لم تكن «أزمة» مواد البناء، التي ما كانت لتطرأ على بال الكثيرين «صورة خيالية»… كانت ولاتزال حقيقة قائمة، ولانزال نجهل كيف ستكون الحلول على رغم التحرك الحكومي! ونجهل أيضا، هل ستكون الحلول، علمية واقعية موضوعية، أم هي «ترقيعية» والسلام؟
لا أحد من أهل البلد يتمنى السوء لبلاده أبدا، ولكن، ذلك لا يمنع من أن نعترف بأن الصعود على السلالم الورقية والادعاء بأن الأمور في البلاد دائما وأبدا على خير ما يرام سيجعلنا نسقط السقطة تلو الأخرى، ثم نهب للبحث عن الحلول، وقد عزت… بعد فوات الأوان، أو حتى في أوان الفوت، لن يكون في مقدورنا التحرك لضمان الحلول المطمئنة… إذا، ما الحل؟
الحل ببساطة، أن نعترف، بأن الكثير من الأجهزة الحكومية ينقصها التخطيط الإستراتيجي، وهي حين تدعي دائما تحقيق المراتب الأولى، بل والأولى من نوعها، فإنها لن تصبح وحدها حطاما تحت جبل من المشكلات والأزمات، بل سنكون كلنا تحت ذلك الحطام لا قدر الله.
الوقت ليس مناسبا للحديث عما حققناه من إنجازات والركون إلى العافية، وكأننا لا نستطيع التحرر من مقولات ولدنا وتربينا عليها من قبيل أن العرب تسيدوا العالم… وعلماء المسلمين اكتشفوا الابتكارات قبل أن يكتشفها الغرب… وكنا، وكنا، وكنا، في السابق… في الماضي من الأيام… أما عن اليوم الحاضر، فلا شيء لدينا إلا الفخر بإنجازات الماضي، وأننا لانزال، منذ القدم، في المقدمة.
يعتقد الكثير من كبار المسئولين، وأصحاب القرار، أنهم بتكرار العظيم المنجز كل يوم، إنما هم بذلك يفرحون القيادة السياسية، ويعتقدون أيضا، أنه من العيب أن نتحدث بصراحة عن أوجه الخلل واستقراء المستقبل بعقول متفتحة تنجينا مما لا تحمد عواقبه، إذا، هم بذلك يخدعون القيادة ويخدعون الدولة ويخدعون الشعب كله! متناسين مسئوليتهم أمام الله وأمام القيادة بأن عليهم أن يكونوا صادقين، وإلا فإنهم سيغضبون القيادة وسيغضبون الشعب كلما وقعت واقعة.
لنتخيل، من باب التخيل الحر فقط الآتي:
– كيف سيكون وضعنا لو تكررت أزمة «الاثنين الأسود» وانقطعت الكهرباء عن البلاد مجددا؟
– لو لا سمح الله، تعطلت محطات تحلية المياه، ما المخزون لدينا، والى أي مدى يمكن أن يصمد؟
– ماذا لو استمرت أزمة مواد البناء، وانقطع المدد القادم عبر جسر الملك فهد لسنوات مقبلة؟
– ليس لدينا أمن غذائي إطلاقا… فلا ثروة زراعية ولا حيوانية، ولا مصانع أغذية تتوافر موادها الخام محليا… ماذا لو اشتدت أزمة الغذاء العالمي، كيف سيكون وضعنا؟
– بين حين وحين، نواجه أزمة دوائية، ودائما الحلول موجودة وناجحة، لكن ما هي؟
– ما مصادر الدخل القومي المستقبلية القادرة على الإيفاء باحتياجات الأجيال المقبلة… زادت أسعار النفط أم تدهورت؟
– نستورد كل شيء من الخارج… متى سنحصن أنفسنا داخليا؟ ماذا لو نشبت الحرب، ومرة أخرى، انقطع المدد القادم من الخارج؟
لاشك في أن كل الحلول موجودة لدينا، لكن أين وكيف ومتى؟
قد نراها مجرد «أوهام»، لكن لا يمكن أن يكون التخطيط الإستراتيجي الحقيقي وهما؟