محمد الوشيحي

هزهزة

الفريق الإعلامي للرئيس الأميركي المؤدب جورج بوش يستحق كادرا خاصا وزيادة العلاوة الزوجية بعدما لعب بطريقة محترفة أنقذت بوش من مخالب القط (أو قل النمر) الديموقراطي المتحفز… والحديث عن أن الإعلام لعبة تتطلب محترفين أشبه بالحديث عن أهمية الماء للإنسان. لا جديد في الجملتين إطلاقا.
قبل فترة، وعندما ازدادت ضغوط الكونغرس على بوش وقرر فتح باب مناقشة إخفاقات القوات الأميركية في العراق، أخرج الفريق الإعلامي قضية النجمة «باريس هيلتون» من «الخزينة» إلى العلن، وهي القضية التي كانت في يدهم فترة ليست بالقصيرة، لكنهم تحفظوا عليها لاستخدامها وقت الحاجة! وكانت أم النجمة (وبالمناسبة، باريس هيلتون لا تمت للنجومية بنسب أو صلة قرابة، هي مجرد بالون نفخه فريق الرئيس بوش الإعلامي وقت الحاجة)، أقول كانت أم النجمة تعتقد بأنها «اشترت» فضيحة ابنتها، وأن الأمر انتهى، ولم يدر في خلدها أن هناك مجموعة من دهاة الإعلام اجتمعوا في البيت الأبيض ورسموا وخططوا لإدخال فضيحة «النجمة المزورة» في أتون المعركة! ولهذا عبرت الأم عن صدمتها بعدما شاهدت صور ابنتها في نشرة أخبار قناة «فوكس نيوز»، وهي قناة «جمهورية» نقية مئة بالمئة.
الطريف أن قارئة نشرة الأخبار في إحدى المحطات الأميركية (نسيت اسم المحطة)، فوجئت بتصدر أخبار باريس هيلتون على بقية الأخبار فعبّرت عن غضبها بحرق الأوراق على الهواء مباشرة… مسكينة هي الأخرى، لا تعرف ماذا يعني «لعب الإعلاميين الكبار».
وهنا في الكويت، أكثر ما يضحكني هو مسمى «الإعلامي» الذي يضعه البعض أمام اسمه، وهو لا يمتلك من الدهاء جناح بعوضة، فقط كونه يعمل في مجال الإعلام، إذن هو «إعلامي» كما يعتقد… وبحيادية، أرى بأن جريدة الراي «تلعب إعلاما بحرفنة ودهاء». والحرفنة التي أعنيها هي أن تضرب بقسوة دون أن يبدو ذلك ضربا، أو أن تضرب وأنت تنظر باتجاه آخر، أو أن تدعم جهة وتهاجم أخرى وكأنك لا تقصد… والدليل هو مانشيت جريدة «الراي» ليوم أمس الأربعاء، ولن أوضح أكثر من ذلك! فقد كنت موجودا في غرفة التحرير مساء الثلاثاء وقرأت الصفحة الأولى قبل الطباعة، فأدهشني الدهاء وصفقت بحرارة، فتعالت ضحكات الزملاء، وعلّق أحدهم: «أنا بريء يا بوسلمان»… هكذا الإعلام، دهاء وحرفنة. بالتأكيد الجمهور يستحق الاحترام، لكنه ليس ابنك، أبدا.
إحدى الصحف الكويتية، عندما تهاجم وزارة ما أو مسؤولا ما، تهاجم بدفاشة وبطبلة ومزمار، فتكتب المانشيت بطريقة فجة مضحكة، وتصرخ في وجوه كتّابها الخمسة أو الستة الرئيسيين: هجوووووم! فيهجم الكتّاب بطريقة الهنود الحمر على الخصم. فنسقط نحن على ظهورنا لشدة الضحك بعدما نقرأ الفاتحة على «الإعلام» ونذكر محاسن «الدهاء».
حقيقة، أستغرب فشل الحكومة إعلاميا، مع أن الكويت أرض خصبة للعب الإعلامي المحترف، ولا تحتاج أكثر من أربع دقائق للتفكير بدهاء إعلامي، إذ يكفي الحكومة عند تعرضها لأي مشكلة أن تعلن، عبر وسائل الإعلام «الصديقة»، وكأنها لا تعلم، عن عزم نانسي عجرم أو هيفاء وهبي إحياء حفل في الأبراج، وتترك الباقي على النواب المتدينين الذين سيتكفلون بفتح أبواب سرادقات المآتم على مصاريعها، ولتنتعش حينذاك تجارة المايكروفونات والمناديل لمسح الدموع، وليتناسى الناس همومهم وقضيتهم التي أزعجت الحكومة… فنحن في بلد يهزه فستان مطربة.
***
النائب ضيف الله بورمية، سدد رمياته على وزارة الدفاع وهي تنفذ «قانون المظهر العام للعسكريين»، من ناحية اللحية واللباس وغيره، وهو القانون الذي صدر قبل أكثر من أربع عشرة سنة، ويحتج النائب الآن على تطبيقه! وهنا تذكرت حادثة طريفة… في منتصف التسعينات، قررت الكويت المشاركة في القوات المتعددة الجنسيات في الصومال، وصدرت الأوامر بالتحرك، وكان «الرائد ضيف الله بورمية» من ضمن الضباط المبتعثين لتلك المهمة، لكنه لم يذهب… صح يا سعادة النائب؟ فالله يرضى عليك لا تشغلنا في توافه الأمور. يا بطل.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *