حاول كثيرون تفسير أسباب جنوح الشباب العربي، او مواطني الدول العربية والاسلامية ــــ التي تأثرت بها ــــ الى العنف والى معاداة الآخرين. طبعا كان التفسير الاول هو المفضل في تفسير وتعريف كل حركات الثورة والتغيير، وهو الفقر. او ان الثائرين ليس لديهم شيء يخسرونه. لهذا فإن من السهل عليهم الثورة والتمرد على الاوضاع، وفي تخريب وتدمير البنى التحتية التي لا يملكون منها او فيها شيئا.
هذا التفسير يصطدم بحقيقة ان اكثر الشباب المسلم، الذي يمارس الارهاب، هو من مواطني الدول النفطية الفاحشة الثراء، قياسا الى بعض دول المنطقة. بل ان القيادة والريادة كانت ولا تزال للدول النفطية التي مولت الارهاب العربي ـــ الاسلامي بالمجاهدين وتولت امر نفقاتهم. وحاليا يشكل الشباب المسلم من المقيمين في الدول الاوروبية الغنية ايضا، يشكلون اغلب الملتحقين بالارهابيين، وخصوصا تنظيم «داعش». مما ينفي تأثير الفقر او حتى الجهل في تشكيل الارهابي العربي ــــ المسلم، وتحديد موقفه من العالم.
اعتقد ان السبب الاساسي يعود الى الطبيعة التاريخية للانسان العربي، ولنشأته الصحراوية. التي اورثها لمفهومه الديني والقومي بعد ذلك. هذا الانسان كان مناصرا وعطوفا وكريما الى حد الجنون مع «الضيف»، او الفرد الغريب. في المقابل، فإن هذا الانسان كان يتوجس خيفة من «الافراد» او الجماعة والقوم. فهؤلاء في النهاية هم «الغزاة» والطامعون في املاكه وعرضه. «الآخر»، الفرد ضيف تجب مساعدته واكرامه، لكن «الآخرين» غزاة، يشكلون خطرا لا بد من مواجهته والقضاء عليه. اعتقد ان الانسان العربي ـــ المسلم حمل معه هذه العقلية الى العصر الحديث، خصوصا بعد تفوق الانسان الاوروبي وتقدمه الحضاري.
اصبح الآخرون غزاة يطمعون في نفط العرب وثرواتهم. وقبل اكتشاف النفط كان «توسط» العالم العربي وقناة السويس ما يسيل له لعاب الغازي والمستعمر الاوروبي، حسب دعاوى المفكرين والمحللين العرب. وهذا ما تم شحن الانسان العربي والمسلم بعد ذلك به، وإعداده كي يصبح قنبلة تنفجر في اي تجمع لـ«غزاة» اجانب.
لقد تطور العالم، واكتشفت بدائل اكثر كفاءة من النفط للطاقة. واصبحت الارض كروية، مما يعني ان توسط العالم العربي او اهميته الجغرافية كان او اصبح خرافة. لكن مع كل هذا لا يزال الانسان العربي يعتقد انه مستهدف، وان هناك تآمرا من بقية خلق الله عليه.. ولهذا تجب محاربة الاجنبي وقتاله.