سامي النصف

مجلس منقسم بين مستلم ومقتحم!

  ونحن في موسم الأمطار هذه الأيام نتذكر ان الفيضانات والسيول العارمة التي تكتسح كل ما هو قائم امامها من ثوابت هي نتيجة لقطرات مطر صغيرة تتجمع قليلا قليلا فتتحول من بشائر خير في بدايتها الى كوارث كبرى في نهايتها يذهب ضحيتها الافراد والبنيان و.. الأوطان.

***

في الشقيقة الكبرى مصر بات الجميع يتفق على أن نهج التجمع في الميادين الذي غير الأمور في بدايته للأفضل، تحول إلى سيل جارف يضر ولا ينفع بعكس ما حدث في الربيع الأوروبي الذي خرج الناس فيه سريعا من الشوارع والميادين الى المزارع والمصانع، فازدهرت الأعمال وانتعش الاقتصاد وتكالب السائحون والمستثمرون على تلك البلدان، فاستمرار تجمع ميدان التحرير قضى تماما على السياحة والاستثمار وأغلق المصانع وخرب المزارع ولم ينتج عن حراك الملايين من المتظاهرين صنع ابرة واحدة او قطف ثمرة فاكهة كي يتم تصديرها والاستفادة من مردودها المالي.

***

ومن ميدان التحرير المصري إلى ساحة الإرادة الكويتية وتجمع شعبي وإسلامي وليبرالي تسبب في استقالة الحكومة وهو امر مقبول ان انتهى عند هذا الحد وعادت الناس الى أعمالها، اما اذا بدأ البعض بتكرار ما حدث في مصر واستغل حماس الشباب ليخرجه عند كل مطلب أو تباين في الرأي في المرحلة القادمة فذلك هو الدمار الأكبر الذي جربه قبلنا لبنان في تجمعات قوى 8 و14 آذار وعاد عنه بعد ان دمر الزرع والضرع وعاث في الاقتصاد والتنمية فسادا.

***

وللمعلومة فقط، أتباع القوى السياسية في مصر ولبنان ليسوا مخيرين في عملية النزول للساحات من عدمه بل هناك دائما سلاحا الترهيب والترغيب فالأبواب تدق والباصات تجهز والتهديدات تبطن والأموال توزع يمينا ويسارا ونرجو الا نصل مستقبلا لأمر كهذا كما نرجو الا تستخدم ساحة الارادة لإطلاق رصاصة الرحمة على مشروع كويت المركز المالي والسياحي بعد أن أوقفت التشريعات المشاريع التنموية «الخاصة» الكبرى التي يفترض أن تكون مقصد السائحين والمستثمرين، وتم تدمير «الكويتية» التي يفترض أن تنقلهم بتشريعات خاطئة أخرى.

***

آخر محطة:

 (1) برلمان منقسم بين مستلم ومقتحم يفضل حله والعودة لصناديق الاقتراع.

(2) وأن يحل المجلس من السلطة خير من ان يحل من الساحة.

احمد الصراف

أولاد فريجنا (2-2)

وضع صغار ومتواضعي الثراء والإمكانات والمؤهلات من ابناء عمومة المستنير كان مختلفا عن وضع البقية، فقد كانوا في جميع الأحوال الأكثر خسارة من الوضع الذي وضعهم فيه المستنير، وبالتالي كانوا الأكثر صخبا واعتراضا في قبول «العقد الاجتماعي»، وبالتالي السعي الى إلغائه، أو على الأقل تغيير بنوده، بعد أن تبين صعوبة أو استحالة إلغائه تماما، وفي سبيل تضييق الهوة بين ثرائهم وثراء غيرهم، من المسيطرين على مقدرات مدينتهم، أو مقارنة أوضاعهم باعضاء أسر المدن الست الأخرى، لم يكن أمام هؤلاء غير السعي الى طرق غير «تقليدية» للحصول على جزء من كعكة الثروة الكبيرة، وهكذا فعل البعض في ذلك بشكل كبير، خاصة عندما مرت البلاد بظروف أمنية قاهرة، جعلت من المستحيل تفعيل بنود «العقد»، كما لجأ آخرون اقل خبرة وذكاء الى غير الشرعي من الأساليب لتكوين الثراء، فتورطوا، ولم يكن في «العقد الاجتماعي» ما يكفي لتوفير غير الحد الأدنى من الحماية لهم، وهذا ما زاد من تذمره بشكل عام، خاصة مع زيادة الدخل والثراء الكبير الذي كان يحققه السكان بشكل عام، واستمرار تدني دخل ابناء عمومة «المستنير»، ودفعهم للسعي أكثر من مرة الى الالتفاف على بنود العقد لتحقيق المزيد من السلطة والامتيازات الاجتماعية، ونجحوا في ذلك أكثر من مرة، وهذا أدى في أحوال عدة الى تفريغ بعض بنود «العقد الاجتماعي» من محتواها السياسي، ولم يصل الأمر الى التعدي السافر عليها إلا بعد استمرار زيادة الدخل الناتج عن ارتفاع سعر المعدن الثمين، الذي كان في بطن المناطق الخالية من تلك المدينة، واستمرار بقاء أوضاع ابناء العمومة المالية والسياسية كما هي عليه، مع زيادة طموح الأذكياء منهم للوصول، وكل هذا خلق حالة من التذمر من جهة والريبة بنوايا أحد طرفي العقد من جهة اخرى، خاصة بعد انكشاف عمليات تلاعب وتسريب لثروات أكبر من المعتاد بكثير، وبطرق لم ينص عليها في العقد الاجتماعي! كما فرض حتى بتقديم اي تفسير أو تبرير مقبول لقيامه بمثل تلك التسريبات الكبيرة، إلا أن لسان حاله يقول انه حرم من ثروة، ومن ثراء كان يوما ملكاً له بكامله، فكيف لا يكون له ولو جزءا بسيطا منه! ولكن الطرف الآخر يقول، في الوقت الذي يقر فيه بهذه الحقيقة، إن الزمن قد تغير و«بنود العقد» واضحة وجلية، ولا تتطرق لهذه الجزئية لا من بعيد ولا من قريب، ويضيف انه حتى مع الايمان بهذه «الأحقية»، رغم عدم النص عليها، فلمن يكون الدفع من «يقبض» وكيف ومتى واين؟ وبالتالي من الأفضل إبقاء العقد كما هو! ولكن طرفا ثالثا أكثر حكمة ورجاحة عقل ربما يرى أن من الأفضل تعديل بعض بنود العقد الاجتماعي، بحيث يسمح بمشاركة أوسع لأبناء عمومة المستنير في ثروة البلاد، مع تغليظ، أو توضيح الأحكام الخاصة بمحاسبة أبناء عمومة المستنير على تصرفاتهم، عند ارتكابهم ما يخالف، وإقرارهم الثابت والدائم بأن الأمة هي مصدر كل السلطات! وإلى أن يتم ذلك ستبقى الأمور بين مد وجذب بين الطرفين، ربما إلى الأبد، وليس هذا في مصلحة أحد، أو ينجح طرف في التغلب على الطرف الآخر، وهنا سيعم الجميع الخراب ويحترق كل شيء.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من الذي ورّط النظام؟

في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، اشار سمو الامير الى انه لن يحل الحكومة ولن يحل مجلس الامة!
قال سموه ذلك بناء على معطيات ومعلومات تم توفيرها له من اجهزته المختصة، هذه الاجهزة اعطت صورة مخالفة للحقيقة، ورسمت واقعا مغايراً للواقع السياسي والحراك السياسي الذي تعيشه البلاد منذ اشهر عدة من التأزيم.
الاجهزة قللت من دور المعارضة السياسية وامتدادها الشعبي وتأثيرها في الناس، وهوّلت من قوة موقف الحكومة ودعم الشارع الكويتي لها، ولعل اقرب مثال ما صدر من ضيف برنامج «تو الليل»، الذي اذيع بعد حشد ساحة الارادة يوم الاثنين الماضي، والذي شهد خروج كل الكويت بكل اطيافها دعما للمعارضة، ثم يقول الضيف: الاغلبية الصامتة سجلت موقفها في حشد الله يحفظك يا كويت!
اقول انه بعد ان تبين لسموه ضعف موقف الحكومة، وتماسك المعارضة، وتأكد ان اجهزة الدولة المعنية كانت تعطي خلافا للواقع، لم يتردد عندها سموه من اتخاذ الموقف الصحيح، لان سموه لا يفكر كما يفكر الانسان العادي، بل يفكر بمصلحة الكويت العليا مهما كانت تداعيات القرار الذي سيتخذه!
بقي ان نتمنى ع‍لى سموه ان يتفضل بحل مجلس الامة لسبب وجيه، وهو ان الحكومة المقبلة مهما غيّرت من شخص رئيسها، فإن وجود اغلبية لها في البرلمان سيجعلها تمارس نهجاً مشبوهاً! فالاغلبية التي بيدها مشبوهة ومحالة للنيابة بتهم فساد ورشى، لذلك اي قرار مهما كان وفق الاطر الديموقراطية سيكون في نفوس الناس قرارا مشيناً! حل البرلمان يزيل الاحتقان ويقطع الطريق على المؤزمين، ويفضح من يدعي الاصلاح ومن يرعى الفساد.
الاخوة في مكتب مجلس الامة ورطوا انفسهم عندما تخيلوا ان تقديم شكوى الاقتحام سيحرج البعض ويعرقل ممارستهم لدورهم السياسي! وقد قلنا مراراً وتكراراً ان المعارضة السياسية عندها من الادوات ما لا يتوافر لخصومها، وانها متحللة من بعض القيود التي تقيد بعض خصومها، لذلك نجحت المعارضة في قلب الطاولة وجعلت من الشكوى قضية تجتمع حولها كل الكويت في حشد غير مسبوق، قدرته شخصياً بمائة الف كويتي من دون مبالغة!
الاسلاميون.. حجة من لا حجة له! انت ضد الحكومة: اتهمهم انهم مع النظام وداعمون.
انت ضد المعارضة: اتهمهم انهم المحرك الرئيسي للمعارضة ووقودها! هذا حالنا في الكويت منذ سنوات مع خصومنا، يذكروني بزين العابدين، وحسني مبارك، وبشار، عندما قالوا قبل سقوطهم ان الاسلاميين هم وراء الثورات التي تحدث في بلدانهم، في محاولة لتحريك الغرب ضد الثورة، والجميع يعلم ان الاسلاميين جزء من نسيج المجتمع، وان من قام بالثورات هو الشعب بكل فئاته، لكن عندما تستقر الامور ويعطى الشعب حق التعبير والاختيار فإنه بلا شك سيختار تيار الفطرة تيار الدين.
ختاماً.. هناك فئة في المجتمع اعتمد عليها رئيس الحكومة المنحلة واعتمدت عليه، وكادت مواقفها ان توجد شرخا في المجتمع الكويتي الصغير، اتمنى لهذه الفئة ان تكون كويتية اكثر من السابق، وان تضع يدها بيد بقية فئات الشعب الكويتي لإعادة بناء الديرة الخربانة، وان نصرخ جميعا بصوت واحد: كلنا للكويت.. والكويت لنا.