إسمه «آسفة .. أرفض الطلاق»، فيلم من إنتاج عام 1980 للجميلة «ميرفت أمين» ورفيق أفلامها ودربها – سابقا – «حسين فهمي»، ملخصه زوجة مخلصة ومحبة لزوجها وبيتها وبعد سنوات من العشرة الطيبة يفاجئها الزوج برغبته في الانفصال .. عنها!! تتساءل وتستغرب وتدهش من الأمر لكنها لا تقف عند هذا الحد، بل تلجأ إلى القضاء لترفع دعوى ضد زوجها -أو الذي أصبح طليقها- ترفض فيه هذا الطلاق وتطالب بالعودة إليه لانها كانت -ومازالت- تحبه! علاقة جميلة ومشاعر طيبة في قلب هذه السيدة المخلصة لمن أحبته، لكن القانون مواد جامدة و.. «مايعرفش زينب» وليس له قلب، فرفض القاضي دعواها كونها «أصبحت مطلقة وغريبة من الرجل الذي تشتكيه فانتفت المصلحة»!!
المشهد الأقوى دراميا والأكثر تأثيرا حين تبكي الزوجة بعد تأكيد وثبوت طلاقها، فيؤدي ذلك إلى «شبه حلحلة» في موقف «طليقها» الذي كان يراقبها من بعيد فيشعر بالندم ولوم الذات حين يفرط المرء بكل هذا الحب الذي يحمله غيره له، فيتقدم منها ويطلب منها العودة إلى عصمته، لكنها ترفض، ليس من منطلق الكرامة أو الكبرياء أو العزة بالنفس – إلى أخر معزوفة أغاني الحب القديمة- بل تقول له: «أرفض لأنني فقدت شيئا اقوى، وهو الإحساس بالأمان .. إلى جوارك»!!
كصحافي وإعلامي ومحلل سياسي، فقد تابعت وعاصرت 34 قمة خليجية حضرت منها -شخصيا- حوالي عشر، لكن قمة الدوحة هذه كان لها وقع خاص غريب وعجيب!! أنا هنا لا أتحدث عن معلومات، فلم يقل لي مصدر ولم يحدثني بها مسؤول، لكنها أحاسيس عامة من المؤكد أنها لم تكن تخالجني – وأنا وحدي أتابعها عبر شاشة التلفزيون في الكويت ومن مسافة خمسمائة كيلومتر حتى «الدوحة»- بل من المؤكد إنها انتابت الكثير ممن كانت المسافة التي تفصلهم عن مقر صالة الاجتماع والضيوف الكبار .. بضعة أمتار فقط!! خيّل لي -شبّه لي- وكأنني أشاهد الفيلم ذاته، فلمست .. «الإحساس بعدم الأمان» الذي لازم الضيوف تجاه مضيفهم، حتى لو تم انعقاد تلك القمة التي ولدت في عملية قيصرية شاقة ومؤلمة وطويلة! «لعدم الاطمئنان» رائحة كادت ان تخرج من شاشة التلفزيون وهي تنقل -على الهواء مباشرة- مراسم استقبال الضيوف واجتماعاتهم وتحركاتهم وتصل إلى أنوف كل المتابعين -ليس في الدول الخليجية الخمس فقط- بل وحتى إلى داخل كل بيت -وأنف- قطري !! ولعل الترجمة الفورية -والحرفية- لتلك الرائحة حين قرر المجتمعون ان يختصروا مدة «إحساسهم بغياب الأطمئنان» إلى اجتماع يوم واحد فقط، والادق وصفا.. لساعات محدودة وقليلة! أنا هنا -اليوم- لا اكتب مقالا سياسيا ولن أطرق أبواب «التنظير والفلسفة» واتطرق إلى فقرات وردت في خطاب سمو أمير قطر الشيخ «تميم» حين تحدث عن .. «الإرهاب والشباب الذي لم يولد متطرفا»، وهذا صحيح تماما، بدليل أننا في الخليج لم نتعرف على الإرهاب إلا عبر «كويتي أو سعودي»، لكن «كرامات إخوان قطر الجدد» خلقت لنا -وللمرة الأولى- قطريا شارك في مجزرة «الدالوة» بالإحساء وقبلها في سوريا وقبل كل ذلك في العراق وليبيا، لكن مثلما خلقنا نحن «أسود وادي بانجشير» في الثمانينات أيام الجهاد في أفغانستان، لذلك حق علينا ان نقول لبعضنا البعض القول المصري المأثور.. «لا تعايرني ولا أعايرك، ده الهم طايلني و.. طايلك»!! لن أسترسل وسأترك كل هذا ليوم آخر، لكنني أحاول تقليب صفحات علاقة «حب ومودة وتواد وتراحم وتعاطف» وحتى مصالح ومنافع مشتركة جمعت بين ست دول خليجية وشعوبها طيلة ثلاثة عقود ونصف لتقرر .. واحدة منها أن طريقها قد أخذ منحى واتجاها .. آخر!! «قطر» أعلنت «طلاقها» من شقيقاتها منذ عام 1995، لكن «الوفاء والحب الزائد عن المعدل الطبيعي بين الدول في القرن الحادي والعشرين والذي يعتمد على العقل لا القلب» للشقيقات الخمس هو الذي حصنها بصبر «أيوب» وحكمة «سليمان»، لعل الشقيقة الصغرى تتسم بندم «يونس» لتعود كما كانت بجمال .. «يوسف»، لكن «حسابات الحقل لم تنطبق على حصاد البيدر»، فتحولت قمة الدوحة إلى «غُمة» وجنازة سار فيها المشيعون خلف تابوت لا احد يعلم إلا الله من يرقد -أوسيرقد- بداخله!!
***
آخر كلمة
قيل إن رجلا من العامة وقف في وجه «أبي العيناء» والذي كان ضريرا، فأحس به فقال: «من هذا»؟ فأجابه: «رجل من بنى آدم»، قال: «مرحبا بك أطال الله بقاءك وبقيت في الدنيا، ما ظننت هذا النسل إلا قد .. انقطع»!!