أكثر مشروع يغريني لمزاولته والبدء به، هو مشروع مجلة إلكترونية متخصصة في رسوم الكاريكاتير. لكنني مازلت أتمنع وألعن الشيطان وأتباعه الذين سيحرضون أجهزة الدولة عليّ، فأروح في الرجلين، أو وراء الشمس، أو بإحدى هاتين العقوبتين الجميلتين.
والدولة تعتبر الكلام ذنباً ما لم يثبت أنه كصوت الطبل. وتعتبر الرأي جريمة ما لم يكن شتماً لخصومها. وتعتبر الكاريكاتير عملاً إرهابياً مكتمل الأركان ما لم تحتو الرسمة على مباخر ودفوف تزف المسؤولين.
ومع كل حدث، تراودني فكرة عن نفسها، وتقدّ قميصي من دبر، فأستعيذ بالله منها، فتبتعد عني قليلاً، وتقف في الزاوية وتسلهم لي بعينيها، وتداعب بأصابعها خصلات شعرها، فأكرر استعاذتي بالله منها، فتتمايل بخصرها، فأكرر استعاذتي بالله منها، وهكذا وهكذا وهكذا…
لست رساماً أبداً، ولا تجمعني بالرسم صلة ولا بصلة، بل على العكس، أنا أحد الذين يصيبهم تنمّل في البطن إن قيل لهم ارسموا كذا أو كذا، منذ أيام الطفولة. لكنني خير من يبث أفكاره السامة في عقل رسام مبدع.
وآه ما أكثر أفكاري السامة التي يضج بها رأسي في هذه الأيام. فهذه فكرة عن علم الكويت الذي تعمد مسؤولونا ألا يرتفع في أكبر محفل رياضي في العالم. وهذه فكرة عن نية الحكومة الاقتراض بعد سنوات من تحقيق الفوائض المالية، وتلك السيدة التي تشفط أموال زوجها الثري وتبيع أثاث منزلها الفاخر لتصرف على عشيقها. وهذه رسمة يظهر فيها لصوص البلد منتفخي الأوداج والجيوب والكروش، في مظهر معين، لا يمكن نشره هنا، ويتحدثون عن الوطنية والتضحية وحق الوطن على المواطن، فيرد المواطن البسيط عليهم بجملة واحدة، لو كتبتها هنا لطلب محاميّ من القاضي مهلة لدراسة القضية.
نحن يا صاحبي في زمن الخنق العظيم. وتحت رقابة وزارة إعلام، تحكمها عقلية أمنية ملثمة، تنشر قناصيها فوق سطوحنا، ليتنافسوا في قتل أفكارنا وطموحاتنا. فسحقاً للكاريكاتير، وأم الكاريكاتير، وخالته الفاضلة، وجيرانه الكرام. انسَ وتعال معي نغني مع ماجدة الرومي: أنا عم بحلم.