سامي النصف

الجذور التاريخية والسياسية لـ «القبيضة»!

لو دعاك شخص وطلب منك حماية منزله الكبير من الحريق وحضرت ووجدت سلكا كهربائيا مفسوخا ينذر بالخطر، فأمامك حلان الأول ان تغطي السلك بالشريط اللاصق وتكتفي بذلك وهو ما يسمى بـ «الحل الفردي» للمعضلة، ومشكلته ان ذلك الخطر قد يتكرر بعد مدة في سلك آخر وينتهي الأمر باحتراق المنزل، الحل الآخر هو ان تغطي السلك وتطلب من صاحب البيت ان يتعاقد مع مؤسسة سلامة تزور منزله كل شهر وتتكفل بتغطية اي سلك آخر بإمكانه ان يحرق البيت وهذا ما يسمى بـ «الحل المؤسسي» الكفيل بإنهاء الإشكال الى الأبد.

*****

بالمثل يمكن ان نتعامل مع مشكلة الايداعات النقدية الحالية بالاكتفاء بالحل «الفردي» لها عبر الاكتفاء بتحويل الجناة الى النيابة وترك الباب مفتوحا لـ «قبيضة المستقبل» ـ بل والحاضر حيث ان هناك قبيضة كبارا ضمن من يعلي الصوت هذه الأيام في الساحات وأمام الميكروفونات ضد القبيضة ـ او ان نقوم بالبحث في جذور الاشكال توازيا مع «الإحالة للنيابة» للوصول الى حلول «مؤسسية» تقضي على هذه الظاهرة الى الأبد.

*****

وأول الحلول الجادة والحادة من الفساد التشريعي والمجربة في «جميع» برلمانات العالم الأخرى، يكمن في تعديل بعض التشريعات لخلق «لجنة قيم» تحاسب وتردع وتزجر وتفصل المتجاوزين من النواب، لذا فمن يعلي الصوت ضد القبيضة الحاليين ويرفض في الوقت ذاته إنشاء مثل تلك اللجنة هو في الواقع قبيض كبير بالسن مهما ادعى من ثورية وطهارة وطنية ويكفي ان يتتبع احد السيرة المالية لبعض الثائرين ليكتشف هذه الحقيقة الجلية، فحال هؤلاء كحال معمر وصدام وغيرهما ممن ادعوا الطهارة ونظافة الذمة ليكتشف المغرر بهم بعد سقوطهم أنهم أكبر الذمم الآكلة للسحت.

*****

ثاني الحلول المؤسسية لظاهرة «القبيضة» ـ التي ابتدأت للعلم مع بدء الحياة البرلمانية الكويتية قبل 50 عاما ـ هو عبر الموضوعية في الطرح والبحث عن مصلحة الكويت بدلا من الموالاة او المعارضة المغرضة طوال الوقت وخلق الاستجوابات الكيدية التي تضطر الحكومات المتعاقبة ومنذ نصف قرن للبحث بأي ثمن عن الداعمين لمشاريعها ومنع اسقاطها في البرلمان في ظل وجود من يتعهد أمام ناخبيه إبان فترة الحملات الانتخابية بالمعارضة لأجل المعارضة والوقوف ضد حكومات لم تشكل بعد، وهل بعد هذا الفعل المدمر فعل؟!

*****

إن على الشعب الكويتي وشبابه ان يعي ان فشل اي حكومة في الماضي او الحاضر او المستقبل ليس فشلا خاصا برئيسها بل فشل للكويت جمعاء، حالنا حال الدول الأخرى، ففشل وإخفاق الحكومة القطرية او السعودية او المصرية.. الخ هو اخفاق بالقطع لقطر والسعودية ومصر، وتلك بديهية أخرى يخفيها بعض ساستنا لخلق الأزمات والاستجوابات التي هي الرافد الرئيسي للفساد التشريعي الذي لا تحله الخطب المدغدغة والكلمات النارية بل تزيده اشتعالا، وكم من ذمم خربة تختبئ تحت دشاديش بعض نوابنا ممن لم نسمع قط بتقديمهم «استقالاتهم» من كراسيهم الخضراء صانعة الأموال، ممن جاوز مكوث بعضهم عليها بقاء الديكتاتوريات العربية أمثال صدام ومعمر! وكيف يصدق احد مطالبتكم الآخرين بالتخلي عن الكراسي الخضراء وأنتم متمسكون بها حتى القبر؟! وأين التضحية لأجل المبادئ؟!

*****

آخر محطة: أثبت عزوف شبابنا الواعي عن حضور تجمعات المتثبتين بالكراسي الخضراء ان الكويت بخير، اما القلة التي حضرت فالبعض منها طيب القلب وحسن النية والبعض الآخر أترك لكم الحكم عليه بعد متابعة هذين المثالين اللذين شاهدتهما على احدى الفضائيات الكويتية:

1 ـ شاب يقول للواء محمود الدوسري واللواء بكامل لبسه الرسمي ورتبته العسكرية «أنا مواطن وانت مواطن فليش أطيع أوامرك؟».

2 ـ شاب آخر يلبس عقالا فوق القحفية (!) يقول للمذيع «وين رجال الأمن عن اللي داسوا علم الكويت؟»، معروف ان الذين قاموا بذلك الأمر هم من العراقيين القاطنين في بغداد التي لا يعلم على الأرجح انها ليست تابعة للكويت!

أخيرا: مظاهرات في بغداد لتجمعات بعثية نصرة للتجمعات الكويتية اي عودة لـ «ربيع 90» الذي انتهى بالغزو وهل يريد هؤلاء البعثيون الا الضرر بالكويت؟ فهل نتعظ؟!

مبارك الدويلة

فيصل.. ورصاصة الرحمة

بعد انضمام التحالف الوطني والمنبر الديموقراطي للحراك الشعبي، وبعد قبولهم بأن يجلس رموزهم بجانب رموز الحركة الدستورية والسلف، وبعد تراجعهم عن قرارهم الرافض للنزول للشارع ومشاركة القوى السياسية والشبابية الحراك الشعبي الرافض للأوضاع وما آلت اليه، أقول بعد هذه الخطوة ــ ولو جاءت متأخرة ــ أصبح التغيير أمراً مستحقاً، واجراء لا مفر منه!
في الفترة الماضية كان الناس منقسمين الى قسمين: مؤيد لتغيير الحكومة، ومن يرى اعطاء فرصة لها عل وعسى ان يساهم ذلك في الاستقرار، اليوم تأكد للجميع ان معظم مشاكلنا بسبب اداء الحكومة وقراراتها، ولم يعد الأمر يحتمل السكوت، وحان الوقت للنظام ان يدرك هذه الحقيقة، ان التغيير آت لا مفر منه، وأصبح حل الحكومة هو المخرج من عنق الزجاجة، أما حل البرلمان فأنا شخصياً أرفض ذلك، فقد جاء هذا المجلس ــ مهما اختلفنا مع ادائه ــ بارادة شعبية وانتخابات حرة، فليكمل مدته، ولو طالبنا بحل كل برلمان لا يعجبنا، لأصبحت ديموقراطيتنا ضحكاً على الذقون.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحل والمخرج من الأزمة بحل الحكومة مع وجود مجلس فاسد؟ أقول: نعم فالحكومة مارست دور السمكة التي أفسدت بقية الأسماك، ولعل وجود حكومة جيدة وصالحة ينصلح معها حال مجلس الأمة بعد ان ادرك النواب ان الرقابة الشعبية أقوى من الاغلبية النيابية.
المهم ان الشعب ينتظر هذا المساء وما يأتي معه، فالليلة نتوقع حشداً غير مسبوق وطرحاً مميزاً نتمنى ان يكون بعيداً عن التجريح، حتى لا نقول ان عقلاء المجلس وصالحيه اردى من نواب الملايين! الليلة يجب ان تكون مميزة، ونرسل رسالة واحدة للنظام: الشعب بكل أطيافه يريد حكومة جديدة ونهجاً جديداً! وأتمنى من القيادة السياسية المعروفة بالحكمة والحرص على مصلحة البلد ان تأخذ هذا المطلب على محمل الجد، ولتعلم – وهي بلا شك تعلم – ان تلبية مطالب الشعب عزة ورفعة لها، وان نجاح المعارضة هو نجاح للنظام وليس هزيمة له، بل ان تحقيق مطالب المعارضة السياسية سيعزز مكانة النظام في النفوس وسيجعل الربيع الكويتي ربيعاً مختلفاً عن الربيع العربي، فالأخير ربيع للشعوب، بينما هنا سيكون ربيعاً للشعوب والنظام على حد سواء.
***
ملاحظة أخيرة:
تصريح فيصل الدويسان بتأييد النزول للشارع مؤشر على ان «رجال حول الرئيس» لم يعودوا حوله، بل تركوه بعد ان تبين لهم ان الاستمرار في دعمه له كلفة باهظة، لذلك اعتقد ان نزول فيصل وجماعته الى الشارع سيكون بمنزلة رصاصة الرحمة لهذه الحكومة.

احمد الصراف

عندما لا يستحي البعض ولا يخاف

يقول المثل المصري «ناس تخاف ما تختشيش»! ولكن في الكويت كثيرون لا يخافون ولا يستحون. فقد قامت لجنة «ازالة التعديات على أملاك الدولة» قبل أيام، بارسال مئات الانذارات للمتجاوزين على أملاك الدولة، فور اكتشاف فرقها وجود حوالي 9000 تعدٍّ جديد، نصفها تقريبا سبق للجنة أن أزالته، لكن المتجاوزين أعادوا الكرة مجددا خلال العطلة الصيفية! وذكر مصدر أن الازالات ستتم بمساندة قوى الأمن! وهنا الغرابة، فهؤلاء لم يستحوا من اقتراف المخالفة، بل أعادوا ارتكابها، وهم على استعداد حتى لتكرارها مرة ثالثة، وفوق ذلك مقاومة رجال الأمن والدخول معهم في عراك، ان منعوهم من ذلك. وعدم الحياء هذا لم يأت من فراغ، فهؤلاء، مع وجود دافع شبه فطري لديهم للمخالفة، لانسجامه مع نفسياتهم، يرون ويسمعون يوميا عن ذلك الحجم الكبير من السرقات والمخالفات في كل الأجهزة تقريبا، مع انتشار الفساد في كل مرفق، وهم بالتالي لا يفعلون شيئا غير السير مع التيار، فهل يلامون؟ طبعا يلامون، ولو أن جزءا كبيرا من الحق يقع على رخاوة الوضع في البلد ككل!!

***
سبق أن أثارنا الوزير الشمالي قليلا في حادثة سابقة، ولكن تصريحه الأخير أثار شفقتي، وأضحكني أيضا، فقد صرح، وهو في زيارة رسمية لسويسرا، أن الفرصة اتيحت له للتعرف على امكانات الاقتصاد السويسري وكيفية الاستفادة من الوضع المالي لسويسرا والتقنيات الموجودة هناك وكيفية نقلها الى الكويت He must be joking. وزاد على ذلك بالقول: ان التعرف على تجربة سويسرا في ترشيد الانفاق واعادة هيكلة بعض الجوانب في سياساتها المالية شيء مهم في اطار تعرفنا على تجارب وخبرات مختلف دول العالم، لا سيما في كيفية تعاطيها مع سياساتها المالية، خاصة بعد الازمة المالية العالمية، ومعرفة ما يناسبنا!!
والآن، هل يصدق أحد مثل هذا الكلام من أهم وزير في حكومة الكويت؟ وهل حقا، وهو المعتق في وزارة المالية، موظفا ومديرا ووكيلا، لم يكن يعلم بامكانات الاقتصاد السويسري، صاحب أقوى عملة في العالم؟ وهل يصدق عاقل أن الكويت ستستفيد، على يده أو يد ورجل حكومته، من الوضع المالي لسويسرا ومن امكاناتها التقنية، وفوق هذا نقل تلك التقنيات للكويت؟ يا رجل ارحم عقولنا، أو ما تبقى من فهم وعقل لدينا!!

***
ملاحظة: أخبرني مسؤول سابق أثق بكلامه أن وزير النفط محمد البصيري مصرّّ على أن زيادة رواتب العاملين في النفط لن تكلف الحكومة شيئا، وهذا صحيح في عرفه، لأنه ينوي السحب من احتياطي الأجيال القادمة لتغطية فرق هذه الزيادات، فكيف يجوز ذلك؟ ويا نواب أين أنتم؟

أحمد الصراف

حسن العيسى

كادر وكدر

انفجر بركان الإضرابات في جل دولة «الموظف العام»، وكل جماعة تقرب خبزتها من النار قبل الآخرين، وكلما أقرت حكومة الحصافة كادراً لنقابة ما تراكضت بقية النقابات للمطالبة بالمثل، وإذا كانت نقابة العاملين بالنفط قدماها راسختان في الارض، فبها وعبرها يتحرك الدم الأسود في شريان الدولة، إلا أن بقية النقابات التي تطالب اليوم ليس لها مكانة العاملين في القطاع النفطي، لذا لن تكون إضراباتهم مؤثرة على الأرجح، ومع ذلك، هناك شكوى عامة مفادها أن أسعار السلع والخدمات ازدادت غلاء، بشكل غير معقول ولم تعد الرواتب متناسبة مع النفقات (هذا ليس قاصراً على الكويت، التضخم يجثم فوق معظم صدور الأوربيين مثلما تنهش المجاعات بطون الصوماليين).
وجهتا نظر يحق لنا أن نستمع لهما بصدر رحب، الأولى، يقول أصحابها، إن مصيرنا الضياع، إذا ما ظلت الحكومة على نهج التبديد وشراء الولاءات، مباشرة عبر سياسيات الدعم السلعي والخدماتي، أو من خلال تعميم عطايا الكوادر على غير المستحقين، أو بطريقة غير مباشرة عبر مد يد العون الكريمة على حساب الأجيال لنواب الصدى، أي الذين يرددون صدى الصوت الحكومي، ويقفون معها في السراء والضراء، ودائماً يهذون بمثل دارج: «زوج أمي أقوله عمي»! أصحاب هذا الرأي يمثلون فئات عريضة من التجار، وكثير من «المثقفين» ( وأقول كلمة مثقفين بمنتهى التحفظ)، فهم يرون أن ثروات البلد تسرق من حلوق أجيالنا القريبة، وربما بأسرع مما نتصور، الجميع سيفلس مع إفلاس الدولة أو عسرها على الأقل، الهدر يتم عبر التشريع للكل أو عبر التنفيع المباشر للبعض، أي منح وإسقاط التزامات مالية لخدمات عامة، ودعم سلعي للمحتاج وغير المحتاج؛ وبالنهاية، نؤكد أن أموال اليوم الأسود تحرق بدم بارد، الآن، وفي اليوم الأبيض واننا نرى ليلا حالكا يتقدم شيئاً فشيئاً، هو آت آت لا محالة.
وجهة النظر الثانية ترد ببساطة، بأن الأولين لم يتركوا شيئاً للآخرين، فبعد تاريخ ممتد من نهب وتكديس ثروات خيالية من مناقصات و»شطارة» ليست بالضرورة أخلاقية وليست دائماً «حلالاً»، عندكم أنتم يا أصحاب الوجهة الأولى؛ تأتون اليوم للموظف المسكين الذي يحيا بالراتب وحده (في معظم أو بعض الأحيان)  وتستكثرون عليه «كادراً» أو «كويدراً» بسيطاً، لماذا لا يكون حالنا من حالكم، فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.
وإذا كنتم تتهموننا بأن إنتاجنا كموظفين هو الأسوأ من بين الدول، وأننا أصحاب مقولة «تعال غداً فالمدير غائب»، ونحن من يغلق الباب أوقات العمل ويلتهم سندويشات الفول والفلافل، فماذا عنكم أنتم؟ هل أنتم برجوازية أوروبية أو غربية خلقت وصنعت وغيرت التاريخ! هل منكم  هنري فورد، أو بيل غيتس، أو ستيفن جوبس، أنتم وكلاء بضائع وسلع، ولا أكثر، ونحن من يستهلكها، ندري أن الدولة قامت على أكتاف آبائكم وأجدادكم، لكن الأمور تغيرت بعد أن صارت الدولة (أقصد السلطة الحاكمة) هي التاجر الأكبر ورب العمل الكبير، هو يعطينا حقنا اليوم مثلما أخذتم أنتم حصصكم من الكعكة الكويتية، لكم نصيب ولنا نصيب.
لا أؤيد أياً من الطرفين، في بلد أصبح الكثيرون من أهله يقولون فقط «هات وهات»، لكني أؤيد دون تردد أن تقرر الدولة كادراً للفلبينيات ومن في حكمهن في الخدمة النهارية والليلية، فهن يقدمن «خدمات جليلة» للوطن وأهل الوطن، ولولاهن لأصبحنا في كدر!

احمد الصراف

دور الإبل

عندما كتبت قبل أيام عن «غزوة الابل» للمحميات الطبيعية والفتك بنباتاتها واتلاف مزروعاتها، وتهجير حيواناتها وتخريب أعشاش طيورها، كنت أعتقد انني أكتب عن جريمة عادية تتكرر كل عام، ولكن اتصالاً هاتفياً من قارئة بيّن أن المسألة أكثر تعقيدا مما كنت أعتقد، وأكثر مدعاة للحزن على مصير هذا البلد، فالابل دخلت علينا من الجوار، الذي رفع مسؤولوه أسعار الأعلاف فيه، أو رفعوا الدعم عنها، بعد أن عرفوا حجم الهدر والسرقات لديهم، ولم يجد أصحاب الابل أمامهم حلا أسهل من سوق ماشيتهم الى الكويت ربما لثقتهم بأن حكومتها لن «تفشل بعارينهم»، ولأن في محمياتها الطبيعية الكثير من العلف، وهكذا هجمت بعارين هؤلاء، وبمشاركة مباركة من بعض رعياننا وملاك «الحلال» عندنا، مدعومين من قبل «غيارى النواب»، وكسروا اسوار المحمية ودخلوها غير عابئين بالقوانين التي تمنع ذلك، وعندما حاول البعض ايقافهم اعتدوا عليهم باليد واللسان، وعندما اشتكى هؤلاء لـ«السلطة»، طلب منهم «غض النظر»، فأشياء كالبيئة، والمحافظة عليها والمحميات مجموعة «خرابيط» لا تعني للمعتدي، وربما من وافق على الاعتداء، شيئا، والابل بالتالي أولى بالعناية والرعاية!
وحيث أن المحميات محمياتنا ونحن أولى بأعشابها وزهورها ولحوم حيواناتها، فاننا ندعو كل محبي البر لنقل مخيماتهم في الموسم المقبل الى هذه المناطق، قبل ان تقضي عليها ابل الغير. فمن لم يبخل بحر ماله على كسب الولاءات، لن يبخل بالتضحية بكل المحميات لكسب الولاءات ذاتها. من المهم أن نبين هنا أن هذه المحميات، مثلها مثل الأسوار والحواجز والجسور والطرقات، أمور طارئة، وبالتالي لا هي من عاداتنا ولا من تقاليدنا، والتعدي عليها بعرف الكثيرين أمر مشروع تماما!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

فضفضة

– مولدنا بالمجان، ودراستنا بالمجان، ووظيفتنا مضمونة، وزواجنا مدعوم من الدولة، وتكاثرنا نمنح عليه الأموال، وتمويننا بالمجان أيضا، ومع هذا نهدد اقتصاد البلد إن لم نمنح كادراً!!
– يكشف لنا وبتسجيل صوتي واضح بأن رئيس مؤسسة حكومية فاشلة يطعن بولاء مجموعة من الكويتيين، ويوزع المناصب وفقا لمذهبهم الديني، فنوجه سهامنا إلى من قام بتسجيل صوته!!
– لا نقف للعلَم ونطالب بدمج الكويت مع جاراتها، ومن ثم نردد “إلا الدستور”!!
– نقبل الرشوة وأموالنا مودعة في بنك إسلامي!!
– نردد بأنها مدرسة وأخت الرجال، ومربية الأجيال، ونصف الدين، وفي الوقت نفسه نطالب بعزلها عن الرجال لأنها تثير الغرائز!!
– “نريد ديمقراطية… نريد ديمقراطية”. هكذا نردد… وفي لحظة الديمقراطية نشارك في فرعية!!
– نتنافس في الشهادات هذا طبيب، وذلك مهندس، وتلك دكتورة في الجامعة، وهذا خريج من هارفارد، ونكرر سؤالا واحدا: ما حكم معجون الأسنان في رمضان؟!
– تسرق أموالنا… ونعلم من السارق… يشتري جريدة… “نشترك فيها”!!
– يستشهد ألف كويتي… يتم تخليدهم باسم شارع… يستشهد شيخ كويتي يخلد بضاحية وصالة ومدرسة!!
– نضرب العامل، ونحقّر الخادمة ونهين الفرّاش، ولكن لا تفوتنا صلاة الجمعة!!
– ينظّف لنا وافد، ويطعمنا وافد، ويدرّسنا وافد، ويبني بيوتنا وافد،  وشعارنا “الكويت للكويتيين”!!
– نحترم القانون نعم… خارج الكويت!!
– نشكو اختفاء الفن، ونمنع الحفلات وانحدار المسرح، ونملأ الصالات، ونتذمر من انعدام الثقافة، ونمنع الكتب!
– البلد: الكويت… التاريخ: 1950 مصدر الدخل: البترول- البلد: الكويت… التاريخ:2011… مصدر الدخل: البترول!!
– شهر مارس “ارحل نستحق الأفضل”– إبريل “ارحل نستحق الأفضل”– مايو “ارحل نستحق الأفضل”–  يونيو “ارحل نستحق الأفضل”– يوليو وأغسطس “فاصل ونعود”!!
– 4 سنوات كاملة ولا نستطيع تطبيق قانون لأن هناك “شيخ  ما يبي”!!

احمد الصراف

مشروع تجميع نقط النفط

فور إقرار مجلس الوزراء لزيادة رواتب العاملين في القطاع النفطي، صرح وزير النفط محمد البصيري، الذي يفترض ان يكون الأكثر خبرة كونه نائبا في عدة فصول تشريعية، ونائبا سابقا لرئيس مجلس الأمة، بأنه لن يطلب دينارا واحدا من الحكومة لإقرار زيادات العاملين في وزارته! وهذا يعني أنه ينوي أخذ مبالغ الزيادة من حصيلة بيع النفط، وما يتبقى يورد الى وزارة المالية! وهكذا لن تتحمل الحكومة شيئا! وعليه نطالب الإدارة العامة للجمارك، وغيرها، باتباع الأسلوب ذاته، من خلال المطالبة بإقرار كادر رواتب جديد لهم، مع تعهدهم بعدم مطالبة الحكومة بدينار واحد لمواجهة هذه الزيادة، ومن ثم القيام باستقطاع تكلفة الزيادة مما يتم تحصيله من إيرادات جمركية على الواردات، وتوريد الباقي، إن تبقى شيء، الى وزارة المالية. لا بل نطالب أيضا تدريس هذه الطريقة الجديدة في تمويل زيادة الرواتب في مدارس الحكومة، في الجامعات لدينا.
ليس مؤسفا صدور مثل هذا التصريح ممن هو بمثل خبرة الوزير البصيري، فهؤلاء يتوقع المرء سماع «أي كلام» منهم، فهم بشر مثلنا، ولكن المؤسف حقا بقاؤهم في مناصبهم حتى الآن! فكيف يمكن قبول وجود مثل هذه القناعات في منصب «وزير النفط»، الأكثر أهمية وحيوية والتصاقا بأمن ورفاهية الوطن والمواطنين ومستقبلهم من اي جهة أخرى؟
قد نكون على خطأ في حكمنا، ولكن ها قد مر اسبوع على تصريح الوزير، ولم نسمع منه، أو من مكتبه أي توضيح لمغزى ما قاله، فهل هناك استخفاف بالعقول أكثر من هذا؟

***
ملاحظة: قبل إرسال هذا المقال للنشر قام «مصدر غير موثوق» في وزارة النفط بالاتصال لتوضيح ما عناه الوزير، حيث أخبرنا بأن ما ورد في القبس من تهكم على التصريح لم يكن موفقا، فالزيادات التي أقرت سيتم تمويلها من خلال «صندوق خاص» سيشارك في رصيده جميع موظفي وزارة النفط والشركات التابعة لها، بحيث تستقطع نسبة محددة من راتب كل موظف وتودع في الصندوق، ومن ثم يتم استخدام الحصيلة شهريا لتمويل زيادات الرواتب! واستطرد المصدر قائلا إن هذا الإجراء سيستمر العمل به لحين الانتهاء من مشروع تجميع «نقط النفط» التي عادة ما تسقط في البحر او على أرصفة التعبئة، أثناء تعبئة الناقلات بالنفط، ومن ثم تجميع هذه النقاط وتكريرها وبيعها كوقود، ومن ثم تحقيق عائد يكفي لتغطية هذه الزيادة، وايضا زيادات السنوات المقبلة!
إن صدقتم كلام الوزير فستصدقون كلامي وكلام المصدر غير الموثوق!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

إلى المنقبات وأخواتهن

 

أكرمني الله بصديق يعيش مع زوجته حياة معكوسة، هو يكره السياسة والقنوات الإخبارية، ويمقت الرياضة وكرة القدم تحديداً، ويعشق الشعر والتسوق، وهي تكره التسوق، وتتابع مباريات كرة القدم بهوَس، المحلية منها قبل العالمية، ولا تفوتها فائتة من مباريات الدوري الأوروبي، وتعرف أسماء اللاعبين الاحتياطيين والأساسيين، وتتابع أخبار تنقلاتهم وصفقاتهم، وتحمل «كرت قناة الجزيرة الرياضية» في حقيبتها أينما حلت وارتحلت. وهي فوق ذا وتحت ذاك تتابع أخبار السياسة.
يقول: «منعتها من حضور المباريات المحلية في المدرجات، ووافقت على حضورها المباريات الأوروبية أثناء تواجدنا هناك، على أنني أقضي وقتي بتصفح المجلات طوال جلوسنا في المباريات».
هاتفني أمس متذمراً: «أم فلان صدّعت رأسي تريد أن تحضر تجمعاتكم، لا وفقكم الله ولا وفقها، ولا وفق الساعة التي تزوجتُ فيها جورج بوش»، هكذا يسميها! قلت: «ما المانع من حضورها؟»، قال، وكأنما يصرخ على المجتمع وعليّ أنا وعلى زوجته: «يا عزيزي أنا لا أمانع، لكننا بدو كما تعرف، وستتبرأ مني قبيلتي لو مرّت الكاميرا علينا أنا وهي في التجمع»، وأضاف: «أنت تعرف أن (ربعنا) سيضيفون بهاراتهم على القصة، فيقسم أحدهم أنها كانت ترتدي البكيني، ويقسم الآخر أنه شاهدها وهي تعانق الرجال، الواحد تلو الآخر، ويقسم الثالث أنها كانت تمسك كأس الويسكي في يدها وتترنح، وكادت تدهسها السيارات لولا تدخل الخيّرين ورجال المرور، ويقسم الرابع والخامس والسادس… ثم ما حكايتكم مع التجمعات؟ ماذا تريدون من الحكومة؟ ألم توفر لكم «المهيدب»* في الأسواق؟ ألا يحمل كل منكم بطاقة السحب الآلي في جيبه؟ فماذا تريدون أكثر، سحقاً لكم (هو قال الله يلعنكم لكنني أضفت على جملته الماء وخففتها)؟
قلت: «أنت تحمل درجة الماجستير وزوجتك تحمل البكالوريوس، وقضيتما جزءاً ليس بالقليل من حياتكما في أميركا، وتقول نحن بدو؟! أنا الذي أقسم الآن أن خالد الحربان يعرف أنواع الإبل أكثر منك، ومحمد كرم يعرف «الحمض» وأنواع العشب ويفرح بالمطر أكثر منك ومن زوجتك، فدع عنك هذا العذر الأجوف وهذه الأوهام التي سيطرت عليك، واحسب حسابك على (اليوم الكبير) يوم 21 سبتمبر الجاري، أي بعد أيام قلائل، حيث من المقرر أن تجتمع القوى السياسية بقواعدها وكبارها وشبانها في ساحة الإرادة. ومن هنا إلى (اليوم الكبير) عليك أن تتوقف عن متابعة قنوات الردح وعن تناول المهيدب، وانهض معنا لنتدارك ما تبقى من الكويت…».
واستمر الحديث، و«تعرمشت» أذنه ولم أطلق سراحها إلا بعد أن سألني: «هل ستكون هناك مساهمات مالية؟ وكيف يمكنني المساهمة؟».
وقبل أن ننهي المكالمة قال في ما يشبه الرجاء: «احرص على تشجيع المنقبات (المنتقبات) على الحضور كي تختفي زوجتي بينهن»، قلت: «سأفعل».
فيا ذوات النقاب ويا ذوات الحجاب وذوات التنورة القصيرة والجلباب وذوات الجينز والكاب، المثقفات منكن تحديداً… الديرة تراهن على حميّتكن وغيرتكن عليها أكثر من كثير من ذوي الأشناب.

* المهيدب: نوع من أنواع الرز، تعتبره الحكومة من المأكولات السيادية، يأكله الشعب فيتسطح ويؤيد الحكومة.

سامي النصف

من المسؤول الحقيقي عن الفساد التشريعي؟!

 لو وضعت مالك في خزينة وأغلقت باب منزلك عليها ثم أتى من تسور وكسر وسرق المال، فالجاني هنا وبالمطلق هو السارق، أما لو وضعت مالك وتركته على طاولة وسط سوق الجمعة ثم تمت سرقته فالجاني هنا انت لا السارق.

تلك البديهية تنطبق على فساد بعض النواب وتجاوزاتهم المالية الحالية، فلو كانت هناك «لجنة قيم» تحاسب وتزجر وتردع وتفصل النائب المتجاوز والمرتشي، ثم تجاوز نائب او مجموعة من النواب لكانوا هم المتعدين، اما في غياب مثل تلك اللجنة الموجودة في جميع برلمانات العالم فالمسؤول بداهة هو من حارب وبشدة انشاء مثل تلك اللجنة الواجبة ومن ثم أعطى النائب صفة «العصمة» فوق «الحصانة» وجعله بمكانة من لا يسأل قط عما يفعله حتى اننا لم نشهد محاسبة نائب واحد طوال نصف قرن من العمل النيابي.

في بداية التسعينيات قرأت كتابا بحثيا عن «لجنة القيم» في الكونغرس الأميركي وبعض الدول الأخرى وأخبرت النائب آنذاك الزميل علي البغلي بالأمر فتبناه على الفور وطرحه على المجلس وفيما بعد طرحه النائب السابق والوزير الحالي عبدالوهاب الهارون على المجلس كذلك، كما كتبت عنه مرارا وتكرارا في مقالاتي، وقد تصدى لذلك المقترح النائب المخضرم الطامع بكرسي الرئاسة وحصد تأييد النواب بأي ثمن وأسقطه بحجج لا يقبلها عقل طفل صغير، وقد فتح ذلك الإسقاط الباب واسعا للفساد التشريعي الذي أزكم الأنوف والذي يعتبر بعض منتقديه أول المسؤولين عنه.

ومن أبواب الفساد والرشوة والاثراء غير المشروع، بناء العمارات والمجمعات واستخدام النفوذ النيابي لتغيير استخداماتها من استثماري الى تجاري وتأجيرها بالملايين على الحكومة التي يفترض بالنائب المعني مراقبتها، وكيف لنائب ان يحاسب وزيرا قام بتأجير العقارات بالملايين منه؟! وهو ما يعتبر بنص القانون «رشوة» وتكسبا غير مشروع من المال العام، ولو وجدت «لجنة القيم» لأسقطت منذ يومها الأول من يقوم بتلك الأعمال الشائنة التي لا تتساقط بالأقدمية ولا يغطيها التقدم المخادع بقوانين «من أين لك هذا؟» او «الذمة المالية» دون عقوبات رادعة لمن يخفي الحقائق فيها.

آخر محطة:

 (1) نطالب بأن يصلب في ساحة الصفاة اي نائب من نواب الايداعات المالية متى ما ثبتت التهم عليه، على ان يصلب قربه او قبله من ينتقده ولا يقول لنا كيف تحول هو من موظف حكومي كبير يعيش على الراتب الى شخص فاحش الثراء يسكن في قصر منيف يقدر ثمنه بالملايين ويملك عشرات العقارات في الكويت وخارجها؟!

(2) للحقيقة وليس لتخفيف الجرم عنهم، نواب الايداعات المالية أفادوا أنفسهم ولم يضروا الكويت، أما بعض منتقديهم فقد باعوا ضمائرهم للشيطان وتسلموا الملايين لخلق الأزمات الطاحنة المتتالية التي تضر باستقرار البلد السياسي والاقتصادي وتضع مستقبله على كف عفريت، والفارق بين الاثنين كبير.

احمد الصراف

أنا وراباي بيت المقدس

أقرت بريطانيا مؤخرا قانونا لمحاربة الرشوة يعاقب الجهات التي تدفع أموالا أو تقدم هدايا لمسؤولي الدول الأجنبية، بغية الحصول على وضعية تنافسية أفضل، وكسب عقود التجارة والمقاولات والاسلحة وغيرها. وفرض القانون عقوبات مشددة تصل إلى عشر سنوات سجناً، وغرامات مالية لا حدود لها على من تتم ادانته، وشمل القانون جميع الجهات في بريطانيا! ولو تمعنا في الجانب المادي لهذا القانون لوجدنا انه بالفعل يقلل من قدرة الشركات البريطانية على منافسة غيرها، وبالذات الدول التي لا تجرم مثل هذه الجرائم، وما أكثرها، فلهذا القانون جانبه الأخلاقي الذي لا يمكن إغفاله، والذي يبرز عظمة المجتمعات الغربية، فقد سبقت بريطانيا في إقرار مثل هذا القانون دول اسكندنافية عدة والولايات المتحدة، فالهدف منه ليس فقط حماية الدول الأخرى، والمتخلفة بالذات، من الفساد الإداري، بل وحماية الدول المعنية بإصدار القانون من خطر تفشي الفساد فيها، وجعل دفع الرشوة، حتى في الخارج، جريمة خطرة. وعلى ضوء ما أصبحت الإدارة الكويتية تشتهر به من فساد مالي وسياسي، فإننا سنلاحظ في السنوات المقبلة تضاؤل حصة الشركات البريطانية، وشركات الدول التي لا تسمح حكوماتها بدفع رشى، من عقود الإنشاء والتوريد المدني والعسكري.
هذا ما نحتاج الى تعلمه من الغرب، وليس التركيز على «التافه» من الأمور وكأن ليس لدى هؤلاء ما يشكرون عليه! ولو كانت الإدارة الحكومية الكويتية جادة ونظيفة حقا لما قبلت بغير التعامل مع شركات الدول التي تتعامل حكوماتها بصرامة ووضوح مع قضايا الرشوة الخارجية! ولكني هنا ابدو وكأني ذلك الـ«راباي» الذي قابلته صحافية في القدس، وسألته عما تحقق من أدعيته وصلواته لأربعين عاما أمام حائط المبكى، فنظر لها باستغراب وقال: ألا ترين يا ابنتي أنني أكلم حائطا من الحجر!

أحمد الصراف