التجارة فيه عادةً ما تكون مربحة من ناحية بيع الذمم والضمائر وإظهار بشاعة المتاجر فيه وانعدام قيم الدين والإنسانية لديه… ذلك هو سوق العبيد، وليس الحديث هنا عند استعباد البشر والاتجار بهم كرقيق، وهذا موجود أيضاً ورائج في قاموس الدواعش ومن لف لفهم، إلا أن القول هنا يتعلق بسوق العبيد الطائفي.
وهذا السوق لم يعد يعاني من الكساد بين الحين والحين، بل ميزته تكمن في وجود رؤوس كبيرة ممن استحوذ على هذه التجارة في الوطن العربي، حتى أصبحوا يعرضون البضائع الطائفية بأسعار أحياناً لا تتجاوز قيمة قبحهم! ومع ذلك، فلا توجد دولة عربية أو إسلامية صدقت في مقولتها الإعلامية الترويجية المجوفة ضمن (بروباغاندا) الحفاظ على السلم الاجتماعي واحترام الأديان والمذاهب والملل… كل ذلك كلام استهلاكي مكشوف حتى وإن انخدع به الملايين.. ولا دولة عربية أو إسلامية صدقت في تشديد صيانة حقوق الناس في أديانهم ومعتقداتهم وحقهم في الحياة الكريمة، ولم تصدق في محاربة تجار الطائفية، واكتفت بالعناوين الصحفية بأنها ستفعل… ولن تسمح… ويهمنا… وبيتنا واحد… والمواطنون سواسية… وتتوالى تلك العبارات التي لا يدري من صرح بها – أصلاً – من كتبها له ولماذا كتبها ولماذا يكذب على نفسه وهو يعرف حقيقةً أنه سلطان من سلاطين تجارة عبيد الطائفية.
سوق العبيد تلك تراها في كل دولة عربية وإسلامية… ولها بالطبع تجار ورواد وعشاق في البلدان غير الإسلامية، إلا أن ما يميز المجتمعات الغربية هي احترامها لقوانينها، فهي لا تدعي بأنها ستفعل وستفعل، بل تطبق القانون على الجميع… على الوافد المخالف والمتجاوز لحدوده بذات الدرجة والضبط الذي تطبقه على مواطنها المخالف والمتجاوز.
وكما يعلم الكثير من الناس، فإن هناك عبارة جميلة انتشرت في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل المجموعات الإلكترونية والمواقع تقول :»في الغرب… يعيش المسلمون من مختلف الطوائف، لكنهم لا يجرؤون على إثارة النعرات الطائفية أو ممارستها… فكل له حقوقه، أما في الأوطان العربية والإسلامية، فالطائفية يمسك بها الطرف القوي الذي يملك المال والإعلام والسلطة والنفوذ»… في الغرب، الذي لا يخلو بالطبع من التمييز والعنصرية والطائفية، هناك أطراف تفعل فعلها البغيض في بني البشر، لكن حين تصل إليها يد العدالة، فلا مجال هناك لتدخل الرؤوس الكبيرة كواسطات وكحماية لمن يشعل الصدام الطائفي أو يعمد إلى ازدراء الأديان أو يسفه معتقدات الناس وأفكارهم… لعلهم في الغرب يؤمنون بأن الحكم الأعدل هو عند الله سبحانه وتعالى… فلا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه (موحد) وغيره (مشرك)، وأنه (مسلم) وغيره (كافر)، ذلك أن مظاهر الإسلام من صلاة وملامح كاللحية والهندام مهما طال أو قصر، فهي ليست دلالة على تدين حقيقي… فهناك الملايين أصبحوا يمارسون (التدين المظهر) ويشتركون بأسهم عالية في تجارة العبيد.
وتجار الطائفية من العبيد الذين لا يطيقون تحمل معنى (الضمير… الحرية… احترام الرأي والرأي الآخر… المواطنة المخلصة… العمل المخلص لوجه الله)، لهم من القوة والمكانة بحيث يظهر خطرهم الكبير في تدمير الأوطان وتحويلها إلى حالة من المواجهة الدموية، حتى لو تقدم طرف للشكوى ضدهم وفق القانون، فإنهم يلقون من يحامي ويدافع عنهم بل وقبل ذلك يحصنهم لئلا يصل إليهم القانون ولا يطبق عليهم! وفي المقابل، هناك من يؤمن بحقوق كل مواطن… كل بني آدم… كل عرق وأصل… كل دين ومعتقد في الحياة الكريمة، واحترامه كإنسان، وهذا ما يواجهه بكل قوة… أقطاب سوق العبيد.
*همسة للحكومات العربية والإسلامية: تجار الطائفية وعبيد سوق الدمار هم عبارة عن قنابل فتاكة وأنتم تعلمون مدى فتكها والسلام.