يكتب التاريخ أحداث منطقتنا هذه الايام وهو يكاد يستلقي على ظهره من الضحك على أحوالنا المأساوية، ويتساءل التاريخ ودموعه تنهمر على الورق، كيف للعرب أن يصدقوا ما يسمعون من أن العالم يقف ضد الحروب الاهلية القائمة في دول منطقتهم وضد التنظيمات المتوحشة الخارجة عن شرعية الدول وهم يرون بأم أعينهم كم الاسلحة الحديثة والمركبات الجديدة والأموال والثروات الهائلة التي تتمتع بها تلك التنظيمات التي لا يُعرف الكثير عن قادتها، فإن كان العالم ضد الحروب وضد التنظيمات المتطرفة، فمن الذي يزودهم بالاسلحة والذخائر، ولم يعرف عنهم أو عن حلفائهم الاقليميين القدرة على صنع طلقة رصاص واحدة؟!
***
ومما يضحك عليه كاتب التاريخ، من يصدق بحق أن تنظيم داعش يدافع عن العرب السنّة وهو الذي ما خُلق إلا لسفك دمائهم وتدمير مستقبل أبنائهم وتهجيرهم من أوطانهم ومناطقهم والتفريط في أراضيهم بعد أن تسبب في العداء الشديد لهم من قبل جيرانهم، حيث مهد تنظيم داعش لمعركة الرقة القائمة عبر التدمير الكامل لمدينة «كوباني» الكردية دون مبرر لينسحب منها التنظيم لاحقا ويمهد لانتقام الاكراد وميليشياتهم من أهالي الرقة وضم أراضيهم للدولة الكردية الموعودة، تماما كما مهد تنظيم داعش لمعركة الفلوجة بسلسلة تفجيرات ضخمة أصابت الأحياء الشيعية الشعبية الفقيرة شرق بغداد لخلق ردة فعل انتقامية لدى منضوي الحشد الشعبي، ولازال أهالي الفلوجة يعانون الأمرين من تنظيم داعش الذي يحرمهم الغذاء ويقوم قناصته بقتل الأبرياء من الأهالي ممن يودون مغادرة المدينة.
***
آخر محطة: (1) في الكويت قبضت السلطات على وافد عربي يدعى محمود الحرباوي لاستيلائه دون وجه حق على أموال طائلة جمعها من السنّة والشيعة عن طريق النصب والاحتيال بعد أن تلوّن كالحرباء بين المذاهب والتنظيمات الاسلامية الصوفية والسنية والشيعية.
(2) وكان الواجب أن يشكر الحرباوي بدلا من أن يعاقب كونه كشف دون قصد بعمله أحد أكبر الإشكالات التي تتسبب في إثارة النعرات والحروب المذهبية، فما ان قام الحرباوي بتربية لحيته واسبال ثوبه الديني وتبسمل وتحوقل حتى سلمت له المنابر السنية والشيعية دون أن يسأله أحد عن مؤهله لتسنم وتسلم ذلك المنصب المهم الذي يؤهله لقيادة الجموع للخير أو الشر، ومن يقول ان الزعامات المتحاربة على الارض العربية من لوردات الطوائف والمذاهب التي تقود الاتباع للحروب المدمرة ليسوا من شاكلة الحرباوي مع فارق انهم لا يحصدون آلاف الدنانير كحاله، بل يجنون الملايين وربما المليارات لحرق الأوطان وبيعها في أسواق النخاسة الاقليمية والعالمية؟ من يدري؟