احمد الصراف

الشرر والحرائق

في الكويت آلاف المدارس، وجامعة حكومية واحدة، وعدد من المعاهد العليا! كما أن فيها مئات المواقع المدنية والعسكرية الخاصة بوزارتي الداخلية والدفاع، وتنتشر كل هذه المؤسسات في مختلف أنحاء الكويت، ويمر عليها أو يعمل فيها، ويشاهد مداخلها مئات الآلاف يوميا، والشيء الوحيد الذي يجمع بين هذه المؤسسات التعليمية، وبين العسكرية هو كمّ السيارات التي تقف أمامها في أماكن مخالفة للوقوف وعلى الأرصفة، وفوق الزرع، وفي كل مكان – تقريبا – في فوضى عارمة، لا مثيل لها! وكان الأمر يهون قليلا لو لم يتعلق بكون الجهتين مرتبطتين بتعليم النشء وتربيته والمحافظة على الأمن وتطبيق القانون! فكيف يمكن ان يفهم مئات آلاف الأطفال الذين يرون مثل هذه المناظر يوميا أن هناك من يحترم القانون؟ أو ان يستمعوا للمدرسة، ويصدقوها، وهي تتحدث عن النظام واحترام حقوق الآخرين، ويشاهدوها توقف سيارتها يوميا في مكان مخالف؟! وكيف يمكن أن نتوقع محاسبا أو محاميا «شريفا» يتخرج في الجامعة، او أحد المعاهد العليا، وهو الذي لم يتردد يوما، على مدى اربع سنوات، عن إيقاف سيارته فوق الرصيف في مخالفة صريحة لكل قانون؟!
قد يرد البعض بالقول إن المشكلة تكمن في أن المساحات المخصصة لمواقف السيارات لا تكفي العاملين او المنتمين الى هذه الجهات، والدارسين فيها – وهذا ربما يكون صحيحا – ولكنه عذر لا يمكن قبوله ان كانت هناك نية لاحترام القانون. فتكرار، أو استساغة ارتكاب المخالفة المرة تلو الأخرى يخلف ويخلق – لا شعوريا – مواطنا بليدا في حسه الوطني غير عابئ بالمصلحة العامة!
فهل سنرى قريبا تعاونا بين الوزارات المعنية لوضع حل لهذه الظاهرة القبيحة والمشوهة؟ لا أعتقد ذلك، فمن بيدهم العلاج هم أنفسهم الذين سبق أن ارتكبوا مثل هذه المخالفات مئات المرات من دون خوف، وبالتالي ربما يتطلب الأمر استيراد مسؤولين من دولة أخرى!
* * *
• ملاحظة: إن السكوت عمن يشعل الشرر اليوم، سيشجعه على إشعال الحرائق غداً!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

المخرج

الجميع يبحث عن مخرج لهذه الأزمة..! وكلا الطرفين يسير في خط التصعيد من دون تراجع..!
أنا أفهم وأتفهم عندما تقوم المعارضة بحشد كل امكاناتها وطاقاتها لتحقيق أهدافها الداعية في مجملها إلى تغيير الحكومة وحل المجلس، حيث ان كل الأطراف المشاركة في هذه المعارضة أصدرت بيانات استنكرت فيها دخول قاعة مجلس الأمة – باستثناء النواب الذين رأوا انهم أرغموا على هذا المسلك – لكنهم ركزوا على ما يرونه أساس المشكلة، وهو أسلوب الحكومة في التعاطي مع مجلس الأمة وجلساته، وعندما حاول الطرف الآخر – الحكومة – تشويه اداء المعارضة وتسليط الضوء على حادث الاقتحام، والتباكي على الوطن وعصيان أوامر سموه، كنا نتوقع ان يؤثر ذلك في نفوس المؤيدين للمعارضة ويجعلهم ينسحبون من هذا التأييد، لكن ما حدث في ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي اثبت غير ذلك، حيث تضاعف الحضور عدة مرات وتنوع، وان كان من تأثير للحملة الحكومية، فهي في أسلوب الخطاب للمعارضة الذي خلا من عبارات الاستفزاز، وكذلك اعلان منظمي الحشد ان لا مسيرة بعد الخطاب، وذلك مراعاة لرغبة صاحب السمو، حفظه الله، في تهدئة الأوضاع وحتى لا يعطون للطرف الآخر فرصة للصيد في الماء العكر.
الذي لا يمكن ان أفهمه هو أسلوب الحكومة في حشد مؤيديها! فلو اطلعت على بيانات التأييد للشيخ ناصر المحمد واعلانات الاستنكار للاقتحام وقرأت اسماء موقعيها لادركت ان الحكومة لا تعرف كيف تكسب معاركها بهدوء، لذلك جاءت ردة فعل الشارع سريعة يوم الاثنين!
أنا أعتقد ان العناد كان سيد الموقف!! وسيظل كذلك ان لم نتدراكه بحكمة وعقل، وأرى ان المخرج لهذه الأزمة هو بتطبيق الدستور وصعود رئيس الحكومة للمنصة وتفنيد محاور الاستجواب، خاصة ان وزير الدولة أكد سلامة موقف سموه، فان نجح فالمعارضة أعلنت استقالتها وهذه ستكون خطوة مستحقة ونجري انتخابات تكميلية وكفى الله المؤمنين القتال، لكن الاصرار على العناد والتصعيد غير المبرر للمواقف المناهضة، هو الذي سيتسبب في ضياع البلد وليس المطالبة بتطبيق الدستور!
الاخت رولا دشتي – مؤيدة للحكومة – تسأل عن المقتحمين: من منهم جنسية أولى ومن منهم جنسية ثانية! وتقولون من الذي سيضيع البلد؟!