سامي النصف

عندما يحول الأسد بلاده إلى.. غابة!

  لم يكن مستغربا على الإطلاق الكلام البذيء الذي وجهه مندوب النظام السوري إلى رئيس الوزراء القطري والى الدول الخليجية الأخرى، فنهج الثوريات العربية واحد وبعث سورية لا يختلف في شيء عن بعث أو عبث العراق، الغريب ان البعثيين في البلدين يتحدثون طوال الوقت عن «المؤامرات الخارجية» التي يتعرض لها البلدان والتي تعطيهم الحق بنظرهم للقيام بعمليات «الإبادة الداخلية» وخلق «المقابر الجماعية» ولا يكشفون حقيقة أنهم العدو والمتآمر الأكبر على بلدانهم وشعوبهم، وإلا فلماذا غزا صدام الكويت؟! ولماذا يتم قتل العشرات في سورية مع مطلع كل نهار مما يفتت الجهود بدلا من حشدها لمواجهة المؤامرات المزعومة؟!

***

ان منطق «اتركونا نفعل ما نشاء في شعبنا المبتلى بنا فقد سبق ان قتلنا بدم بارد 30 ألفا في حماة عام 82 ولم يحاسبنا احد» هو منطق اهوج واعوج، فقد تغيرت المعادلات الدولية منذ ذلك الحين وسقطت امبراطورية الشر ممثلة بالاتحاد السوفييتي، وتغيرت معها قدرات الإعلام العربي والدولي على نقل الأحداث، فلو قتل هذه الأيام 40 قطا (لا انسانا) كل نهار لأثار العالم من أقصاه إلى أقصاه، ان ما نراه من قتل محزن لم يتوقف حتى إبان المبادرة العربية يعني تحول سورية تدريجيا من بلد حضارة وتاريخ الى غابة قتل وتوحش!

***

وإذا كنا لا نفهم أسباب الإبادة المتواصلة القائمة منذ أشهر عدة في قلب العروبة الدامي ـ لا النابض كما كانت تسمى سورية ـ عدا انها وسيلة ناجحة وناجعة لإشعال نيران الحرب الأهلية في بلاد الشام، فاننا نطلب من الثوار وخاصة ذوي التوجهات الإسلامية، منعا وإفشالا لمشاريع التقسيم والتفتيت، إعلان إيمانهم بالمثال الإسلامي التركي أو التونسي كنوع من الطمأنة الواجبة للأقليات الدينية والطائفية السورية التي تخشى تكرار ما حدث في العراق من قتل وتهجير للزيدية والمسيحيين، إضافة للقتل والتهجير الطائفي المتبادل.

***

ان الحقيقة التي لا خلاف حولها هي ان العراق والسودان وسورية واليمن وليبيا ومصر تشتعل بها هذه الأيام آلاف الحروب الأهلية الصغيرة والمرشحة كالنار لان تكبر وتعظم وتأكل كل شيء وتتسبب في انقسام تلك البلدان وتحولها إلى دويلات طائفية ودينية واثنية صغيرة متناحرة، والمرعب المخيف ان تلك الحروب قائمة بدعم وتشجيع من الأنظمة الديكتاتورية.. القائم منها والساقط.

***

آخر محطة:

(1) إذا لم تكن تملك الحس الإنساني الذي يجعلك تدين المذابح الكبرى المحزنة التي ترتكب في سورية هذه الأيام، فلا اقل من ان تتوقف عن محاولة تبريرها!

(2) عندما تعدى عزة الدوري باللفظ الذي يدل على قلة التربية على الوفد الكويتي تبسم له سمو الشيخ صباح الأحمد، وعندما تعدى طه ياسين باللفظ على الأمير سعود الفيصل تبسم له كذلك الأمير، وقد أتى الرد سريعا متمثلا بسقوط نظام صدام، فهل تتكرر تلك الحكاية بعد تعدي المندوب السوري على الشيخ حمد بن جاسم وترفّع الشيخ عن الرد عليه؟!

3 – قبل ان نلوم المندوب السوري علينا ان نلوم قيادته وزعامته التي وصفت قبل سنوات قليلة بعض القيادات الخليجية والعربية في خطاب معلن بـ «أنصاف الرجال».. ومن يهن يسهل الهوان عليه!

4 – أرسلت الحكومة الاسترالية من اقصى الارض مبعوثين للكويت ودول الخليج للتأكد من حسن التعامل مع «خرفانها»! الا يستحق الشعب السوري من حكومته تعاملا مماثلا في بلده بعد ان تساوى مع الخرفان في عمليات.. الذبح في العيد، وقبله وبعده؟!

5 – هل يصح ان يظهر بعثي سوري يدعى احمد شلاش على تلفزيون «حزب الله» ليقول نصا كما يظهر في اليوتيوب «مين بده يحشرنا على الساحة؟! اللي بيحشرنا في زاوية بنحشر «الله» اللي خلقه كلياته على بعضه فسورية قوية برئيسها وجيشها»، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

حسن العيسى

سورية اليوم على كف عفريت ونحن غداً

سورية ليست ليبيا ولا تونس ولا اليمن ولا أياً من دول “الربيع العربي”، سورية هي قلب العالم العربي، وهي، تاريخياً، مهد حركة القومية العربية، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث للمنطقة العربية- ودولنا الخليجية لا تشكل استثناء- لو تحولت المظاهرات الشعبية في سورية إلى حرب أهلية، وتصبح هذه الدولة لبناناً أو عراقاً آخر، وبشكل أكثر بشاعة من الاثنين.
ليس لأحد أن ينكر وحشية النظام في قمع المظاهرات السلمية، لكن، أيضاً، لا يمكن أن نغمض العين عن واقع صور العنف الطائفي التي أخذت تتضح ملامحها في الشهرين الماضيين. سورية هي العراق سابقاً ولكن بالمقلوب، في العراق البعثي كانت هناك الأقلية السنية هي الحاكمة والمضطهدة للأغلبية الشيعية، ورغم ذلك كان قناع شمولية القومية العربية يحد من تعرض بقية الأقليات للاضطهاد الديني والطائفي، وبعد “التحرير الأميركي” الأهوج للعراق من سطوة النظام الصدامي أضحت الأقليات العراقية، وتحديداً الطائفة المسيحية، ضحية تفريغ الإحباط من متطرفي الإسلاميين سنة أو شيعة. في سورية الأقلية العلوية هي التي تمسك بمفاصل الدولة وتواجه الآن الأكثرية السنية، وليس البعد الطائفي المسؤول الوحيد عن تحرك شارع الأغلبية السورية الثائرة، فهناك أسباب مثل المرارة الاقتصادية والفساد المالي في النظام السوري، وإن كان عارض الفساد مسألة مشتركة في جل النظام العربي في نادي “الجامعة العربية”، فإن النظام السوري، من ناحية أخرى، حافظ بدرجة كبيرة على الحريات الدينية للأقليات.
خطر التصفيات الطائفية ماثل أمامنا الآن، وكم نخشى أن تصبح سورية صورة مكبرة للبنان ٧٥ – ٩٠، بمعنى أن تكون ساحة الغزوات والحروب بالوكالة لدول المنطقة، والمعركة هي معركة وجود بالنسبة للنظام السوري بصفة خاصة والطائفة العلوية وبقية الأقليات بصفة عامة، وهناك خطر أكبر أن تمتد حرب القبليات الطائفية إلى معظم دولنا العربية (باستثناء مصر وتونس) التي تستمد هوياتها من القبيلة والدين والطائفة، لا من مفهوم الدولة- الأمة.
نخشى أن يكون قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سورية بمنزلة الإشارة الخضراء لتدويل الأزمة السورية، وفتح جرة بندورا (كما في الأسطورة اليونانية) للشرور ليس في القلب السوري وحده، وإنما في بقية أعضاء الجسد العربي والمنطقة كلها. هناك بصيص أمل لتجنب الزلزال القادم للمنطقة حين يتم تجديد محاولة “الوساطة” العربية بين المعارضة والنظام الحاكم السوري، وساطة لا تهدف إلى بقاء النظام على حاله من دون إصلاح حقيقي، وتحافظ في الوقت ذاته على وحدة الوطن السوري، وتحقق أمل شعبه في الحرية والكرامة.

