حتى أكون واضحاً منذ البداية، فإنني أقصد بتيار الإسلام السياسي الجماعات والتكتلات الإسلامية المعتدلة والوسطية في العالم الإسلامي، كالإخوان المسلمين في مصر وحزب العدالة والتنمية في تركيا والحركة الدستورية الإسلامية في الكويت والجماعة الإسلامية في باكستان وبنغلادش.. وغيرها من الجماعات، التي تنتهج السلمية والانتخابات وسيلة لتحقيق أهدافها، وترفض العنف والتطرف في مناهجها.
منذ فترة ليست قصيرة، مارس خصوم هذا التيار حرباً إعلامية مركزة عليه وعلى تشكيلاته وأتباعه، واستعملوا جميع الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، من أجل تشويه صورته وإظهاره بصورة مغايرة للحقيقة والواقع، وابتدعوا طرقاً تتنافى مع منهجية الإعلام الرصين من أجل تحقيق أهدافهم، فعرضوا هذه الجماعات بصورة الأحزاب المتطرفة التي تمارس العنف وسيلةً لها، وتمكنوا من إقناع دول لتصنيف بعضها ضمن الجماعات الإرهابية، وهم يدركون جيداً، قبل غيرهم، أنها جماعات لم تطلق رصاصة واحدة في مسيرتها، ولو سألت نفسك: ما دوافع الخصوم لتشويه هذا التيار المعتدل؟ لكان الجواب: إنه الاعتدال (!!). نعم، إنه الاعتدال في المنهج، والوسطية في الفكر، والعقلانية في الأسلوب.. كلها جعلت الخصوم يدركون أن جماعات هذا أسلوبها وهذا منهجها لا بد أن تحوز رضى وقبول الشعوب العربية والإسلامية المقهورة من تجارب الأنظمة الليبرالية والعلمانية الفاسدة التي سيطرت على مقدرات الأمة طوال ثمانين عاماً، مارست ضدها الدكتاتورية بأبشع أشكالها، وقمعت حرية الرأي وحرية الاعتقاد، لذلك من المتوقع أنه وفي أول استحقاق نزيه ستكون هذه الجماعات هي البديل! لذلك تم التركيز على هذا التيار المعتدل لإزاحته من الواجهة؛ بشيطنته وتصنيفه في قائمة الإرهاب وتسخير أروقة الأمم المتحدة ودهاليز الجامعة العربية والمجالس الإقليمية لتبني هذه القوائم! وتم تلبيس هذا التيار كل مشاكل الأمة وتحميله سبب تخلفها، علماً بأن معظم هذه الجماعات كانت تعيش في السجون والمعتقلات أكثر من العيش في مساكنها وبين ذويها!
لذلك لا نستغرب أن نسمع من يقول إن سرقة المال العام هي القاعدة بعد أن كانت هي الاستثناء قبل الصحوة «اللامباركة»! وأقل الشعوب تعليماً يدركون أن جميع سرقات المال العام عندنا تمت من أشخاص يحملون فكراً ومنهجاً هو أقرب إلى الفكر الليبرالي والمنهج العلماني من غيره! لكن الرغبة في التشويه تطغى على المنهج العلمي في مناقشة الخصوم وتقييمهم! ويذكرني بمقولة أحدهم ينقل عن أحد المسؤولين في هيئة الإعاقة قوله: «آلاف حالات الإعاقة المزيفة شارك أطباء – ومن أحزاب دينية – على صحتها»!
قاتل الله الفجور في الخصومة!