انهيار سعر النفط لم يكن قطعا بسبب طوفان أنهار النفط الفائضة التي قيل إن سببها إنتاج دول الأوپيك الذي بقي للعلم كما هو دون زيادة، والذي يمثل فقط ثلث الإنتاج العالمي.. السبب الحقيقي هو قرارات سياسية للدول المؤثرة في العالم التي وجدت أن انحدار الأسعار سيحقق استراتيجياتها المستقبلية، علما أنه سيضر بشكل مباشر بالدول الخليجية وغير مباشر بالدول العربية كون أغلب مشاريعها التنموية قائمة على الدعم الخليجي.
***
وحتى لا تتحول دولنا الخليجية فيما لو طالت الأزمة الى مدن ذهب كحال المدن التي كانت تنشأ حول مناجم الذهب في العالم، فإذا نضبت تحولت الى «مدن أشباح» يوجد الكثير منها في صحارى الولايات المتحدة، علينا أن نعمل بما كان علينا عمله منذ سنوات طوال، وهو تنويع مصادر الدخل بدلا من الدعة والقبول بإصابتنا بفيروس «المرض الهولندي»، فأغنى دول العالم هذه الأيام لا تملك أي مواد خام على الإطلاق.
***
إن علينا في دول الخليج ان نحول تعليمنا العام الى ما هو أقرب للتعليم الخاص الأجنبي الذي يقود شخصية الطالب ويمكنه من اللغات والاستخدام الأمثل للحاسوب والهواتف الذكية، وينمي الهوايات كي تتحول الى مهن يتقنها ويعشقها ممارسها، كما علينا بشكل سريع وضع الأكفاء والأمناء والأذكياء في المواقع القيادية بالدول الخليجية، فالفارق الرئيسي بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة ليس في جينات شعوبها، بل لكون دول العالم الأول يصدرون ويستفيدون من قدرات المميزين، الذين يُحارَبون في دول العالم الثالث لصالح الأغبياء ومعدومي الأمانة.
***
إن انخفاض أسعار النفط سلاح ذو حدين، أولهما مدمر ان تعاملنا معه على أنه أمر مؤقت، ثم نبقى على حالنا دون تغيير، والحد الآخر معمر إذا ما تعاملنا معه على أنه جرس إنذار خطير، وان الأفضل أن نتعامل مع ذلك الانحدار على أنه حقيقة قائمة قد تستمر الى أجل غير مسمى، وان قاع الأسعار لا يمكن التنبؤ به قط.. والخياران لنا في النهاية!
***
آخر محطة: (1) قد يكون سبب عدم انكشاف ميزانية بعض الدول الخليجية مع انخفاض أسعار النفط عائدا لأسباب غير جيدة، وهي أنها لم تستغل الفوائض إبان الوفرة لإقامة مشاريع منتجة مدرة للأموال سينتهي العمل بها قريبا كحال بعض الدول الخليجية الأكثر انكشافا على المدى القصير والأكثر أمنا على المدى الطويل بسبب تلك المشاريع.
(2) يستحسن البدء بإلغاء المشاريع الخليجية الكبرى غير المدرة للدخل كوسيلة لتوفير الأموال وكنهج للضغط على الدول المؤثرة المتسببة في انخفاض أسعار النفط، والتي تقوم شركاتها الكبرى بتنفيذ تلك المشاريع، والتي تنحصر فائدة دولنا منها في النسبة الضئيلة التي يحصلها الوكلاء، بينما تذهب 90% من قيمة العقود لتلك الدول المتسببة في الإضرار بنا!