يتساءل المواطن غالبا عن سبب ارتفاع أسعار الدواء في الكويت عن باقي نظرائها من دول مجلس التعاون الخليجي، في الواقع هناك عوامل عديدة تؤثر في تحديد أسعار الدواء، منها رغبة التاجر أو وكيل الدواء في الربح وهذا حق مشروع له، ومن ناحية أخرى تقصير وزارة الصحة في وضع بعض الضوابط المطلوبة للحد من ارتفاع أسعار الدواء المتكرر، مما يضع المواطن بين مطرقة التاجر وسندان الغلاء!
نعم لقد استجابت الوزارة سابقا بتخفيض هامش الربح إلى 25% وهي نسبة ليست بالبسيطة عند النظر إلى الأعباء والتكاليف التي يتحملها الوكيل المحلي، لكن يبقى هناك خلل معين في آلية ضبط الأسعار، إذن أين الخلل وأين المشكلة؟!
هناك عوامل عديدة مؤثرة قد تكون السبب في صعوبة التحكم في سعر الدواء، أولها انه يعتمد على سعر العملة الذي يتم عن طريقه شراء الدواء من الشركة المنتجة من قبل الوكيل المحلي، وثانيا سعر التصدير من المصنع المنتج للدواء، وثالثا هامش الربح المحدد من قبل وزارة الصحة، وهذا ما قد تم تحديده بالنسبة لبعض الأصناف ما يعادل تقريبا 2500 صنف دوائي قد تم تحديد أسعارها، وللعلم هناك نوعان من التصنيف حاليا للمنتجات لدى الوزارة، الأول ما يصنف تحت ما يسمى بالأدوية المصنفة كيميائيا «classified items»
وهي ما يحدد سعرها بشكل ثابت في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم».
أما النوع الثاني في التصنيف وهو الأصناف غير المصنفة كيميائيا أي لا تحتوي على عنصر فعال وهي ما تسمى «Un classified»، مثل المكملات الغذائية أو بخاخات الأنف أو منتجات العناية بالبشرة وغيرها، هنا تكمن المشكلة، حيث ان غالبية المنتجات المرغوبة والمطلوبة تصنف من النوع الثاني، والتي لا تحدد أسعارها في الجريدة الرسمية، لذا قد تستغل هذه الثغرة من بعض الوكلاء لرفع الأسعار بين حين وآخر لمزيد من الربح.
لا مانع بالطبع من ربح التاجر أو الوكيل فهو يواجه صعوبات عديدة لاستيراد الدواء، ولكن لابد من الحرص أيضا على حق المواطن في عدم رفع الأسعار عشوائيا في ظل الغلاء المتزايد للمعيشة وكذلك المحافظة على تقارب السعر نسبيا لنفس الأدوية في دول الخليج.
مثال للارتفاع العشوائي في بعض الأصناف، مثلا فيتامينات الشعر، نرى بعضها قد زاد لمرات عدة خلال فترات بسيطة من السنة، فبعضها كان بسعر 18 دينارا، ووصل الآن الى 26 دينارا، في حين أنه مازال بالسعر الأول في المملكة العربية السعودية، مثال آخر أيضا بخاخ ماء البحر وهو عبارة عن ماء وملح فقط نرى ان سعره زاد من 3.5 دنانير الى 4.5 دنانير، وغيرها من الأمثلة الكثيرة التي لا يتسع المجال لذكرها.
قد يكمن الحل عن طريق وضع بعض الأسس والضوابط من قبل الوزارة مع مراعاة حق الوكيل وجهده وتكاليفه من جهة، والمواطن وغلاء المعيشة من جهة أخرى، ومن تلك الضوابط ما يلي:
1- وضع مدة زمنية محددة كحد أدنى سنة واحدة مثلا لطلب رفع سعر الدواء للمنتجات غير المحددة في الجريدة الرسمية.
2- فتح السوق المحلي واحتكار الوكيل للدواء والسماح باستيراد أصناف مشابهة أو بديلة مما يساعد على المنافسة الحرة وخفض الأسعار.
3- تحديد سعر العملة واعتماده من قبل وزارة الصحة الكويتية وتوحيد الاستيراد مع مكاتب وزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي.
4- تعديل نظام الجمارك للمنتج الدوائي للحد من العوائق في المنافذ الحدودية.
5- تفعيل لجنة تسعير الأدوية في وزارة الصحة بمشاركة صيادلة مختصين.
6- استحداث ما يسمى بـ«هيئة الدواء والغذاء» وكذلك ما يسمى بـ «المكتب العلمي» يوظف فيهما صيادلة كويتيون للاهتمام بمنظومة الدواء بشكل كامل وسلامته ومراسلة الدول المصنعة أسوة بما هو معمول به في المملكة العربية السعودية، مما يخفف العبء عن الوزارة ويزيد من فرص العمل للصيادلة الكويتيين بالقطاع الخاص.
أخيرا، نتمنى أن نكون قد وفقنا لتقديم الحلول المفضلة التي ترضي جميع الأطراف حتى نرى مزيدا من التطور في قطاع الصيدلة في الكويت، ودمتم بخير.