يا عيني على بعض رجال الدين، وبعض الصحفيين. يا عيني عليهم وهم يحللون «عاصفة الحزم»، على طريقة بني فزارة وغطفان وعين الماء وهل من مبارز!
فهنا رجل دين يحلق في سماء الإبداع، ويستعيد ذكرى قادسية عمر: «الفرس يعرفوننا جيداً ويتذكرون ما فعله أسلافنا عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وجند المسلمين بكسرى يزدجرد». يا عيني.
وهنا صحفي يكتب عن معركة ذي القار! وكأن قيادات غرفة عمليات التحالف تمتطي ظهور الخيل، ويشد الفارس الطاعن بالسن حاجبيه إلى الأعلى، كي يتمكن من رؤية الإيرانيين. وينادي أحد الرجال في الجمع: «من يجرؤ على شرب فنجان قاسم سليماني؟»، فيصرخ شاب يتيم مغمور قادم من الصفوف الخلفية: «ويح أمك، أنا من يشرب فنجانه»، ثم يقف بين الجمعين، ويصرخ صرخة يهتز لها برج خليفة وسنترال الفحيحيل: «يا سليماني هلمّ ثكلتك أمك»، يقول ذلك وهو يستعرض بسيفه بين الصفين، ف «يهلم» قاسم سليماني، فتبرز خطيبة الشاب من خلف الصفوف، وتكشف سترها (غطاء رأسها)، وهي تزغرد، فيكرّ الشاب كرّة لم يكرّ مثلها كرار من قبله، ويضرب سليماني ما بين الترقوة وفتحة أنفه اليسرى، و… و… و…
يا سادة يا كرام، أرجوكم تفقدوا الروزنامة في موبايلاتكم. يا سادة يا كرام، هل تعلمون أن نصف الحرب، أو أكثر، لا علاقة لها بكتب التاريخ، ولا بما يدور في الميدان، بل في وسائل الإعلام، وفي الحرب النفسية والدعائية، وفي الحرب الاقتصادية، والأهم الأهم الأهم.. الحرب الإلكترونية.
يا سادة يا فضلاء، هل تعلمون ما هي الحرب الإلكترونية؟ وهل تعلمون أن إيران تمتلك من «الهاكرز» جيشاً جراراً؟ وهو جيش لا يأتينا من خلف الجبل، ولا يقاتلنا على عين ماء، ولا يعرف مكان الميدان أساساً، وإنما يجتمع «جنود» هذا الجيش في أماكن مكيفة ومفروشة، ليهاجموا وزاراتنا وبنوكنا وشركاتنا النفطية ومعلوماتنا وكل ما يرتبط بالكمبيوتر.
هل تعلم يا «فضيلة المستشيخ» أن هؤلاء الهاكرز قد يخترقون ملفك في الحكومة، ويغيّرون اسمك في الكشوفات إلى «لوسي»، فتصبح اسمك «فضيلة الشيخ لوسي»؟ وهل تعلم أيها الزميل الصحفي أن عاصفة الحزم تحتاج إلى إبداع الهاكرز لا هلوسات الصحفيين؟ وأنه يجب أن يتقدم صفوفنا في هذه الحرب خبراء تقنيون من أمثال «عبدالله العلي»، وأنه يجب تأمين الحماية العسكرية المشددة على «عبدالله العلي» وأصحابه، كما يتم تأمين حياة قادة الحرب الميدانية.. هل تعلمان ذلك؟
هل تعلم أيها المستشيخ، وصاحبك المستصحف، أن الهاكرز الايرانيين يمكن أن يخترقوا صادراتنا النفطية، إن لم نؤمّنها إليكترونياً، ويوقفوا الحياة، فلا رواتب ولا تجارة ولا ما شابه، ما لم ننتبه ونأخذ حذرنا؟
وإن كنا في حاجة أحد، في هذه اللحظات، فلن نحتاج أكثر من روزنامة، نضعها أمام عين كل من يتحدث بعقلية «حصان، وفيل، ومهند يقطر على أطرافه الدم، وهل من مبارز». روزنامة فقط، تُنهي مشكلتنا.