العامل البنغالي مثل النمر في غالب الأحيان. فالنمر سيتركك تمرّ بجانبه في الغابة من دون أن يؤذيك بشرط ألا تباشر أنت بأذيته، بل وقد يبادرك التحية، ولو استطاع لتناول معك فنجان قهوة إن لم يكن مرتبطا بمواعيد في طرف الغابة، أما إن بدرت منك حركة غدر يمين يسار أو شعر بخطورتك على حياته فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نقطة على السطر. الناس وراها دوامات… العلماء كلهم يقولون: «النمر حيوان مسالم، لن يهاجمك إلا إذا جاع». وأنا أقول: «والبنغالي كذلك، لن يهاجمك إلا إذا جاع».
والبنغالي في الكويت جاع فهاجمنا، أو قل جوّعناه فهاجمنا. ولا يمكن أن نسأله عن سبب تظاهره وتخريبه قبل أن نسأل أنفسنا عن سبب حرمانه من راتبه لأشهر طوال عجاف. أبدا ليس من المنطق ترك السؤال الأول والقفز مباشرة إلى السؤال الثاني، كما حدث لصاحبي المصري أثناء دراستنا الجامعية في مصر عندما تعرف على إحدى صبايا جامعة عين شمس ودعاها للخروج معه إلى أحد المقاهي أثناء الاستراحة ما بين المحاضرات، فوافقت وسألته ببراءة: ايه نوع عربيتك؟، فأجابها ببراءة أيضا: حضرتك قفزتِ إلى السؤال الثاني مباشرة، مش كان المفروض تسأليني الأول إن كان عندي عربية والاّ لا؟
ولو تساءلنا عن دور حكومتنا وكيف ستحل مشكلتهم وتقتص لهم من تجار الرقيق وتعيد الأمن المفقود للبلد، لوجدنا أن سمو الشيخ ناصر المحمد – الذي يرأس الحكومة بنظام «الانتساب» ويدير البلد عن بعد بواسطة المسجات «sms» – يسابق الشمس في تغطية الكرة الأرضية.
هذه الأيام، سمو الرئيس ذهب إلى خط الانطلاق، حيث تولد الشمس، هناك في شرق الكرة الأرضية، رافعا قفاز التحدي في وجه الشمس… في هونغ كونغ، وفي جناحه الشاهق الفخيم في الدور السادس والعشرين حيث الإطلالة البانورامية، تحديدا جناح رقم 2608، شاهد سموه فيلما وثائقيا عن الفندق المفخرة وكيف أنشأه صاحبه العراقي. ومن خلال التلسكوب الذهبي الضخم الموجود في صالون جناحه أطال سموه النظر إلى المدينة الصاخبة، ثم أطال بعد ذلك التأمل والتفكير والمقارنة بين هونغ كونغ والكويت، فاكتسى حزنا… سمو الرئيس هناك يتأمل يحزن ونحن هنا نتأمل ونلطم، الكل يتأمل في هذا اليوم المبارك.
سفرات سمو الرئيس كلها، سواء إلى الشرق أو إلى الغرب، هدفها البحث عن إجابة على سؤاله الكبير المؤرق: كيف وصلوا إلى هذا المستوى؟ ولو أنه أراح نفسه من وعثاء السفر وسألني أنا لأجبته باختصار: لأنهم أرادوا ذلك! هذه هي الإجابة، فعد إلينا طال عمرك فقد بلغ الشوق منا مبلغه.