العزاء الحار لجمهورية مصر العربية التي تكالبت عليها الخطوب، وللإخوة في «مصر للطيران» ولأهالي ضحايا حادث الطائرة المصرية MS804 ومنهم أهالي الدكتور الكويتي عبدالمحسن المطيري على المصاب الجلل وأسرع الله من جهود عمليات البحث الرامية للوصول لحطام الطائرة المنكوبة كي يتم الدفن اللائق للضحايا ومعرفة أسباب الحادث بالسرعة الممكنة.
***
احتمالات أسباب حادث الطائرة المصرية MS804 القادمة من باريس هي: أولا: زرع قنبلة بالطائرة وليس بالضرورة من مطار باريس التي بقيت به الطائرة فترة ترانزيت قصيرة لم تتجاوز الساعة ـ وهو ما ذكرنا مثله إبان حادث «الروسية» من مطار شرم الشيخ ـ بل قد يكون زرع القنبلة في حادثتي الطائرتين المصرية والروسية تم قبلهما في أحد المطارات التي مرت أو باتت بها الطائرة أو تعرضت لأعمال صيانة مطولة حيث من الصعب ـ ولا نقول من الاستحالة ـ زرع المتفجرات إبان دقائق المكوث في مطارات الترانزيت، حيث يحيط بالطائرة منذ الثانية الأولى للوصول حتى الثانية الأخيرة قبل تحركها رجال تنزيل وتحميل العفش والفنيون ورجال تزويد الطائرة بالوقود ورجال الأمن، إضافة الى قيام الطيارين بجولة فحص فني حول الطائرة (WALK AROUND CHECK) والغريب ان نظرية زرع القنبلة في مطار آخر غير مطار الإقلاع والذي تم مثله في حادث «البان ام» الشهير عام 1988، لم يتحدث به احد عدا ما كتبناه وذكرناه في اللقاءات الإعلامية بعد حادث الطائرة الروسية قبل 6 أشهر، أصبح جميع الخبراء الدوليين يتحدثون به الآن مع حادث الطائرة المصرية ويتابعون الرحلات السابقة للطائرة الى ارتيريا وتونس، بينما لم يتحدثوا عن الرحلات السابقة لطائرة متروجت الروسية قبل الوصول لمطار شرم واحتمال زرع القنبلة في احداها بدلا من لوم مصر ومقاطعتها ومن ثم معاقبة المجني عليه بدلا من معاقبة الجاني وهو ما يخدم في النهاية الاشرار الداعشيين الذين ما فجروا الطائرة الروسية الا للإضرار بمصر. يتبقى ان النظرية المضادة لنظرية تفجير الطائرة المصرية تعتمد على ما ذكر من ان صور الاقمار الاصطناعية لم ترصد حريقا او انفجارا بالطائرة المصرية قبل سقوطها، كذلك فانفجار على ارتفاع 37 ألف قدم يجعل الحطام ينتشر ويطفو على مساحة واسعة من البحر تسهل الوصول إليه، وهذا ما لم يحدث وكأن الطائرة قد سقطت في البحر وهي قطعة واحدة، وكذلك ينفيها ما قيل من انخفاض حاد للطائرة لارتفاع 10 آلاف قدم وهو الارتفاع المقرر الذي يتجه له الطيارون عند تخلخل الضغط، كما الانحرافات التي رصدت للطائرة ـ يمينا وشمالا وهي كتلة واحدة تنفي كذلك احتمالية الانفجار على الارتفاعات الشاهقة وتفكك الطائرة بالتبعية.
***
الاحتمال الثاني: مرتبط كذلك بـ«داعش» وقدرته الشريرة والمتميزة والمتكررة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للسيطرة على عقول، ليس فقط الشخصيات الجاهلة، بل حتى المتعلمة كالطبيب والمهندس والجامعي، كما حدث في السعودية وباريس ولوس انجيليس.. الخ، وقد يكون التنظيم قد استخدم ذلك التأثير المدمر للسيطرة على عقل احد الركاب ودفعه للمباغتة ودخول كابينة القيادة، او الاخطر ان يكون اثر على احد افراد طاقم الطائرة وجعله يسعى لتدميرها عبر توجيهها نحو البحر وقد تحطمت خلال السنتين الماضيتين طائرتان مدنيتان بسبب اعمال احد افراد طاقم الطائرة ولدوافع مختلفة حيث تم توجيه احداهما إلى المحيط والثانية إلى الجبال!
***
الاحتمال الثالث: هو انفصال جزء كبير من الطائرة لأسباب فنية ما ادى الى تخلخل سريع بالضغط وإفراغ الطائرة بالتبعية من الهواء والأوكسجين على ارتفاع 37 الف قدم وهو ما سيعطي الطيار ثواني قليلة جدا لفك كمام الاوكسجين ولبسه وقد سبق في حوادث مماثلة ان فقد الطيارون وعيهم بسبب تخلخل الضغط وهم في طريقهم للانحدار السريع بالطائرة كما تقتضي التعليمات للوصول للارتفاعات المنخفضة، ومن ثم تستمر الطائرة في النزول حتى تصل للارتفاع المقرر مثل 10 آلاف قدم الا ان فقدان وعي الطيارين وعدم دفع المحركات لإبقاء الطائرة على ذلك الارتفاع يجعلاها تسقط ثانية بالبحر.
***
الاحتمال الرابع: وهو ما تم تعلمه من بعض حوادث الطيران العالمية وفي المنطقة وهو انه لا حدود للإبداع البشري في الخطأ، فهناك أخطاء وأمور لا يتصورها عقل حتى تأتي الصناديق السوداء بالحقائق المجردة ولا تعطي ساعات الطيران مهما زادت او الخبرة على الطائرات مهما طالت حصنا ومناعة ضد الأخطاء البشرية وبعضها مرتبط بمحدودية القدرات البشرية على التعامل مع المتغيرات والأجهزة المعقدة!
***
آخر محطة: (1) ما نرجوه تعلما من حادث «الروسية» الذي انتهى بكارثة مقاطعة السياحة في مصر هو القيام بأمرين مهمين الأول: الشفافية المطلقة مع الاحداث والتي تعطي المصداقية والمهنية والاحتراف وفرض احترام الجهات المسؤولة عن التحقيق وما يأتي منها على الآخرين، وعدم السكوت عن اشاعات تعطي دلالات خاطئة بأن هناك من يحاول إخفاء او توجيه الأنظار بعيدا عن الأسباب الحقيقية لما حدث!
(2) الأمر الثاني: عدم رفض او فرض سيناريو مسبق محدد على الحدث مثل محاولة الرفض المسبق لسيناريو التفجير في حادث شرم، او فرض سيناريو التفجير في حادث باريس ولتظهر الجهات المعنية بالتحقيق حياديتها المطلقة قبل بدئه!