اليوم تحوّل التدخل الإيراني في سوريا إلى احتلال كامل! فما تفعله الميليشيات الإيرانية والعراقية في سوريا، المدعومة بمرتزقة أفغان وباكستانيين ولبنانيين، تجاوز مفهوم التدخل إلى الاحتلال ومسك الأرض! وأصبحت إيران تدير واقع المعركة من دون أن يكون للأسد خيار إلا القبول بالأمر الواقع ما دام أنه يطيل مدة بقائه على العرش! وقد شاهد العالم ما قامت، وما زالت تقوم به هذه الميليشيات المجمعة من كل صوب داخل المدن السورية التي تدخلها، ولعل آخرها المجازر التي ما زالت تجري ضد البشرية والإنسانية في مدينة حلب الشهباء، التي تحولت إلى حمراء؛ بسبب الدماء التي غطت كل شبر من حيطان ما تبقى من مبانيها! كل هذه الجرائم تجري بمباركة فعلية واستنكار إعلامي فقط من أميركا والاتحاد الأوروبي، بينما ما زال المغفلون من أبناء الأمة يأملون منهم الضغط على إيران وروسيا لوقف هذه المجازر! ويتناسون أن كل ما يجري هو جزء من الاتفاق النووي بين إيران والغرب.
اليوم، كما نرى، إيران تتوجه إلى تنفيذ البند التالي من الاتفاق وهو احتلال العراق!
نعم، احتلال العراق هو الخطوة التالية لاستكمال الصورة التي رسمتها السياسة الغربية في المنطقة للشرق الأوسط الجديد.
اليوم ستعلن أميركا أن الأمور في العراق خرجت عن نطاق السيطرة، كما أعلن وزير خارجيتها قبل أيام عن الوضع في سوريا! وستعلن سحب جنودها وإغلاق سفارتها؛ بسبب الفوضى التي أوجدتها سياستها طوال سِني احتلال العراق وأدت إلى هذه الفوضى، أما إيران فستكون هي الحل الوحيد المتاح لإعادة النظام وضبط الأمن في العراق، وقد بدأت في تنفيذ المشهد الأول من الفصل الأخير للمسرحية الدموية باحتلال البرلمان والمنطقة الخضراء من قبل ميليشيات مقتدى الصدر، المعروف بعلاقاته مع إيران. وربما سنسمع قريباً دخول منظم لقوات إيرانية تحكم قبضتها على مقاليد الأمور في بغداد والمدن العراقية الكبرى.. كل هذا يقابله صمت خجول من الاتحاد الأوروبي؛ سيتحول إلى إعلان يبارك فيه سياسة ضبط الأمن التي تمارسها إيران في العراق.
أميركا والغرب يعلمون جيداً أن إيران تتمسكنُ لهم إلى أن تتمكن، وهم يدركون ذلك جيداً، لكن هذا لا يغير من الأمر شيئاً إن كان يحجم من يعتقدون أنه خصمهم اللدود، وهو التيار السني المنظم في العراق ودول الخليج العربي، ولذلك نراهم يضحون بعلاقتهم التاريخية مع السعودية ودول الخليج من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي بالنسبة إليهم!
نحن في الخليج مطلوب اليوم شيء واحد فقط، وهو أن نعرف من هو عدونا الحقيقي بعد أن زرعوا فينا طوال السنوات الخمس الماضية صورة لعدو أثبتت الأيام أنه ليس عدواً، وأن العدو الحقيقي هو من يخطط اليوم لتغيير جذري في مراكز القوى في المنطقة وتحجيم الحكومات وجعلها تابعة لغير إرادتها، وهنا يبرز دور الشرطي الجديد للمنطقة..!