سامي النصف

المقال في أزمة العمال البنغال

هل تريد أن تصبح من أصحاب الملايين في لحظة؟! الفرصة لم تفت والقضية أسهل مما تتصور، فما عليك الا ان تؤجر مكتبا 4X3 امتار وتستخرج رخصة جلب عمالة، ثم تتقدم بالعطاءات لجلب آلاف العمالة لسد حاجيات الوزارات والمؤسسات المختلفة براتب 5 دنانير للراس، وسترسو عليك المناقصات طبقا لقاعدة «أقل الأسعار» الشهيرة، ثم ما عليك بعد ذلك الا ان تتسلم من الجهة الحكومية رواتب العمال ثم لا تعطيهم شيئا وتتركهم يشحذون لقمة عيشهم.

ان احد أوجه معضلة العمالة هو عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور وعدم تعديلها تباعا لمواجهة الغلاء الفاحش في الكويت، كذلك فاحدى مصائب قضية العمالة هي الشركات «الطرثوثية» التي تنبت على الأرض دون ملاءة مالية والتي ما ان تحدث مشكلة لها مع الجهة الحكومية حتى تتوقف الشركة المعنية عن صرف رواتب العمال المستضعفين فيها، لقد خرجت كبرىات شركات العمالة المحترمة من السوق وحلت محلها شركات طارئة يقف خلفها بعض المسؤولين والنواب بقصد الاثراء السريع.

وأحد الأمور الخاطئة هو الاعتماد على العدد لا النوع في مناقصات التنظيف، فأغلب مناقصات تلك العمالة يمكن الاكتفاء بنصف او ربع عددها، فمن يزر مستشفيات ووزارات الدول المتقدمة يجدها في أحسن حال دون الحاجة لمئات الألوف من عمال السخرة الذين يملأون الطرقات والشوارع، ان عمالة نوعية أقل براتب أكبر، افضل من عدد كبير برواتب اقل يؤدون لنفس النتيجة.

ولاشك في أن هناك فساداً ينخر في بعض الجهات الحكومية المتعاملة مع قضايا الكفالة والعمالة التي اسماها البعض «النفط أو التثمين» الجديد، اي ان من تمكن منها وعرف خفاياها اصبح كمن اكتشف حقل نفط في داره، ان اصحاب الاسماء المتداولة في «تجارة البشر» المغموسة بالعرق والدم هم من تفترض مناصبهم بهم ان يكونوا اول المحاربين لتلك الجريمة الشنعاء غير المغتفرة.

يتبقى ان تلك الثغرات والمظالم قد اتاحت لبعض العاملين في السفارات التدخل السافر في شؤوننا الداخلية من تحريض على الاضراب والحرق والتظاهر، وهو امر خطير للغاية، حيث ان الكويت تضم رعايا 160 دولة، ومتى ما اعطي للسفارات حق التدخل في شؤوننا الداخلية فسنصبح «مطقاقة» للجميع وفرجة بين الأمم، وفي هذا السياق علينا الا نتدخل في شؤون الدول الاخرى عندما يتجاوز احد طلبتنا او مواطنينا على الآخرين في بلدانهم، وعامل الناس بما تحب ان يعاملوك به.

آخر محطة:
شاهدت لقاء ممتعا ضمن برنامج «نجوم على الأرض» مع الزميل فؤاد الهاشم وكان مما قاله بعد خبرة 30 عاما في مجال الاعلام ان الكتابة الساخرة هي موهبة وقدرة تولد مع الانسان وتصقل بالقراءة والاطلاع وليست قرارا يتخذه الفرد لنفسه، اوصلت ذات مرة مثل تلك النصيحة «بالسر» لأحد الكتاب ممن كانت تعجبنا مقالاتهم حتى لا يغير اسلوبه ويسيء لنفسه ولمن يحاول تقليد كتابته الساخرة فغضب وكتب ما كتب في الأمس القريب، قديما قيل: النصيحة بجمل، هذه الايام النصيحة المحبة تسبب الزعل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *