الآن وبعد أن هدأ صوت الرصاص وصمتت المدافع وهدأت النفوس وقرت الأعين وقررت الصغيرة قطر ذات الأحد عشر ألف كيلو متر مربع ومائة ألف نسمة من المواطنين وتسعمائة ألف من المجنسين إنها ..«غفرت وسامحت شقيقتها الكبرى مصر ذات المليون كيلو متر مربع و90 مليوناً من البشر وسبعة آلاف سنة من التاريخ يحق لنا جميعا ان نفرح ونبارك ونهنئ لأننا نريد الوفاق في زمن البراكين ونريد التصافي في زمن التشاحن ونريد التنمية في زمن .. الدمار»!!
يحق لنا أن كأصحاب أقلام أن نراقب ونحلل ونتابع ثم نقرأ الحدث ونكتب ونتساءل ومن تلك التساؤلات البريئة قطعا تزامن «الغفران» القطري لمصر إعلان تحالفها الكامل مع .. تركيا التي ما انفك رئيسها «أردوغان» على لطم الخدود وشق الجلابيب على «مرسي» وحكم مرسي وجماعة مرسي وكأن نساء مصر لم يلدن «سعد زغلول ورفاعة الطهطاوي ومصطفى كامل والنحاس وعبد الناصر والسادات» فقط بل ولدن «مرسي وبديع وصفوت حجازي وعزة الجرف»!! هل كان هذا التزامن بين «الغفران» لمصر و«التحالف» لتركيا بالصدفة المحضة أم أن الدوحة وأنقرة الكارهتان لمصر وشعبها قررتا أن لا يخرجا معا من المعادلة «العربية-المصرية» فقررا أن يكون لأحدهما موطئ قدم «إبليس» في أرض الكنانة وتستمر الثانية في .. منهاجها مصداقا لقوله تعالى «أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى» أي إذا ما عجزت واحدة منهما أن تؤذي مصر وهي بعيدة عنها فتستطيع الثانية أن تقوم بالدورين ..معا!!
حين وقع الغزو العراقي في الثاني من آب عام 1990 التقيت به في شقته الصغيرة في العاصمة بيروت خلال شهور الاحتلال إنه رئيس وزراء لبنان «سليم الحص» سألته إن كان الخلاف بين البعث السوري والبعث العراقي قد جاء رحمة بنا نحن أهل الكويت إذ غزانا بعث بغداد فوقف معنا بعث دمشق فضحك دولة الرئيس ومال بأذني هامسا وكأنه يخشى أن يظهر من الجدار «غازي كنعان» مدير المخابرات العامة السورية الراحل و«الذي انتحر بأربع رصاصات في رأسه» وقال لي :«وما أدراك إنهما البعث السوري والبعث العراقي قد اتفقا على هذا الاختلاف فيجرحك الاول حتى يأتي الثاني ويطببك فيكون لفكر البعث وجود على أرضكم فلا ينقطع نسل الشياطين في الجزيرة العربية »!!
أكرر بأننا أهل القلم لا نتشكك ولا نرتاب ولا نحاول «النوم بين القبور» في مسألة الغفران القطري وقلة الأدب التركية المستمرة» مع قلب الأمة العربية وشعبها الصابر مصر العزيزة بل .. نتساءل .. لتطمئن قلوبنا لأن البراكين التي حولنا لا تقذف ثلجا أبيض ولا ماءً عذبا بل أوطانا ممزقة وبلدانا محترقة وضمائر .. ذائبة وكهانا كفرة!! لانريد لنواطير مصر أن تنام عن ثعالبها في .. أنقرة واسطنبول وأضنة ودياربكر والإسكندرونة و.. الدوحة!!..«فقد بشمن وما تفني العناقيد».