سامي النصف

الدجل العربي وين؟!

  يقول أمير الشعراء أحمد شوقي، مشيرا إلى الغوغاء من شعوبنا «يا له من ببغاء عقله في أذنيه».

في الخمسينيات والستينيات اختص هيكل بكتابة خطب حماسية ونارية لعبدالناصر مترجمة حرفيا من خطب غربية لتشرشل وغيره بقصد خداع الشعوب وجعلهم يصدقون ما يسمعون من أكاذيب لا ما لا يرون من حقائق تتمثل في تكرار الهزائم العسكرية الشنيعة للأنظمة العسكرية العربية وتفشي عمليات القمع والقهر والإبادة وتغييب الحريات وسرقة وإفقار الشعوب.

***

مع وفاة عبدالناصر عام 1970 وتولي أمين القومية العربية والأفريقية معمر القذافي الحكم تولى معه مسؤولية الكذب والدغدغة وخداع الشعوب الشاعر والملحن الليبي «علي الكيلاني القذافي» الذي يخفي عادة اسمه الأخير ويكتفي بألقاب «شاعر الثورة» و«شاعر ملحمة صدام»، حيث ألف ـ أو قاموا بالتأليف له ـ أغاني حماسية تسعد الغوغاء وتجعلهم يتمايلون طربا ورقصا مثل «الغضب العربي وين» التي غنتها جوليا بطرس وأصبحت الأكثر شهرة وانتشارا، و«من يجرؤ يقول» التي خص في جزئها الأول السعودية بالقدح وفي جزئها الثاني المقبور صدام بالمدح.

***

ومعروف ان المناضل الكيلاني أثرى ثراء فاحشا كغيره من المناضلين العرب أمثال هيكل وعطوان وبكري ومن لف لفهم حتى قيل ان أسطول سياراته الخاصة لو استخدمه لحسم معارك كتائب القذافي ضد الثوار الأحرار، وكان الكيلاني في موقعه الإعلامي الرسمي مزيجا من لطيف نصيف في رشاواه للصحافيين، وسعيد الصحاف في أكاذيبه للإعلاميين وان تميز عنهما بغزواته النسائية الشهيرة على الفنانات الزائرات وكله بالطبع من حساب الشعب الليبي المقهور الذي استمع لأغانيه «المخصصة للغير» عن الغضب العربي و«أين الملايين» (الأرجح انه كان يتحدث عن ملايين الدولارات)، وأين الثائرون، فتجاوب الشعب البطل مع تلك الدعوات وثار وأسقط نظام القذافي.. وعفارم الدب الكيلاني!

***

ولمعرفة الفارق بين الكلام المخادع المدغدغ والواقع الأليم تكفي متابعة لقاءات قناة «العربية» مع الوزير والسفير عبدالرحمن شلقم الذي عمل عن قرب مع القذافي لمدة 40 عاما، وفيها يقول ان أبناء القذافي الثمانية استباحوا في السنوات الماضية وبشكل فج خزانة الدولة وسرقوا جهارا نهارا المليارات من الدولارات لكل واحد منهم برضا ودعم من والدهم الذي رباهم ـ حسب قوله ـ على شيء واحد فقط هو إرهاب وإرعاب الشعب الليبي وألا يقف ليبي أمامهم إلا خائفا ومرعوبا.

***

ومن روايات شلقم ان ابن القذافي المعتصم دأب على شتم و«ضرب» رئيس الوزراء د.البغدادي علي المحمودي الذي رآه ـ شلقم ـ يبكي اكثر من مرة بسبب ذلك الضرب والذي تم حتى في ليلة زفاف ابنة البغدادي (خوش تهنئة) ويضيف ان سبب الضرب هو طلب المعتصم من البغدادي ان يحيل جل ميزانيتي الخارجية والداخلية الى حساب مؤسسته الأمنية، وان هنيبال غزا هيئة الاستثمار الليبية وحول 1.5 مليار دولار منها الى حسابه الخاص، كما سطا الساعدي على احد بنوك الدولة وسرق كل ما فيه، ويسترسل بالقول: ان أبناء القذافي كانوا يقيمون الحفلات الباذخة والماجنة ويشترون اليخوت والطائرات ثم يحيلون الفواتير الى وزارة المالية كي تدفعها من أموال الشعب الليبي الذي يطالب شاعره الأوحد شعوب الدول الأخرى بأن تثور على حكامها.. هزلت!

***

آخر محطة:

(1) لماذا قتل الثوار القذافي ومن ثم ضيعوا على أنفسهم فرصة إرجاع 200 مليار دولار سرقها وأرسلها الى الخارج؟!

(2) نمط حياة القذافي وأبنائه والبذخ الشديد والرفاه الخيالي الذي كانوا يعيشونه يجعلهم أبعد ما يكونون عن نمط الحرب والمقاومة وطلب الموت، وأقرب بالمقابل الى الهرب السريع للاستمتاع بتلك الأموال وإلا فلماذا سرقوها وأخرجوها؟! وهو أمر ينطبق كذلك على صدام والمجرمين من أبنائه.

(3) اشتكت سهى عرفات ـ يا حرام ـ من ان حرم الرئيس زين العابدين سرقتها وطردتها رغم انها استثمرت الملايين ـ ولربما المليارات ـ في بلدها وقد أيدها في شكواها من جعل عقله في أذنيه ولم يسألها من أين أتت بتلك الأموال في وقت لا يجد فيه الشعب الفلسطيني ما يأكله؟! سوق النضال والدغدغة والخداع رائج في الوطن العربي ويدر الخير الوفير على أصحابه أما صوت العقل والحكمة فيفقر ولا بواكي لأصحابه!

 

مبارك الدويلة

أميركا مرة أخرى

عندما نقول ان أميركا بسياستها الخرقاء تساعد على نشوء الارهاب وترسيخه في نفوس الشباب المسلم العربي المحبط من كل ما حوله، نقول ذلك من واقع نعيشه ومشاهدات امامنا، في مقابلة مع التلفزيون التونسي سأل المذيع ضيفه الشيخ راشد الغنوشي، الذي فاز حزبه تواً بانتخابات تأسيسية في تونس: ما تعليقك على تصريح وزيرة الخارجية الأميركية من انها ستراقب الحزب في ادارته للبلاد، لتتأكد من دعمه للحريات والديموقراطية قبل ان تتخذ واشنطن أي قرار بمساندته ودعمه؟! فكان جوابه مفحما لكل باحث عن الحقيقة: لقد كانت أميركا داعماً رئيسياً لنظام زين العابدين بن علي طوال الأربعين سنة الماضية، وكان أكثر الأنظمة القمعية للحريات، ولم نكن نعرف معنى الديموقراطية، وكان أكثر من مارس الدكتاتورية بأبشع أشكالها!
أليس هذا هو الكيل بمكيالين؟ أين المبادئ والثوابت التي تسير عليها السياسة الأميركية راعية الحريات وحامية الديموقراطيات؟!
***
عندما كان البعض يعيب علينا في الكويت كثرة القواعد الأميركية، كنا نقول لهم انها قواعد بعيدة عن المناطق السكنية، وليس للتواجد الأميركي أي أثر في الحياة الاجتماعية واليومية للكويتيين، واننا بالكاد نراهم في الأسواق والشوارع!
ليلة العيد، وأمام سوق الكوت في الفحيحيل، وحوالي الساعة الخامسة مساءً ومع اذان المغرب، وقف أميركي ضخم الجثة ــــ مارينز ما فيها روح وتعال ــــ وقد لف ذراعيه حول خصر فتاة أميركية مثله، وأخذ يقبلها أمام المارة وصوت الاذان يصدح «حي على الصلاة حي على الفلاح»، من دون أي اعتبار لمشاعر الناس أو المكان الذي مارس فيه فضيحته.
لذلك نرجو من المسؤولين عن هذا التواجد الوقح ان يلزموه بالبقاء في حظيرته، حيث فيها ما لذَّ له وطاب، وليفعل خلف الأسوار ما يشاء، ولكن يحق لنا ان نطالبه باحترام عاداتنا وثوابتنا إذا أراد هو احترام وجوده وانسانيته التي فقدها بفعله المشين.
***
عودة الخال عباس مناور بعد غياب طويل اثلجت صدورنا، حيث انه كان وما زال صوت العقل لكثير من السياسيين في زمن غاب فيه العقل وسيطر فيه حب الذات! فالحمد لله على سلامتك يا بومطلق.
***
بالمناسبة أيضاً ومع صدور هذا العدد يبدأ توافد حجاج بيت الله الحرام الى الكويت، فحجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكوراً.