سعيد محمد سعيد

قائمة المخربين في البلد

 

استكمالا لحديث يوم الخميس الذي قدمناه تحت عنوان: «نظرة وزير الداخلية ونظرة المخربين» وتطرقنا فيه إلى أهمية الاعتبار لجوانب ذات حساسية عالية طرحها وزير الداخلية، ومنها الظواهر الطائفية الجديدة والعلامات المقلقة في المجتمع البحريني من التأثر بما يدور حولنا إقليميا، شاء البعض من القراء أن يصنف القول، ويحدد الاتجاه، فأصبح لدينا من خلال الردود التي وردت ثلاثة اتجاهات:

-الاتجاه الأول: أن الأطفال والناشئة وبعض الشباب الذين يثيرون المخاوف والاضطراب الأمني ويتجهون مباشرة نحو مسار التخريب، هم مجموعة من الصغار المغرر بهم، من أهملهم أولياء أمورهم ولم يحظوا برعاية من المجتمع، بل ولم يحظوا بالتوجيه من قبل علماء الدين والناشطين، فصاروا يشعلون النار في الإطارات والحاويات، ويدمرون المرافق الحيوية كالإشارات الضوئية وما إلى ذلك، فقط من أجل التباهي بين الأنداد في الديرة أو في المدرسة، فهؤلاء في نظر أصحاب هذا الاتجاه ليسوا ذوي علاقة بالمطالب المشروعة ولا بسلمية التحرك، إنما هي حال من الهمجية المقيتة التي يجب أن تتوقف، وعلى النشطاء والعلماء تقع المسئولية أولا.

– الاتجاه الثاني: يبدو خلاف سابقه تماما… فأصحاب هذا الاتجاه من القراء يرون أن مشاركة الأطفال تنبع من المعاناة العامة في البلد! فهم يعيشون في ظروف معيشية قاسية، فلا رواتب لمعيلهم تكفيهم، ولا قرى تحظى بالاهتمام والرعاية من الدولة فتتطور وتتوافر فيها المرافق، بل ولا حتى البشر يحظون بحقهم في الحياة والعمل، وأن هذه الفئة ليست سوى رسالة إلى الحكومة لها عدة مسارات هي الأخرى، منها عدم القبول باعتقال ذويهم، وعدم القبول بوضع معيشي مسلوب الحقوق، وهم في كل الحالات إنما يمثلون ضمير الأمة (مع اختلافي مع أصحاب هذا الرأي في كلمة أن الأطفال يمثلون ضمير الأمة)، إلا أنني قلت بشكل واضح في لقاء إذاعي يوم الخميس الماضي إن من حق الأطفال أن يسايروا حركة المجتمع السياسية من باب التمرس على التعبير بالطرق السلمية لا أكثر ولا أقل، و «التحريق» في كل شاردة وواردة لا يدخل تحت هذا الإطار قطعا.

– الاتجاه الثالث: هو الاتجاه الذي يرمي باللائمة على كل الأطراف… الحكومة والمعارضة… النشطاء السياسيين والعلماء… أولياء الأمور والتربويين وكل من له علاقة بالتدهور الحاصل في البلد، وعلى رأس المسئولين: الحكومة أولا والمجلس النيابي ثانيا… فأصحاب هذا الاتجاه يرون أن الأداء الحكومي وكذلك أداء النواب، لم يحققا للمواطنين جملة من التطلعات البسيطة المرتبطة بالحياة اليومية، ولا أدل على ذلك من صرف بدل التعطل وبدل الغلاء.

تلك الاتجاهات الثلاثة، ورد بعضها في تعقيبات القراء إلكترونيا، وبعضها الآخر من خلال الحديث المباشر، وأرجو ألا ينبري أحد من الإخوة ليقول إن تقديم الآراء في هذا الأسلوب يمثل أسلوب «ماسنجر» كما يعتقد البعض بنظرته القاصرة، أما بالنسبة إلي شخصيا فكل آراء الناس يجب أن تحظى بالاحترام، سواء اختلفنا أو اتفقنا معها، ويبقى الرأي رأيا، أيا كان مكان إعلانه.

لكن لي إضافة بسيطة لتحديث قائمة المخربين في البحرين:

@ المسئول الحكومي الذي يذيق المواطنين سوء العذاب، وبدلا من التيسير عليهم يعسر ويعسر حتى يضج الناس من سلوكه، هذا مخرب من دون شك.

@ النائب الذي ينام ويصحو على التأجيج الطائفي والتشكيك في ولاء الناس لوطنهم ويصفق ويرقص في المحن والإحن، هو أيضا مخرب.

@ صاحب النفوذ الذي لايزال يعيش في حقبة “أمن الدولة” السوداء وينكل بالناس غير مكترث بقانون البلد… هو مخرب.

@ كبار الرؤوس التي تمارس الفساد المالي والإداري، وتعبث بالمال العام كما حدث في بعض قضايا الاختلاس، هو مخرب أيضا.

@ المدرس والطبيب والمهندس والعامل وكل إنسان يهمل عمله ليتضرر خلق الله من فعله هو مخرب أيضا.

@ المشايخ والخطباء والعلماء الذين يستحضرون قضايا تفتيتية وطائفية هم أيضا مخربون.

المخربون كثر والقائمة تطول، والكل يعرف بقية القائمة على ما أعتقد، لكن إذا كانت الدولة ستنظر بعين واحدة إلى فئة واحدة من المخربين وتترك بقية القائمة، فالمصائب القادمة – حمى الله بلادنا منها – ستكون أكثر إيلاما.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *