د. شفيق ناظم الغبرا

المرأة في الانتخابات الكويتية

تمثل هذه الانتخابات بعداً جديداً، فهي ليست الأولى فقط من ناحية خوض الانتخابات وفق الدوائر الخمس، ولكنها أول انتخابات ذات معنى بالنسبة إلى المرأة، فالمرأة التي لم تكن مهيأة ومستعدة للتأثير في الانتخابات السابقة في ظل الدوائر الخمس والعشرين، نجدها أكثر استعداداً في هذه الانتخابات. إن الأمر مختلف الآن، فعدد المرشحات أكبر من السابق، إذ وصل الى 28 سيدة. إن قدرة النساء على التنظيم والإدارة للحملة الانتخابية أو دعم مرشح من دون آخر يأخذ الآن بعداً جديداً. فمشاركة المرأة في هذه الحملة بقاعدة أكبر وتنظيم أفضل ومرشحات أكثر ثقة واستعداداً يساهم بتغيير شكل وطبيعة الحملة الانتخابية في الكويت.
وبينما للمرشحات دور على قدر كبير من الأهمية، كما أن فرص فوز بعضهن أصبح يمثل خياراً ممكناً أمام المجتمع، إلا أن الدور الحقيقي للمرأة قد بدأ من خلال حصولها على حقها بالانتخاب ومن خلال دور النساء كناخبات أولاً. في هذا ستبدو قوة المرأة الرئيسية وتأثيرها على النتائج في يوم الانتخاب. ولهذا فإن المرشح الذي يهمل المرأة واحتياجاتها والقضايا التي تعنيها لن يحالفه الحظ. لهذا يقع تغيير كبير من خلال الدور النسائي في المقار الانتخابية. أذكر قبل أعوام عشرة وفي التسعينات عندما كان يكتفي بعض المرشحين بوضع بضعة مقاعد للمرأة في غرفة أو خيمة منفصلة. أما اليوم فالصورة انعكست لصالح مشاركة نسائية كبيرة.
إن قضايا المرأة عديدة ومتشابكة مع قضايا المجتمع. ولكن مشاركتها بالانتخابات بقوة يساهم في إنضاج المسائل التي تعنيها وتعني المجتمع. فالمرأة معنية بالتعليم، وهي معنية بحقوقها الاجتماعية، وبحقوق أولادها، وهي تصر على المساواة في الحقوق وفي الواجبات، وتسعى إلى المزيد من الحقوق في التعليم، وفي المناصب، وفي الدور الوطني الأوسع. ستصر المرأة على تبني القضايا الوطنية العامة لأنها تعنيها، وستصر على تبني الجيل الصاعد وانتخاب الشباب من المرشحين، وذلك لتأكيد حقوق جيل جديد.
إن فوز المرشحين أكانوا رجالاً أو نساء لن يكون ممكناً بلا أصوات المرأة. بل إن المرأة وقضاياها في هذه الانتخابات ستقرر نجاح مرشحين وخسارة مرشحين آخرين، لهذا فالمرشح الذي يحمل خطاباً سلبياً تجاه المرأة أو الذي لا يجيد التحدث في المسائل التي تعنيها وتهمها سوف يتأثر سلباً ويفقد الكثير من الأصوات الرئيسية. إن دخول المرأة المعترك السياسي واكتسابها الحقوق وممارستها لهذه الحقوق يخلق وعياً جديداً يساهم في تعديل المعادلة الكويتية الانتخابية.
إن ما يقع في صفوف المرأة مؤشر على أن أحد أهم مداخل التغيير في الكويت تغير القوانين السلبية، إضافة إلى تطبيقها مثل قانون الانتخاب الذي منع المرأة من المشاركة في السابق. إن المستقبل أمام الكويت مفتوح في حال تبني قوانين عصرية، تساوي بين الناس، وتفتح أمامهم فرص المساواة والمنافسة الشريفة. إن ما يقع مع المرأة وأثر هذا على الكويت دليل على القوة الحضارية للقوانين التي تؤمن العدالة والحقوق المتساوية بين الناس.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د. شفيق ناظم الغبرا

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
twitter: @shafeeqghabra

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *