محمد الوشيحي

عسكر العيار

كالفقير الذي ينجب المزيد من الأبناء ودخله لا يمكنه من توفير أبسط متطلباتهم، سيكون هذا هو حال مجلس الأمة في حال أسقط القضاء عضوية النائبين مبارك الوعلان وعبد الله مهدي العجمي واستبدلهما بالمرشحين عسكر العنزي وسعدون حماد العتيبي… مزيدا من «رجالة المعلم».
عسكر العنزي، في حال دخوله البرلمان، سيكون النسخة المعتمدة للنائب السابق طلال العيار، شكلا ومضمونا. كلاهما له «بيبي فيس» أو وجه طفولي، كلاهما «صاروخ معاملات»، وكلاهما صلى على راحته صلاة الميت وفتح باب منزله لأصحاب المعاملات التي لا تنتهي، بدءا من المشاريع الكبرى وانتهاء بمخالفات ممنوع الوقوف، ولا يشعران بالضجر مهما ازداد عدد المعاملات. وقد سمعت بأن ابتسامة النائب السابق طلال العيار التي يشاهدها آخر الخارجين من ديوانه هي الابتسامة ذاتها التي يشاهدها أول القادمين، والابتسامة جهد مجهد، لكنه رجل لا يكل! أمور أخرى يشترك فيها الاثنان، منها أنهما من دائرة واحدة، وأنهما لن يشعرا بألم في المعدة لو تم انتهاك الدستور… الفارق الرئيس بينهما أن عسكر العنزي لا يمكن أن يصل إلى قدرة طلال العيار في التأثير على المشهد السياسي بأكمله. طلال العيار، اتفقنا معه أو اختلفنا، شخصية مؤثرة تمتلك أدوات التفاوض والتهدئة والتصعيد، يجيد استخدامها بحسب الوقت والمكان.
وعلى الرغم من «حكومية» طلال العيار الناصعة البياض إلا أن شخصيته القيادية القوية لا يختلف عليها العرب والفرنجة إطلاقا. قوة مغلفة بابتسامة طفولية. وقد أوصل لي بعض مهندسي وزارة الكهرباء والماء شكاواهم من الظلم الإداري في وزارتهم، وأكدوا بأن الخلل تكرس في الفترة التي تسلم فيها العيار الوزارة، وسميت تلك الفترة بـ «سنة الجهراء» بسبب سيطرة أبناء الجهراء، من أنصار الوزير تحديدا، على المناصب، وأنه كان الرجل الأول والأخير في الوزارة. وقد نصدقهم، لكن هذا يعتبر مديحا للعيار في الزمن الذي لم يعد فيه للوزير كلمة على الوكيل، والدليل وزارة الصحة، ووكيلها الحديدي عيسى الخليفة، الذي يبدو أن الأوضاع ملتبسة عليه، فظن بأن مهمة الوزراء فقط هي ارتداء البشت… عيسى الخليفة هو الحاكم بأمره في وزارة الصحة، ومعالي الوزير علي البراك يبادل حمام الدوح الشكوى على الأغصان. وعندما سمعت بأن الوزير البراك يفكر جديا بمناقشة مجلس الوزراء لاستبدال عيسى الخليفة بوكيل آخر ضحكت وضحكت حتى شعرت بالجوع.
وضحكت أكثر عندما قرأت يوم أمس خبر تبرع الكويت لمصر ببناء ثماني محطات كهربائية عملاقة في الوقت الذي تكدس فيه سكان بعض مناطق الكويت في سياراتهم بحثا عن التكييف المفقود في منازلهم، ورحت أردد مع صاحب أفضل حنجرة عربية على مر الزمان نصري شمس الدين رحمه الله وهو يغني الميجانا: «أووف أووف أووف، ويا ظريف الطول يا بو الميجانا، يا بو العيون السود شو بحبك أنا».

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *