرق ابوابهم، لتأخذ ابناءهم وتزجهم في السجون من دون محاكمات عادلة، ثم تعيدهم بعد ذلك جثثا مشوهة!
وما دام اننا نلوم الانظمة المسبتدة، فهناك ايضا انظمة تمارس هذا الاستبداد، ولكن تحت مظلة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان! فهذه اميركا بالامس صوتت ضد عضوية فلسطين في مجلس اليونيسكو، وهي منظمة اممية تهتم بشؤون التعليم والثقافة في الدول النامية، وتساعد على تقليل نسبة الامية، وتحارب الجهل في الدول المتخلفة، هكذا يفترض نشاطها، لكن الاميركان حُماة الحريات صوتوا ضد عضوية فلسطين، وليت دعاة العلمانية في بلادنا يعترضون على زج السياسة بالثقافة لدى الاميركان، وليت الاميركان اكتفوا بهذه الجريمة الانسانية التي ليس فيها من احترام الانسان شيء، بل اعلنوا وقف مساعدتهم للمنظمة (%22 من ميزانيتها السنوية) بسبب هذا القرار! انا أتفهم قسراً مراعاة اسرائيل في الخطوة الاولى، لكن ما لا يمكن ان افهمه هو محاربة دول العالم الفقيرة وتعطيل التنمية فيها بسبب فلسطين!
ان كان من تفسير لهذه الظاهرة فهو ان اسرائيل اصبحت تسيطر ليس فقط على السياسة الاميركية، بل حتى على مشاعر الساسة والمثقفين فيها وهواجسهم وهمومهم!.
الغريب ان اميركا هذه تهدد لبنان بالامس ان لم يدفع حصته في ميزانية المحكمة الدولية! أليس هذا استخفافاً بعقول البشر وعدم اكتراث لردات فعلهم؟! ألا تنشئ هذه السياسة الخرقاء تياراً متطرفاً في الدول النامية يصعب ايقافه؟! الا يوجد رجل رشيد في واشنطن يقول: كفى؟!.