ليست الصدفة التي أوصلتنا الى الحال المزري الذي تعيشه المنطقة العربية، فبعد 100 عام على ثورة العرب الكبرى عام 1916 ضد حكومة الاتحاد والترقي الشوفينية التركية التي قامت على اضطهاد العرب على أعراقهم لا أعمالهم، وبعد قرن على مقولة الزعيم المصري الكبير سعد زغلول بأن العرب صفر ومصر صفر وناتج جمع الأصفار صفر كبير وقد فات الزعيم في مقولته تلك ان العرب سيتحولون خلال الـ 100 عام اللاحقة الى أرقام صحيحة كبرى إشكالها ان بعضها موجب وبعضها سالب، لذا ينتهي ناتج جمعها في كل مرة الى.. صفر كبير!
***
وخلال الفترة الممتدة من 1916 الى 2016 عملت بعض القيادات العربية المخلصة على وحدة العرب وتقويتهم، بينما عملت خلال المدة نفسها قيادات عربية اخرى وبشكل مخادع ترفع من خلاله رايات الوحدة القومية، ولاحقا الوحدة الاسلامية، وهي تعمل على العكس من ذلك تماما حتى اوصلونا للحال القائم الذي لم يعد العراقي فيه يطيق العراقي، بل يقوم بسفك دمه وتدمير منزله وتهجيره على الهوية من وطنه، والحال كذلك مع السوري والليبي واليمني واللبناني والصومالي والفلسطيني ..الخ، في أوضاع أسوأ بكثير من أيام الجاهلية الأولى وحتى من ايام الاستعمار الاسلامي ممثلا في الأتراك والصفويين، والاستعمار الغربي ممثلا في الانجليز والفرنسيين، فمن كان يقتل ويعدم ويهدم هم الغرباء لا الأشقاء في حقبة الإخوة الأعداء التي نعيشها.
***
ممن عمل خلال الـ 100 عام الماضية على وحدة العرب وتقويتهم ومنع تقاتلهم والحفاظ على ثرواتهم وأراضيهم هم شخصيات أمثال الملك عبدالعزيز آل سعود، والشيعة من زعماء ثورة العشرين في الفرات الأوسط والتي ما قامت الا لنصرة الثورة في الموصل وتلعفر ودير الزور السنية، وزعماء الثورة السورية الكبرى بقياداتها الدرزية والعلوية والسنية التي رفضت الدويلات الطائفية التي منحتها فرنسا لهم، والملك فاروق ملك مصر والسودان، والملك إدريس السنوسي موحد ولايات ليبيا الثلاث، والرئيس شكري القوتلي الذي منح بطيب خاطر كرسي رئاسة سورية للرئيس المصري جمال عبدالناصر، والأمير الوحدوي البدر ولي عهد اليمن الذي أرغم والده على الانضمام للوحدة المصرية ـ السورية، والشيخ زايد موحد الإمارات السبع، والشيخ جابر الأحمد صاحب فكرة مجلس التعاون الخليجي.
***
يقابل هؤلاء شخصيات ساهمت بقصد او من دونه خلال الـ 100 عام الماضية في تدمير فكرة القومية والوحدة العربية ممن أساءوا بشكل شديد للعلاقات العربية ـ العربية ضمن شعوبهم وبلدانهم او في علاقة دولهم مع الدول العربية الأخرى، وتسببوا في انفصال أجزاء من دولهم او دول كانت في حالة وحدة معهم، ومن هؤلاء الرئيس جمال عبدالناصر (دون قصد وبتأثير من مستشاره الأوحد هيكل)، وعبدالكريم قاسم (بتأثير من الاتحاد السوفييتي المقاوم لفكرة الوحدة القومية لصالح وحدة الطبقة العاملة)، وسلمان الأسد وابنه حافظ الأسد وحفيده بشار الأسد ومعهم بسبق وإصرار وترصد صدام حسين والقذافي والنميري والبشير وعرفات والسادات وداعش والحوثيون وجميع الأحزاب الطائفية المسلحة بمختلف مسمياتها والشعارات الوحدوية الكاذبة التي ترفعها.
***
آخر محطة: حافظت اتفاقية سايكس ـ بيكو ومثلها مشروع حلف بغداد على كينونة الأوطان العربية الكبرى، كما يعتبر وعد وزير الخارجية البريطاني العروبي (ARABIST) انتوني ايدن في مجلس العموم عام 1942 المتعاطف مع اماني الوحدة العربية القريب في مفرداته لكلمات وعد بلفور عام 1917 والوعدان لم يفعلا شيئا بذاتهما بل ما أضرنا وضيّع بلداننا هي اخطاؤنا الكبرى بازدراء زعاماتنا المخلصة وتوقيرنا للزعامات الثورية المشبوهة التي بنت لنا قلاعا من رمال تساقطت مع رياح السموم التي أتى بها.. ربيع العرب!