طلب الرئيس الأميركي أوباما من الكاتب والصحافي توماس فريدمان إجراء مقابلة معه للتسويق لأفكاره، وتم نشرها في “نيويورك تايمز” مؤخراً.
في السياسة الأميركية يطلق على أفكار ونمط حكم الرئيس مصطلح “مبدأ”، ويختلف الرؤساء الأمريكان عن بعضهم البعض بذلك “المبدأ”. ويبدو أن أوباما قرر أن يدشنه في المرحلة الأخيرة من رئاسته. “مبدأ أوباما” يقوم على فتح القنوات والتواصل مع “الأعداء” والتفاهم حول المصالح. فإن لم ننجح في تحقيق مصالحنا، يمضي أوباما، فإنه بإمكاننا دائماً أن نعود لحالة القطيعة السابقة.
ثلاث دول تم وضعها في محطة تدشين “مبدأ أوباما”، كوبا، وهي الأقدم والأكثر تعقيداً في منظومة القطيعة والعقوبات الاقتصادية، علماً بأنها لا تبتعد أكثر من 90 ميلاً عن أميركا، ثم إيران، ثم بورما.
“مبدأ أوباما” يرتكز على منطق مختلف نسبياً لحماية المصالح الأميركية، ويقوم على الواقعية السياسية البراغماتية، ولا يقوم على “مبدأ بوش الابن” الذي يستند إلى مفهوم الحرب الاستباقية، ومنطق، أو لا منطق، “المحافظون الجدد”، والذي نتج عنه تدمير وتكسير لمناطق كثيرة في العالم، وعلى الأخص في منطقتنا الموبوءة بالحروب والأمراض النفسية والحشرات الضارة.
ردود الفعل العربية ركزت في المجمل على الجانب الأخلاقي، وعلى قوله بأن الخطر الذي تواجهه الدول العربية إنما يأتي من الداخل، وأن الشباب بالذات يشكلون عنصراً رئيساً في عدم الرضا واحتمالات التغيير، كما ركزت ردود الفعل على عدم مصداقية الرئيس الأميركي، ورفضت “تدخله في شؤوننا الداخلية”، هكذا. لا بأس، فلربما يكون الرجل كذلك، فهو سياسي يقود أقوى دولة في العالم، ومن الطبيعي أن يكون ناقص المصداقية.
ولكن ماذا عن تردي الحريات، وسوء توزيع الثروة، وغياب العدالة، وتراجع المساواة، وتفشي القمع؟ أم ان السيد أوباما “يهرف بما لا يعرف”؟ وأن دولنا هي دول ديمقراطية تحترم الحريات وتعزز المساواة وتكافؤ الفرص، فلندع السيد أوباما جانباً، ولننس أنه هو الذي قال تلك المقولة “الخرقاء”، هل تؤدي تلك الأوضاع المثقوبة إلى رضا الشباب واستقرارهم وإحساسهم بمستقبل مضمون؟
فلنلغ ونشطب ونمسح قائل تلك المقولة صوتاً وصورة، ولننح السيد أوباما جانباً، هل ما قاله حقيقة، أم خيال، أم مجرد أضغاث أحلام؟ فإن كان ذلك حقيقة، فما العمل؟