استنادا إلى ما ورد من ملاحظات خلال مناقشة تقارير ديوان المحاسبة, لاحظنا عدم جدية الجهات الحكومية في تسوية و متابعة ملاحظات الديوان , و قد صعقنا بالأرقام الخيالية للمبالغ المستحقة للحكومة والتي وصلت إلى ما يقارب ” المليار والثمانمائة وأربعون دينار” هو مجموع ما لم يتم تحصيله كما ورد في أخر تقرير للجنة الميزانيات في مجلس الأمة, مما يعكس تقاعس و بطء الجهات الحكومية بل وفشلها في تحصيل مستحقاتها .
جزء من تلك الديون هو لبلدية الكويت وحدها حيث تضخم بند الديون المستحقة للبلدية ليصل إلى 69 مليون دينار , بل وأكثر من ذلك تبين أن لوزارة المالية كذلك ما يقارب 546 مليون دينار مستحقات الخزانة العامة من ضريبة الدخل و دعم العمالة والزكاة , متراكمة منذ عدة سنوات ولا تقوم بتحصيلها !!
الخطير بالأمر انه قد يؤدي ذلك إلى سقوط تلك الديون بالتقادم , وفق أحكام القانون إذا لم يتم متابعة تحصيلها !!
هناك أيضا ما يقارب 85 ألف قضية خسرتها الدولة على الرغم من وجود جيش من المستشارين والقانونيين لديها قد كبدت المال العام 692 مليون دينار, وكذلك هنالك ما يقارب 11 ألف قضية منظورة أمام القضاء سوف تكبد المال العام في حال خسارتها 575 مليون دينار !!
“و أزيدكم من الشعر بيت ” هناك 60 قضية قد ربحتها الدولة بقيمة 170 مليون دينار لم تسعى الحكومة لتحصيلها حتى الآن !!
والجدير بالذكر أن وزارة العدل وهي الجهة المعنية بتنفيذ الأحكام القضائية لديها ضعف في التحصيل حيث أنها لم تنفذ أحكام صادرة لصالحها بقيمة 30 مليون دينار حتى الآن , اذن كيف بها أن تنفذ و تحصل ما يختص بباقي الجهات الأخرى ؟!!
لماذا يا حكومتنا الرشيدة هذا البطء والتقاعس في التحصيل على الرغم من التصريحات المتناقضة لبعض الوزراء بأن الميزانية العامة للدولة قد قاربت العجز وأن السكين قد وصل إلى العظم ؟! كيف للمواطن أن يقتنع بجدية تلك التصريحات في ظل هذا التناقض الواضح والتخاذل في الحد من الهدر في المال العام؟!
لم لا يتم تحصيل تلك المستحقات وصرفها في ما يفيد البلد والتنمية وتطوير الخدمات الصحية أو حتى التعليمية أو حتى تطوير الطرق وتوسعتها في ظل الزيادة السكانية المتسارعة والضغط اليومي المتزايد على الخدمات من المواطنين والوافدين ؟!
إلى متى تظل الحكومة الرشيدة بلا ترشيد؟! و بلا رؤية أو خطة واضحة لتنظيم الميزانية في نفس الوقت الذي تعلن عن ضرورة حتمية للبديل استراتيجي للدولة !
هل سوف نرى يوما ما صحوة للحكومة من تلك الغفلة التي دامت سنين طوال والتي انطالت أكثر فقد تدخل ميزانية الدولة إلى نفق خطر و مجهول قد لا تحمد عقباه ,أعتقد أنه لابد من وقفة جدية لإيقاف هذا القصور ولابد من وضع حلول عملية وواقعية قد تعالج مواطن الخلل , ومن هذه الحلول التالي:
1- تعليق ميزانيات الجهات الغير متعاونة والتي وردت عليها ملاحظات متكررة في التقرير.
2- إقرار قانون المراقبين الماليين.
3- تدوير أو تغيير وزاري لأهم الوزارات المعنية بالأمر .
الحكومة الرشيدة أعتقد أنه قد آن الأوان للترشيد الواعي والمنظم , فالمستحقات قد وصلت المليار و800 مليون , أليست مبلغا مستحقا للتحصيل ؟! فأن كانت كذلك إما ان الجهات المعنية تقوم بتحصيلها حتى لا تسقط بالتقادم وصرفها لمزيد من تطوير البلد ومزيد من الراحة للمواطن المتذمر دوما من سوء الخدمات , أو ان الدولة قد تكون في غنى عنها ؟! في هذه الحالة أقترح إن يتم إسقاط قروض المواطنين التي تقارب هذا المبلغ بالتحديد و نكون حينئذٍ قد طبقنا فحوىالآية الكريمة ” الأقربون أولى بالمعروف ” !!
و دمتم بخير.