عندما يقرر وزير الاعلام ان قانون الاعلام الالكتروني ممتاز، او باكثر دقة انه «سيخفف عوار الراس» حسب تعبيره. فان هذا لا يعني سوى ان الوزير ومعه الحكومة ومجلس الامة بالتأكيد قد قرروا سد الباب. وهذه هي الطريقة الوحيدة وطبعا غير المسؤولة لمعالجة الامور. «الباب اللي يجيك منه ريح.. سده واستريح». مقولة عظيمة تتناسب والضجر من الحريات والتعارض مع رغبات وحقوق المواطنين.
طبعا السيد الوزير لم ينس ان يكملها، وان يردد علينا التأكيد الحكومي والاجتماعي المتكرر، المتخلف والمعادي للحريات، بايمانه بالحرية المسؤولة. وهذا من غير شك يعني ان الحرية غير المسؤولة او «المتهورة» مثل التي تطالب بها الشعوب، هي حرية ممنوعة ويعاقب قانون الحكومة وقانون وموروث وتقليد التخلف عليها. وهي حرية تحكمها بالاساس، كما اشار الوزير، معايير اخلاقية وادبية وتنظيمية. وعندما يغيب القانون، او تدعي السطات غيابه، فإن ذلك يعني شيئا واحدا، وهو تحكم التقليد وهيمنة الموروث على الامور.
حرية الوزير المسؤولة وبقية من يعادي الحريات العامة هي بـ«احترام» التقليد والخضوع للامر الواقع. تجنب التغيير او محاولة تصحيح وتعديل الامور. فهذا، اي التغيير، في النهاية انفلات وعبث وتدمير غير مسؤول لعاداتنا وتقاليدنا واخلاقنا وادبياتنا كما اشار الوزير.
احنا قلناها منذ زمن، ونرددها لكل من يعادي حرية التعبير، او يعترض على حق صنوه المواطن في التعبير عن رأيه. اخلاقكم ليست اخلاقنا، ادبكم ليس ادبنا، تقاليدكم ليست تقاليدنا. بالاختصار.. ليس لدينا اخلاق ولا ادب ولا اي من القيود التي تحاولون تكبيلنا بها. حريتنا هي الاهم، وهي الاصل ايضا. عليكم تقع «المسؤولية»، فأنتم المسؤولون وليس نحن. لهذا يجب عليكم ان تحترموا بـ«مسؤولية» حريتنا. وعليكم انتم اولا ان تقتنعوا بان حريتكم في القمع والكبت يجب ان تتوقف، لان حريتنا نحن هي الخط الاحمر. حريتكم ايها المهيمنون في السلطة او في المجتمع مرهونة باحترام حرية الغير، والالتزام بالمبادئ الديموقراطية والمواد الدستورية، وليس الخضوع والعمل بتوجهات الموروث والتقليد، وكل ما تحاولون الحفاظ عليه من العصور التي خلت.