مع كل مشاعر الغضب والإستياء الشعبي أثر ما نشاهده من قرارات و تصريحات متتالية حول بعض الحلول الترقيعية للأزمة الإقتصادية التي تتحدث عنها الحكومة كقرار رفع أسعار البنزين والتصريحات المشينه لأحد نواب المجلس بطلب إلغاء “التموين” واعطاء كل مواطن مبلغ ٢٠ دينار بدلاً عنه .
بالإضافة الى ما ارادت الحكومة ايصاله من خلال إبراز بعض الشخصيات إعلامياً لتسويق هذه الأمور بطريقة مدروسة ولتهيئ الشعب لما هو قادم كأمثال “بوقرطوع و بوكمبليين” ونائب “شارع الحب” وغيرهم .
نلاحظ أنها فشلت وأن الشعب قد إنفجر بركان غضبه فبات صوته عالٍ في كل محفل وإجتماع ليستنكر هذه الافعال ، التي لا تستهدف إلا جيوب المواطنين البسطاء أما “الهوامير” فجيوبهم مصانة ، ليصل بنا الحال بأن يرفع أبسط مواطن صوته بوجه الحكومة عالياً ليقول : “لماذا تريدون من الشعب ان يدفع ضريبة فشلكم يا حكومة” ؟!
الى أن وصل الموقف لدى البعض بأن يعلن ومن حساب جنوب السرة في شبكة “تويتر” عن مسيرة تستنكر هذه التصرفات تحت مسمى (مسيرة الغضب الشعبي) والتي تندرج تحت مبدأ التعبير عن الرأي ، الذي يكفله الدستور في المادتين ( ٣٦ و ٤٤ ) وكفله الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادتين ( ١٩ و ٢٠ ) و كفله الميثاق العربي لحقوق الإنسان في (البند ٦ ، ٧ من المدة ٤٢ والمادة ٣٣) بالاضافة الى (بعض البنود في المادة ١٩ و ٢١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
وعلى الرغم من كل هذا الإستياء الذي أعيشه حالياً “كحال أي مواطن” إلا أنني أرفض المشاركة في هذه المسيرة لعدة أسباب منها :
١- التوقيت المشبوه لهذا الإعلان خصوصاً بعد إتخاذ ما عرف بالقرارات الرياضية التي عزلت أحد الأقطاب المتصارعة التي دمرت الرياضة الكويتية ، مما يثير الشبهة أنه ومن معه وراء هذه الدعوة للإنتقام من خصومهم السياسيين .
٢- سرعة إستجابة رموز “المعارضة المبطلة” للدعوة وكأنهم بإنتظار أي إشارة من شأنها أن تحيي حراكهم ليتكسبوا منها وليستغلوها انتخابياً بعد عدولهم عن قرار المقاطعه السابق .
٣- تحريف الهدف الرئيسي من المسيرة والتي كانت مخصصة لرفض المساس بمقدرات “جيب” المواطنين وإستنكار زيادة أسعار البنزين ، لتصبح اسقاط حكومة ومجلس وغيره من الشعارات الفضفاضة التي تم إستيرادها من مسيرات “كرامة وطن” .
٤- المحيط الإقليمي الملتهب والذي من شأنه أن يزيد من أي شرارة بسيطة تخرج بالمسيرة لتتحول المسيرة الى ما لا يحمد عقباه ولا يرغب به أحد .
٥- الخوف من عودة الفوضى للشارع السياسي بعد أن وصلنا بحكمة الحكماء وبعد معاناة كبيرة لحالة الاستقرار التي نعيشها حالياً .
وهنا ومن خلال هذه الأسطر وبرفضي لهذه المسيرة ، لا أتهم الجميع بالمؤامرة لأنني أعلم أن هناك من سيشارك بالمسيرة من الشباب المخلصين الباحثين فعلاً عن مصلحة الكويت رغم إختلافنا مع مسلكهم العملي ، ويجب أن تعي الحكومة أن تخبطها وفشلها في إدارة البلد هو من أوصل هؤلاء الشباب لمثل هكذا تحرك .