احمد الصراف

عندما تهمل النظافة

لا اعتقد أن هناك من يؤمن بأن العاصمة ومدن الكويت الأخرى مناطق نظيفة وتخلو من القمامة. (مراقب)! وفي هذا السياق، كتب السيد عيسى الكندري، الذي ربما كان مسؤولا سابقا في البلدية، مقالا في القبس في 10/22 عن موضوع النظافة ووظيفة شركات نظافة المدن، وهي الشركات التي طالما اتهمت، من دون تمييز بين الصالح والطالح منها، بالمتاجرة بالعمالة وغير ذلك من التهم، والتي لم يلتفت أحد يوما لمعاناتها مع الجهات الحكومية، بالرغم من دورها الحيوي في المجتمع، وربما يعود سبب ذلك لطبيعة عملها المتعلق أساسا بجمع القمامة، الذي يعتقد بعض السذج أنه مهين! ولكي نتوقع أفضل النتائج من هذه الشركات فإن علينا اعطاءها ما تستحق من أهمية والالتفات لمشاكلها. وقد حذر السيد الكندري من المخاطر التي ستنتج عن عدم اهتمام البلدية بهذه المشاكل، ومنها تأخير البت في نظام جديد للمناقصات، وتكرار تجديد عقود النظافة بشروط مجحفة، وتغاضيها عن قضية تخفيض عدد كباسات القمامة، أو إجبار الشركات على استخدام المستهلك منها، وما يشكله ذلك من مخاطر بيئية، وذلك رغبة من البلدية في تحقيق بعض الوفر في تكلفة العقود، كما تطرق لقضية هي غاية في الأهمية تتعلق بشكوى شركات النظافة، وخاصة الجادة منها، من مشكلة خطيرة طالما أوقعت جهات حكومية في مطبات كبيرة، والمتعلقة بقرار إلغاء تصنيفها، والسماح لجميع الشركات، بصرف النظر عن حجمها وخبرتها وامكاناتها، بالدخول في اي مناقصة حكومية، وقد نتج عن ذلك فوز البعض منها بعقود تنظيف كبيرة تفوق قدراتها الفنية والمالية، مما أدى في النهاية لتوقفها عن العمل، والإضرار بسمعة بقية الشركات الملتزمة، الأمر الذي دفع جهات حكومية، كوزارة مهترئة مثل «التربية»، الى أن تقوم بنفسها بأعمال النظافة بالتوظيف المباشر، وبرواتب تفوق اضعاف ما تدفعه شركات النظافة لعمالها، والتسبب بالتالي في إرهاق جهاز الوزارة، وظيفيا وماديا، وتحميل المال العام ملايين الدنانير من دون سبب وجيه، عدا عن أن القيام بأعمال النظافة ليس من صميم عمل وزارة كالتربية، ويقال ان جهات متنفذة في الوزارة لجأت لهذا الأسلوب لمنفعته الكبيرة لها، فما أكثر فسادك يا تربية!
وبالرغم من مسؤولية بعض شركات النظافة عن التسيب العمالي واتهامها بسرقة حقوق عمالتها، فإنه لا أحد تقريبا تطرق لمسؤولية الجهات الحكومية في تأخر دفعات هذه الشركات، وبالتالي تأخير دفع رواتب آلاف العمال، بحجة مخالفة تلك الشركات لبنود العقد! ويعلم المعنيون بالأمر أن هذه المخالفات ما كانت لتحصل لو أحسن اختيار الشركات وتصنيفها بطريقة مناسبة، واستبعاد غير المؤهل منها من العقود الكبيرة، كما هو متبع في بقية الوزارات بالنسبة لمقاولي البناء والكهرباء وغيرها! وهنا نتمنى أن تلتفت البلدية، الجهة المعنية الأولى، الى قضايا شركات نظافة المدن، لحيوية ما تقوم بتنفيذه من عمل، ولوضع حد لمعاناتها.

أحمد الصراف