كتبت مقالاً في العاشر من يناير الماضي بعنوان “الحركة الطلابية هامش سياسي”، وذكرت فيه أنه طوال انعزال الحركة الطلابية ممثلة بقوائمها عن التيارات السياسية فهي هامش لن يؤثر على العمل السياسي العام، وذهبت إلى أبعد من هذا وقلت إن صوت الشباب مفقود اليوم ومعدوم على الساحة للسبب نفسه.
الأمر الواقع اليوم هو تقديم نائب اقتراحا بقانون لتنظيم الاتحادات، أو كما يحلو للحركة الطلابية تسميته وبإجماعها “قانون تكميم الأفواه”، بهدف واضح هو استهداف قائمة معينة، وإن كنا نختلف معها إلا أنها جاءت بصندوق انتخاب.
فالحريات في الكويت اليوم عموماً تسير عكس مستوى وعي الناس، وفي حياة المجتمعات عامة متى ما سار شيء عكس مستوى وعي المجتمع فإن الصدام يكون حتميا دائماً، ولا بد ألا يغيب هذا عن أذهان السلطة، أو صاحب المقترح، فالعواقب الوخيمة لهذا القانون.
وفي هذا السياق أستذكر ما حدث لهارود ويلسون رئيس الوزراء البريطاني الذي ينتمي إلى حزب العمال، عندما ذهب ليلقي خطابا في جامعة كمبريدج التي كان اتحادها الوطني للطلبة لحزب المحافظين، وكانت معقلا مهما لهم، فوصل ويلسون ووجد جموع الطلبة أمامه ترفض أن يدخل كي لا يعمل دعاية لحزبه في كمبريدج، واشترط الطلبة عليه أنه لن يدخل الحرم الحامعي إلا إذا وافق على عدم إلقاء خطاب في الجامعة، فرفض ويلسون وغادر ولم يدخل، وعلى الرغم من الإحراج الكبير لويلسون وهو رئيس الوزراء لم يتخذ إجراء واحدا ضد الجامعة أو ضد الحزب الآخر، فهم أتوا بصندوق كما جاء هو كذلك بصندوق!
الكرة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، في ملعب الحركة الطلابية ممثلة بجميع قوائمها بأن تثبت أنها مؤمنة بحقها في الوجود على الساحة، والحقوق لا تعطى حتى يتفاضل فيها أي كان، والتصدي يجب أن يكون لهذا القانون، الذي ينص كذلك عبر أحد مواده المضحكة، بسجن من لا يمتثل لهذا القانون مدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، فإن لم يتصدّ له الطلبة أنفسهم، فسيحكمون على حريتهم بالإعدام.
أتمنى وأنتظر أن تستعيد الحركة الطلابية دورها الذي كانت عليه في فترات سابقة، خصوصا أحداث تزوير انتخابات ١٩٦٧، وأحداث تعطيل الدستور ١٩٨٦، وأخيراً نبيها خمس، ولعل الفرصة أمامها اليوم لنسجل بعد سنوات قادمة أن الحركة الطلابية في ٢٠١٥ تصدت لقانون تكميم الأفواه، فكما يقول الراحل عبدالله العتيبي “لكل شعب زمانٌ والآن هذا زماني”.