تحدثنا كثيرا عن أهمية الإصلاح والذي من شأنه يمنح حياة مستقرة أفضل للمواطن والبلد، لكن للأسف الممارسات المجتمعية تؤكد أن ثقافتنا ما زالت غير قابلة لمثل هذا التوجه الإصلاحي المطلوب، خاصة عندما نجد الكل يبرئ نفسه من الخطأ ولا يعترف به وإن كان مسؤولا، وغالبا ما يضع اللوم على الآخرين للتغطية على عيوبه وتجاوزاته، ويحاول الاستفادة من الفوضى المجتمعية حسب الاستطاعة، وكأن عنوان الكل اصبح في ساحاتنا المجتمعية هو «أنا وعائلتي ومن خلفي الطوفان».
المصيبة التي نعيشها ولا نريد ان نعترف بحقيقتها هي ان الجميع يدعو للإصلاح بصورة برواز ليس اكثر، على سبيل المثال ندعو لإصلاح التعليم والصحة والتنمية وغيرها، ولكن عندما نجد من يدعون ذلك يتقلدون المناصب من أجل اصلاح الخلل، نفاجأ بأنهم يدرسون ابناءهم في مدارس خاصة وفي نفس الوقت يؤكدون ان التعليم الحكومي متميز، فكيف نصدقهم؟! وايضا في حالة مرضهم أو مرض أحد اقربائهم نجدهم يهرولون للعلاج بالخارج بأسرع وقت، وفي نفس الوقت يؤكدون أن الوضع الصحي لدينا متميز ومتقدم، فكيف نصدقهم؟! ايضا يؤكدون أن التنمية تسير على قدم وساق، وعندما يتركون مناصبهم لسبب ما نجدهم أول من يشن الهجوم على الحكومة وعلى تنميتها، بل يحاولون القفز على كرسي البرلمان مستخدمين نفوذهم وشعاراتهم ودعم المتصارعين، فكيف نصدقهم؟!
هذا الأسلوب الانتقامي اصبح هاجس السياسيين لأن حالتهم بخصوص الرضا من عدمه على الحكومة بات مرهونا بوضعهم السياسي، ان كانوا في مناصب عليا صمتوا عن التجاوزات وطبلوا للإنجازات وإن كانت غير موجودة أصلا، والمصيبة أنهم يعتمدون على ذاكرة الناس الضعيفة، وفعلا تجد هناك من يصدقهم ويطبل لهم! ولكن كيف للعاقل ان يصدقهم؟!
للأسف أسلوب الحكومات منذ عدة سنوات مضت جعل السياسيين لا يفكرون الا في مصالحهم الخاصة، حتى نجد انفسنا بين أشخاص جلبتهم المحاباة وهؤلاء لانعدام كفاءتهم تجدهم لا يرون في المناصب الا الوجاهة والمال، «وهات واخذ» حسب قدرك الاجتماعي، وإصلاح البلد للأسف أصلا مفقود في قاموسهم، والأدهى من ذلك ان هذا السلوك كان ساترا عليه سعر برميل النفط عندما كان اكثر من مائة دولار، أما الآن فالأمور اصبحت مكشوفة وإن لم ننتبه لأنفسنا ونغير من ممارساتنا فالأمور غير مطمئنة.. والكل يتحمل المسؤولية جراء ذلك.