أغلق باب الحديث الحكومي عن تطوير الجزر الخمس لخدمة السياحة الموعودة، وتم نفي الخبر الإعلامي أو التنصل منه. لم تبدِ الحكومة أي أسباب لتراجعها عن المشروع، ربما خجلت من عجز محتمل (أو مؤكد) لتحقيق المشروع، فمثل حجم هذا المشروع، كما طرحته الصحافة، سيصطدم بسبب التركيبة الإدارية والسياسية للدولة بجبال عالية من بيروقراطية متواكلة وقوى انتهازية ومحسوبية وحسد لا حدود له، أو ربما أغلقت الحكومة الحديث فيه، لخشيتها من صداع الرأس والقيل والقال الذي تثيره الجماعات المحافظة، التي لم يتردد بعض رموزها، وبمجرد طرح فكرة المشروع بالكويت، في نقده ومهاجمته بضراوة، وفي الوقت ذاته، وبالمفارقة، لم تتردد تلك الجماعات في كيل المديح لتجربة الإمارات، ودبي تحديداً، في الانفتاح السياحي كمصدر مهم من مصادر الدخل القومي للدولة.
لكن الحكومة بوعيها وإدراكها العميق، وكي لا تظهر بشكل العاجز المتردد القلق سارعت إلى عرض وافتتاح مشروع القرية أو المدينة المائية، الذي هو عبارة عن بالونات مائية بائسة تذكرنا بـ”الدوارف” القديمة والألعاب المتواضعة التي كانت تُجلب في الأعياد أيام زمان، وكما يقول المثل الشعبي “على قد لحافك مد رجلك”، أو على قدر عزيمة السلطة وإرادتها بتنويع مصادر الدخل، بعد أن تهاوت أسعار النفط مدت السلطة المترددة قدمها، لتخوض بحياء في مياه مدينتها المائية الضحلة… وفي النهاية، لم يكن مثل ذلك المشروع الحالم سوى أحد المشاريع القديمة المنسية عن تطوير الجزر، وكان رهين الأدراج الإدارية، يُسحب من هذا أو ذاك الدرج لفترة قصيرة لشغل الناس، ثم يُعاد إلى مكانه القديم ويُنسى لغد غير معلوم.
لم يكن مشروع تطوير الجزر أو أي مشروع آخر يمكن تصوره لدعم الدخل الوطني في مثل ظروف الدولة الاقتصادية الحرجة غير وهم من الأوهام التي قد يتصور السذج أن لدينا سلطة قادرة على التأقلم مع التحديات الحاضرة وتجاوزها، ويبقى يقينا أن التحدي الحقيقي الذي نواجهه الآن لن يكون بتصديق مثل تلك الأوهام الخاوية والجري خلف سرابها، بقدر ما يكون في مساءلة الإنفاق غير المسؤول، المتمثل في صفقات السلاح الضخمة، أو الهدر في أبواب الرشا السياسية، مثل العلاج في الخارج، و”تضبيط” الصفقات المالية للقلة المتنفذة، وغير ذلك من أبواب فساد وهدر ماليين، التي لا يختلف الأمر عند نجومها المحظيين الفرق بين سعر برميل النفط، سواء كان مئة دولار أو عشرين دولاراً.