يعتبر موضوع الإصلاح الاداري من المواضيع المستمرة التي لا تجد تنفيذاً واقعياً. وقامت مؤسسات المجتمع المدني مثل الجمعية الكويتية الاقتصادية بنشر الدراسات والتقارير والتوصيات المناسبة للأخطاء الإدارية، لكن المفقود هو آلية تنفيذ هذه التوصيات.
نعيش في الكويت حالة خاصة، وهي اعتماد الدولة والمجتمع على دخل النفط، ما يجعل الجميع يتجه للعمل في القطاع الحكومي، ويكبر حجم الجهاز الاداري والبيروقراطية. ويعتقد كل مسؤول او مدير بانه لا غنى عن خدماته الجليلة، وعند طلب اي حلول للمشاكل الحكومية، يقوم احد المسؤولين باقتراح حلول تزيد من سلطاته وميزانيته ومكافآته. لذلك تغذي منظومات البيروقراطية نفسها من الموارد الحكومية. ويسيطر عليها المتنفذون ويستمر الفساد بشكل اكبر من قبل، ولا يوجد اي دافع لهؤلاء البيروقراطيين لتطبيق دراسات علمية.
قد تكون هناك حلول بسيطة تفيد المراجعين والمواطنين، الا انه ليس من مصلحة البيروقراطيين اقرارها. ويجب الاعتراف بان الإصلاح لن يأتي من الحكومة لأن لديهم قيودا ادارية ومصادر محدودة، لذلك توجد حاجة لتحرك اصحاب المصالح من غير الموظفين الحكوميين لفرض الاجندة الإصلاحية. وتعتبر غرفة التجارة واتحاد المصارف واتحاد الصناعيين والجمعية الاقتصادية من اهم اصحاب المصالح في الكويت وقدموا العديد من الاقتراحات الناجحة والمفيدة.
ان المؤسسات غير الحكومية تركز على مصالحها الضيقة، ولا يهمها تضخم الجهاز الاداري او عدم فعاليته الا اذا كان يمس مصلحتها الخاصة بشكل واضح. والاهم من ذلك، هو ان جمعيات النفع العام ترتبط بشكل مباشر او غير مباشر مع الجهات الحكومية، ولن تقوم بفرض اجندتها بطرق ميدانية.
لذلك، تتضح الحاجة لمؤسسة غير حكومية هدفها الإصلاح الاداري في الكويت، ولا يجب ان تكون هذه المؤسسة جزءاً من الأحزاب او المؤسسات القائمة، لكنها قد تتبنى الدراسات المتخصصة من مؤسسات النفع العام. وقد تقوم المؤسسة تحت مسمى «فريق الإصلاح الاداري» او «جمعية الإدارة الأفضل» او «مواطنون ضد الفساد». ويجب ان تكون المؤسسة قائمة على أسس عملية وعلمية واضحة، ومن المهم انتقاء أفراد الفريق بعناية. وتبقى الخطوة الأهم هي اعتماد آليات التنفيذ، وهنا تبرز الحاجة لمتطوعين لهم القدرة على تحليل المشاكل وطرح الحلول وتطبيقها.
تطبيق الحلول يحتاج خطوات واضحة للتدرج في الضغط. وتبدأ عملية الضغط المنضم بكتابة رسالة واضحة للمسؤولين وتوضيح المشكلة والحل وتوقيت تنفيذ الحل. ويجب ان توضح الرسالة كذلك الخطوات العملية التي سيقوم بها فريق العمل والتدرج فيها، وقد تشمل تلك الخطوات التشهير ومخاطبة النواب والوزراء وتنتهي الخطوات بالآلية الأكثر فاعلية في التأثير وهي التجمع المدني. وتعتبر خطوة التجمع المدني بسيطة لكنها ذات فعالية كبيرة، ويلزم اتخاذ تلك الخطوة استنفاذ جميع الخيارات التي تسبقها.
وبعد تحديد هدف فريق العمل وتوزيع المهمات والاتفاق على آليات التنفيذ، يبقى تحديد طريق التمويل وشروطه. ومن المهم جداً اعتماد شفافية كاملة لمصادر التمويل لضمان الحيادية، وقد يتم اعتماد مبلغ أقصى للتبرع من اي مؤسسة او شخص، وهنا يجب اعتماد مبدأ الاستقلالية وتنوع مصادر التمويل لضمان الاستمرارية وفعالية العمل.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه